القاهرة: عقد وزراء الخارجية العرب، اجتماعًا طارئًا بمقر جامعة الدول العربية يوم 12 تشرين الأول/أكتوبر، بدعوة من مصر؛ لمناقشة الهجوم التركي على شمال شرق سوريا الذي بدأ يوم 9 تشرين الأول/أكتوبر.
وأدان وزراء الخارجية العرب في البيان الختامي للاجتماع الطارئ (بـ 12 تشرين الأول) "العدوان التركي على سوريا"، مطالبين بانسحاب تركيا الفوري وغير المشروط من كافة الأراضي السورية، إلى جانب "النظر في اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة العدوان التركي، بما في ذلك خفض العلاقات الدبلوماسية، ووقف التعاون العسكري، ومراجعة مستوى العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياحية مع تركيا".
وصف الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، في كلمته بالاجتماع، الهجوم التركي بأنه "غزو لأراضي دولة عربية وعدوان على سيادتها". فيما قال وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم (خلال الاجتماع) إن الهجوم التركي "يعد تصعيدًا خطيرًا سيؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية (...) ويعزز قدرة الإرهابيين على إعادة تنظيم فلولهم".
واعتبر مساعد وزير الخارجيّة المصري الأسبق للشؤون العربيّة السفير أحمد القويسني، في تصريحات هاتفية لـ"المونيتور"، أن دعوة مصر لعقد جلسة طارئة للجامعة العربية؛ يأتي للاتفاق على موقف عربي متماسك بشأن الاعتداء التركي على الأراضي السورية، بالتزامن مع مناقشة القضية في مجلس الأمن، مضيفًا: "من المهم أن يجد المجتمع الدولي موقفًا عربياً واضحًا صِيغ بشكل جماعي في إطار الجامعة العربية، خاصة أن هذه القضية تهدد الأمن الإقليمي".
وأوضح أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي، في تصريحات لـ"المونيتور"، أن دعوة مصر لاجتماع الجامعة العربية؛ لتحديد الموقف العربي من العملية التركية التي أطلق عليها "نبع السلام"، انطلاقًا من القاهرة، مضيفًا: "مصر تقود تحركًا بالتنسيق مع دول عربية منها الأردن والسعودية، ودول أخرى منها قبرص واليونان لتحجيم التحرك التركي وعدم تمدده داخل سوريا".
وجاء اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة، ضمن تحركات مصريّة عدّة، ضد العملية العسكرية التي قادتها تركيا في سوريا، إذ ناقش الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الهجوم التركي، في قمة ثلاثية يوم 8 تشرين الأول/أكتوبر، مع الرئيس القبرصى، نيكوس أناستاسيادس، وكيرياكوس ميتسوتاكيس، رئيس الوزراء اليوناني.
وبحسب البيان الختامي للقمة الثلاثية (الصادر يوم 8 تشرين الأول)، أعرب رؤساء الدول والحكومات الثلاثة "عن قلقهم العميق من العملية العسكرية غير القانونية وغير المشروعة التي أعلنت تركيا شنها في الأراضي السورية"، وأكدوا ضرورة العمل للحفاظ على وحدة الدولة السورية وسلامتها الإقليمية.
كما أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا يوم 9 تشرين الأول/أكتوبر، طالبت فيه، مجلس الأمن، بـ"التصدي لهذا التطور (العملية التركية) بالغ الخطورة الذي يُهدد الأمن والسلم الدوليين، ووقف أية مساعٍ تهدف إلى احتلال أراضٍ سورية أو إجراء هندسة ديمغرافية لتعديل التركيبة السكانية في شمال سوريا".
واتفق الرئيس السيسي، ورئيس العراق برهام صالح، على استمرار المشاورات الثنائية لدعم العمل العربي للتصدي للخطوة التركية وللحفاظ على سلامة ووحدة سوريا، وذلك خلال اتصال هاتفي بينهما يوم 9 تشرين الأول/أكتوبر.
وفي اليوم التالي؛ بحث السيسي في القاهرة مع ملك الأردن عبدالله الثاني، الأوضاع في سوريا، حيث تم التوافق على التوصل إلى تسوية سياسية شاملة تنهي معاناة الشعب السوري وتحفظ وحدة سوريا، وجدد الرئيس المصري إدانة العملية العسكرية التركية، بحسب بيان يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر.
وقال السفير أحمد القويسني، إنَّ التحركات المصرية ضد الهجوم التركي "تتناسب مع ثقل مصر وحجمها الإقليمي، فكان متوقعًا أن تتصدى لأي عدوان يقع على أي دولة عربية شقيقة، خاصة بالنظر إلى دور مصر وحجمها في الإقليم، وللعلاقات التاريخية بين مصر وسورياً، واتساقًا لموقف مصري راسخ من الحفاظ على وحدة التراب السوري وسيادة الدولة السورية، واتفاقًا مع ما تدعو له مصر بالحفاظ على مقتضيات الأمن القومي العربي".
وأضاف "القويسني"، إن "الرئيس السيسي دائمًا ما يطلب الحفاظ على الدولة الوطنية من التفكك والانهيار، ويطالب المجتمع الدولي بالقيام بدوره في هذا الإطار".
وتناقش الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بمبادرة من الولايات المتحدة، يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر، بيانًا يدعو تركيا إلى العودة للدبلوماسية. ودعا الأعضاء الخمسة الأوروبيون في مجلس الأمن (فرنسا وألمانيا وبلجيكا وبريطانيا وبولندا)، تركيا بوقف "عملها العسكري الأحادي الجانب" في سوريا. ولم يتمكن أعضاء مجلس الأمن من الاتفاق على بيان بشأن العملية العسكرية التركية.
وقال الدكتور طارق فهمي، إنَّ: التحركات المصرية بشأن الاعتداء التركي على سوريا، دفعت الرئيس التركي رجب طيب أروغان، إلى الهجوم على مصر نظير إدانتها للعملية العسكرية ومطالبتها بوقفها.
وردّ أردوغان على إدانة مصر للعملية العسكرية، بقوله إن "السلطات في مصر عاجزة عن تحقيق الديمقراطية في بلادها"، وذلك خلال كلمته بمؤتمر حزب العدالة والتنمية، يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر.
ومع ذلك يرى "فهمي" أنه "من المنتظر أن يبدأ التنسيق العربي مع الأطراف الدولية وخاصة الولايات المتحدة وروسيا؛ للمطالبة بإيقاف العملية العسكرية التركية في سوريا".
وقال دبلوماسيون، إن روسيا شكلت العائق الأكبر أمام تبني موقف موحد في مجلس الأمن بشأن العملية العسكرية التركية، وفق ما نشرت وكالة "فرانس برس" يوم 11 تشرين الأول/أكتوبر.
وخَلص فهمي إلى أنه "في الوقت نفسه، ستواصل مصر مساعيها لصياغة موقف عربي لردع تركيا عن أعمالها في سوريا".