ريف حلب الشماليّ – سوريا: أقيمت الجلسة الثانية من مبادرة "طبخة وحكاية" في مدينة الأتارب بريف حلب الغربيّ في 27 تمّوز/يوليو، وكانت الحكاية لأمّ كرموا، وهي سيّدة حلبيّة مهجّرة تقيم في الأتارب تحدّثت خلال الجلسة أمام مجموعة من نساء المدينة والنساء المهجّرات من محافظات سوريّة مختلفة، عن مدينتها حلب ورحلة التهجير ودور المرأة الحلبيّة في الثورة. كما تحدّثت في حكايتها عن العادات والتقاليد في الطبخ والزواج والعلاقات الاجتماعيّة ووضع حلب منذ انطلاقة الثورة السوريّة.
وحضرت الجلسة الثانية 20 امرأة من النساء. وبعد انتهاء الحكاية، قامت أمّ كرموا بطبخ أكلة حلبيّة مشهورة للنساء، وهي المحاشي، وقدّمت النساء الحاضرات المساعدة لإنجاز الطبخة وشاركت النسوة في ما بعد في طعام الغداء.
التقى "المونيتور"، أمّ كرموا، التي قالت: "بدأت الجلسة عند العاشرة صباحاً، وكان في المركز المدنيّ حوالى 20 امرأة من مناطق سوريّة مختلفة، حكيت لهنّ عن أهمّ المواقع الأثريّة في حلب التي كنّا نعتاد زيارتها في النزهات، مثل قلعة حلب والحدائق العامّة والسوق المسقوف. وأكّدت للنساء أنّ المرأة الحلبيّة كانت لها مشاركة فعّالة، إلى جانب الرجال، في الثورة، إذ أنّ هناك نساء عملن في التمريض وتقديم الإسعافات إلى مقاتلي الجيش الحرّ. كما شاركت النساء في المظاهرات والنشاط المدنيّ والإغاثيّ والتعليميّ في ظلّ الثورة".
أضافت أمّ كرموا: "فكرة مبادرة طبخة وحكاية رائعة، تعرّفت من خلالها على صديقات جدد وثقافات سوريّة جديدة. أمّا الطبخة التي قدّمتها إلى النساء فهي المحاشي، وهي أكلة مشهورة في حلب. وبعد الانتهاء من الحوار وحكايتي عن حلب وعاداتها، بدأنا بطبخ المحاشي وساعدتني صديقاتي الجديدات بتقطيع الكوسا وحشوه بالأرز واللحم. لقد اكتشفت أنّ طريقة طبخ المحاشي الحلبيّة تختلف عن المحاشي الشاميّة والحمصيّة، فنحن في حلب نضع الكثير من البهارات الحارّة، بينما يضع أهل حمص للمحاشي النعناع مع الأرز واللحم".
وكان فريق "تطوّع لنبني"، بالتعاون مع المركز المدنيّ في الأتارب، أنهى الجلسة الأولى من مبادرة "طبخة وحكاية" في 20 تمّوز/يوليو. وخلال الجلسة الأولى، تمّت استضافت أمّ محمّد، وهي مهجّرة من مدينة حمص.
التقى "المونيتور"، أمّ محمّد، التي قالت: "كنت سعيدة جدّاً بحضور مبادرة طبخة وحكاية، إذ أتاحت لي الفرصة للتعرّف على نساء من محافظات سوريّة أخرى أتقاسم معهنّ هموم التهجير وآلامه. لقد حكيت لهنّ عن عاداتنا الاجتماعيّة في حمص والأكلات التي تبرع نساء حمص بها، وطريقة طبخ الكبّة المشويّة التي تعتبر من الأكلات المميّزة في حمص، النساء الحاضرات أحببن الطبخ الحمصيّ".
والتقى "المونيتور" مسؤولة التنسيق في مبادرة "طبخة وحكاية" لينا مصطفى، التي قالت: "في بداية الجلسة، يتمّ التعارف بين النساء والمناطق القادمات منها وعمل كلّ امرأة. ثمّ يبدأ الحوار عن دور المرأة في الثورة السوريّة في المظاهرات وكتابة لافتات وأنشطة النساء التي كنّ يمارسنها، في ظلّ الثورة في مناطقهنّ التي تهجّرن منها".
أضافت لينا مصطفى: "في الجلسة الأولى، بدأت أمّ محمد بالحديث عن مدينة حمص وبداية المظاهرات، وتمّ عرض صور عن مدينة حمص وفيديوهات متعلّقة بمظاهرة ساحة الساعة وصور توضح دور النساء في المظاهرات وفي مساعدة الجرحى من المتظاهرين السلميّين، والعادات والتقاليد، والمناطق الأثريّة كجامع خالد بن الوليد، والطبخات المشهورة في مدينة حمص وممّا تتكوّن، وتشاركت هي والنساء في تحضير الكبّة المشويّة، وتشاركن الغداء معاً".
وفي هذا الإطار، التقى "المونيتور" مدير المركز المدنيّ في مدينة الأتارب محمّد شاكردي، الذي قال: "إنّ مبادرة طبخة وحكاية هي مبادرة تطوعيّة اجتماعيّة ينفّذها فريق تطوّع لنبني، بدعم من المركز المدنيّ في مدينة الأتارب، وتهدف إلى تقوية العلاقات الاجتماعيّة بين النساء المقيمات والمهجّرات والنازحات وزيادة الإلفة والمحبّة بينهنّ. كما يهدف هذا النشاط الاجتماعيّ إلى التخفيف من الآثار النفسيّة التي تنتج من وجود النساء المهجّرات والنازحات، بعيداً عن ديارهنّ وفي وسط اجتماعيّ جديد".
أضاف: "إنّ فكرة المبادرة جاءت نتيجة حركات النزوح الدائمة والتهجير الذي تمّ من مختلف المحافظات السوريّة إلى مناطق سيطرة الجيش الحرّ في الشمال السوريّ بريف حلب وإدلب. وكان لا بدّ من مبادرة تخفّف من معاناة النساء، وتعمل على زيادة التواصل مع المجتمع المضيف وتخفيف النظرة السلبيّة تجاه النازحين والمهجّرين من قبل السكّان الأصليّين في الأتارب بريف حلب الغربيّ".
وتابع: "تقوم المبادرة على إقامة أربع جلسات تضمّ كلّ جلسة أكثر من 20 امرأة من المقيمات والنازحات والمهجّرات. وفي كلّ جلسة، تتحدّث واحدة منهنّ عن مدينتها، وتتناول في حكايتها تاريخ المدينة وعاداتها وتقاليدها، إضافة الى دور النساء في بداية الحراك المدنيّ الثوري ضدّ النظام وتبادل القصص والإجابة على أسئلة الحاضرات. وفي نهاية كلّ جلسة، تكون هناك طبخة لأكلة مشهورة في المدينة التي تمّ الحديث عنها خلال الجلسة. لقد أنهينا جلستين، الأولى تحدّثت فيها امرأة مهجّرة من مدينة حمص، والثانية تحدّثت فيها امرأة نازحة من مدينة حلب، وهناك جلسات مقبلة خلال شهر آب/أغسطس، تتحدّث فيها نساء من دمشق ودير الزور والرقّة".
وكذلك، التقى "المونيتور" مديرة مكتب المرأة ورعاية الطفولة التابع لمجلس محافظة حلب الحرّة حنان عرابي، التي قالت: "تشرّفت بأن أكون ضيفة على النساء في مبادرة طبخة وحكاية. إنّ الفكرة رائعة، وهي تهدف إلى تشجيع العلاقات بين النساء المهجّرات والنازحات والمقيمات، وتبعث الأمل في نفوس العائلات التي ما زالت تشعر بالوحشة، بسبب ابتعادها عن منزلها ومدينتها الأمّ".
من جهتها، قالت الناشطة الاجتماعيّة أسماء محمّد المحمود لـ"المونيتور": "كنت إحدى المدعوّات إلى المبادرة، النساء تفاعلن معها بشكل غير متوقّع، الجميع أحبّها، وأعتقد أنّ هذا النوع من المبادرات يسهم إلى حدّ كبير في تحقيق الدمج المجتمعيّ بين النازحين والمجتمعات المحليّة. يجب أن يتمّ تعميم هذه المبادرة لتشمل مدناً وبلدات أخرى في ريف حلب لتعزيز الروابط الاجتماعيّة بين النساء من مختلف المحافظات".