مدينة غزّة - قطاع غزّة: يشكل نبات الباذنجان الفلسطيني الذي يتميز بلونه الفاتح ومذاقه الحلو وجمه الصغير أحد المكونات الرئيسية في المطبخ الفلسطيني، ويدخل في صناعة العديد من الأكلات الشعبية الفلسطينية، ومنها "المقلوبة والمسقّعة والمحاشي والمتبّل والمطبّق والفتّة".
ويقيم الفلسطينيون في قرية بتير غرب مدينة بيت لحم جنوبيّ الضفّة الغربيّة، في 17 آب/أغسطس الجاري، على مدار يومين، مهرجان "الباذنجان" الفلسطينيّ، الذي يصنّف من أهمّ المحصولات الزراعيّة والتراثية التي تشتهر بها الأراضي الفلسطينيّة.
وكانت القرية قد حصلت في عام 2011 على جائزة "ميلينا مركوري" التابعة لـ"اليونسكو"، وذلك تقديراً لنجاحها في حفظ تراثها القديم وصيانته.
وأدرجت قرية بتير، التي يبلغ تعدادها السكانيّ 7 آلاف نسمة، في قائمة منظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" للتراث العالميّ المعرّض للخطر، في حزيران/يونيو من عام 2014 وتحديداً بعد الشروع في أعمال بناء الجدار العازل، ويخشى الفلسطينيّون أن تستأنف إسرائيل بناء الجدار العازل داخل قريتهم وتهديد مزارعهم، وذلك رغم حصولهم على قرار عام 2015 من المحكمة العليا الإسرائيليّة بوقف بناء الجدار داخل القرية.
وبدأت إسرائيل في أغسطس 2018، بشق طريق حول القرية وثلاث قرى أخرى غرب مدينة بيت لحم بهدف تسهيل مرور المستوطنين الإسرائيليين لمستوطنة "بيتار عليت" القريبة من القرية، وهو ما آثار مخاوف القرويين الفلسطينيين.
المهرجان، الذي أصبح تقليداً سنويّاً يعدّ فرصة لتسويق محصول الباذنجان الفلسطينيّ ومشتقّاته في السوق المحليّة، وكذلك الأسواق العالميّة. ولقد شهد المهرجان هذا العام حضوراً لافتاً لعشرات السيّاح الأجانب، وغالبيّتهم من الدول الأوروبيّة، والذين أقبلوا على شراء الباذنجان الفلسطينيّ المعلّب لاصطحابه إلى بلدانهم.
وأوضح رئيس المجلس القرويّ لقرية بتير حسن البطمة لـ"المونيتور" أنّ الهدف من المهرجان السنويّ هو تسويق المنتج الفلسطينيّ، وكذلك اطلاع الجهات الرسميّة والأهليّة التي تشارك فيه على الصعوبات والمعوقات التي يعاني منها المزارعون في القرية بهدف مساعدتهم في التغلّب عليها وتقديم الدعم المطلوب إليهم.
ولفت إلى أنّ مهرجان الباذنجان، الذي يعقد بشكل سنويّ في الفترة الممتدّة بين تمّوز/يوليو وآب/أغسطس من كلّ عام، يعدّ وجهة إلى الكثير من الفلسطينيّين من مدن الضفّة الغربيّة، وكذلك الفلسطينيّين الذين يقطنون في إسرائيل، وتحديداً في مدينة القدس، ناهيك عن وفود السيّاح الأجانب التي تقصد القرية لمشاهدة الآثار التي تحتويها.
وشدّد على أنّ الإقبال الكبير على شراء المحصول دفع بالمجلس القرويّ إلى مساعدة المزارعين عبر منحهم 12 ألف شتلة من الباذنجان المحسّن، والذي تمّ تهجينه هذا العام للمرّة الأولى في مشاتل زراعيّة خاصّة بهدف زيادة المحصول وتجويده.
وأوضح حسين القيسي، وهو أحد مزارعي قرية بتير، في حديث لـ"المونيتور"، أنّه تمكّن من بيع قرابة 70 كيلوغراماً من الباذنجان في أقلّ من 3 ساعة خلال المهرجان، وذلك من جرّاء الإقبال الكبير من قبل المواطنين والسيّاح على اقتناء المحصول، مشيراً إلى أنّ سعر الكيلو الواحد يتراوح بين 12 و15 شيكلاً (3.4- 4.2 دولار).
وأبدى انزعاجه من ضعف الدعم المقدّم إليهم من قبل وزارة الزراعة الفلسطينيّة، وتحديداً في جانب تأهيل قنوات الريّ، وكذلك تقديم الأسمدة العضويّة اللاّزمة للزراعة، والتي تكلّف المزارع مبالغ ماليّة كبيرة.
من جهته، قال المزارع حسن عوينة لـ"المونيتور": إنّ المهرجان أعاد اهتمام المستهلك المحليّ الفلسطينيّ باقتناء الباذنجان، الذي تتمّ زراعته في القرية بشكل خاص والأراضي الفلسطينيّة بشكل عام، ناهيك عن توفيره لعائد ماديّ مقبول للمزارعين، والذين وصلت أوضاعهم الماديّة خلال السنوات الأخيرة إلى مستويات صعبة.
ودعا الجهات الرسميّة الفلسطينيّة إلى القيام بخطوات ملموسة لتشجيع المزارعين وتثبيتهم في أرضهم، في وجه الاعتداءات الإسرائيليّة التي تتمّ بين حين وآخر، وتحديداً تخريب المحصولات من قبل المستوطنين الإسرائيليّين بهدف بناء بؤرة استيطانيّة جديدة والتي كان آخرها في ديسمبر 2018، إذا أقدم عشرات المستوطنين بوضع منازل متنقلة على أراضي القرية وذلك تحت حماية من الجيش الإسرائيلي، وكذلك العمل على حماية ذلك المنتج الذي وصفه بـ"الأثريّ".
وبيّن عضو مجلس إدارة جمعيّة "بتير التعاونيّة الزراعيّة خالد أبو حسن في حديث مع "المونيتور"
أنّ الباذنجان الفلسطينيّ يعدّ أحد النباتات المفضّلة التي يطلب السائح تناولها عند زيارته للأراضي الفلسطينيّة، وتحديداً قرية بتير موطن زراعته، مشيراً إلى أنّ عدد السيّاح الذين يزورون القرية أصبحوا بعشرات الآلاف بعد ضمّ القرية إلى قائمة التراث العالميّ لافتاً إلى أنّ موسم الباذنجان يشكّل فرصة موسميّة للعاطلين عن العمل للمشاركة في زراعته وقطافه وبيعه.
وتشكّل المعوقات الإسرائيليّة لتسويق المنتج الفلسطينيّ بشكل عام والمنتوجات الزراعيّة بشكل خاص عقبة أمام تطوّر الاقتصاد الفلسطينيّ، إذ يتكبّد المزارع الفلسطينيّ خسائر فادحة في عمليّة نقل المنتج من مكان إلى آخر من جرّاء تلف المحصول قبل الوصول إلى أماكن تسويقه، وهو ما اضطرّ المزارعين إلى المشاركة في المهرجانات الزراعيّة، والحديث هنا لأستاذ التسويق الزراعيّ في جامعة الخليل طلعت أبو رجب الذي تحدّث لـ"المونيتور".