مدينة غزّة - ناقش مسؤولو السياحة الروس والفلسطينيون ووكالات السفر تدابير لمضاعفة عدد السياح من روسيا إلى فلسطين ثلاثة أضعاف.
ويقول المتحدّث باسم وزارة السياحة والآثار جريس قمصيّة لـ"المونيتور": "إنّ هذا المؤتمر يهدف إلى التشبيك بين القطاعين السياحيّين الخاصّين الروسيّ والفلسطينيّ وزيادة التعاون بينهما لزيادة أعداد السائحين الروس إلى فلسطين من نحو 380 ألف سائح سنويّاً إلى مليون سائح في عام 2019".
انطلق في العاصمة الروسيّة موسكو في 15 حزيران/يونيو 2019، المؤتمر السياحيّ الفلسطينيّ الروسيّ الأوّل، لرفع مستوى السياحة، خصوصاً الدينيّة، إلى فلسطين.
وشارك في المؤتمر وزيرة السياحة والآثار الفلسطينيّة رولا معايعة، ورئيس الجمعيّة الإمبراطوريّة الأرثوذكسيّة الفلسطينيّة-الروسية سيرغي ستيباشين، ونائب رئيس الوكالة الفيدراليّة الروسيّة للسياحة "روس توريزم"، وسفير دولة فلسطين لدى روسيا عبد الحفيظ نوفل، وعدد من رجال الدين، ومستثمرون في القطاعين السياحيّين الروسيّ والفلسطينيّ.
وأفاد قمصيّة بأنّ أكثر من 90% من السياحة في فلسطين هي سياحة دينيّة مسيحيّة، تستهدف زيارة المواقع الدينيّة المهمّة مثل كنيسة المهد في بيت لحم وكنيسة القيامة في القدس، لافتاً إلى أنّ الجنسيّة الروسيّة، تعتبر أكثر الجنسيّات زيارة إلى فلسطين، من خلال رحلات سياحيّة تنظّمها الجمعيّة الإمبراطوريّة الأرثوذكسيّة الفلسطينيّة-الروسيّة، ثمّ الجنسيّة البولّنديّة، وتليهما الرومانيّة فالأميركيّة فالإيطاليّة.
وتعتبر فلسطين مقصداً سياحيّاً مهمّاً بالنسبة إلى الشعب الروسيّ، إذ كتب رئيس وزراء روسيّا الاتّحاديّة السابق دميتري ميدفيديف مقالاً نشرته وكالة وفا المحلّيّة في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، قال فيه: "هناك أماكن في العالم لا يمكنك أن تزورها من دون أن تتأثّر بها، وذلك نظراً إلى كثرة الكنوز الحضاريّة المتواجدة فيها، ومن هذه الأماكن أرض فلسطين المقدّسة، مهد الحضارات والديانات وموطن الذاكرة التاريخيّة".
يقول عيسى بشارة، وهو أحد الأدلّاء السياحيّين في مدينة بيت لحم لـ"المونيتور": "إنّ أهمّ المواقع التي تجذب السائح المسيحيّ هي الأماكن المرتبطة بقصّة حياة سيّدنا المسيح عيسى بن مريم، مثل كنيسة المهد ومغارة الحليب في بيت لحم وجبل التجربة أو دير قرنطل في أريحا الذي أمضى فيه سيّدنا المسيح 40 يوماً في الصوم والتأمّل، وكنيسة القيامة في القدس التي تحتوي على قبر سيّدنا المسيح".
وأضاف أنّ العديد من الكنائس الروسيّة القديمة تعدّ مقصداً للسيّاح الروس، مثل الكنيسة الروسيّة الأرثوذكسيّة (كنيسة المسكوبيّة) التي بنيت في عام 1871 حول شجرة البلّوطة الشهيرة التي يبلغ عمرها أكثر من 5 آلاف عام، وتعتبر هذه الكنيسة الوحيدة في مدينة الخليل في جنوب الضفّة الغربيّة، وكنيسة مريم المجدليّة في القدس وهي كنيسة روسيّة أرثوذكسيّة شيّدت في عام 1888 على اسم مريم المجدليّة تلميذة المسيح.
ويقول قمصيّة: "قبل سنوات، كنّا نشكو من أنّ الكثير من السيّاح كانوا يزورون فلسطين لساعات قليلة لزيارة مواقعها الدينيّة فقط، ثمّ يغادرون من دون مبيت، والسبب في ذلك هو غياب الخطط السياحيّة الفلسطينيّة، ولكنّنا اليوم، وبالشراكة مع القطاع السياحيّ الخاصّ الفلسطينيّ، نعد السيّاح بتجربة سياحيّة غنيّة من خلال خلق أنماط سياحيّة جديدة إلى جانب السياحة الدينيّة التقليديّة".
وأوضح أنّ أبرز هذه الأنماط هي، إنشاء المسارات السياحيّة عبر الجغرافيا الفلسطينيّة، والسياحة البيئيّة التي تهدف إلى تعريف السيّاح برموز التنوّع البيولوجيّ الفلسطينيّ، والسياحة الثقافيّة من خلال زيارة المدن التاريخيّة القديمة مثل أريحا، والأسواق الشعبيّة، والمتاحف الفلسطينيّة.
وبيّن أنّ القطاع السياحيّ الفلسطينيّ يمتلك بنى تحتيّة كبيرة تتضمّن الفنادق، إذ أنّ هناك 250 فندقاً في الأراضي الفلسطينيّة بسعة 10100 غرفة فندقيّة، والآلاف من النزل والمطاعم ومحلّات بيع التحف الشرقيّة والمصنوعات اليدويّة.
إضافة إلى ذلك، عملت السلطات المحلّيّة على ترميم البيوت القديمة واستخدامها كنزل للسيّاح، كما قامت بتدريب العائلات الفلسطينيّة على استقبال السيّاح في بيوتهم ومنحهم فكرة عن الأنماط الحياتيّة الفلسطينيّة، فضلاً عن توفير مئات الأدلّاء السياحيّين.
وقالت وزيرة السياحة والآثار الفلسطينيّة معايعة في تصريحات إلى الوكالة الرسميّة وفا في 19 كانون الثاني/يناير 2019: "إنّ عدد السيّاح الذين زاروا الأراضي الفلسطينيّة خلال عام 2018 فاق الـ3 ملايين".
ووصل عدد السيّاح إلى فلسطين خلال الربع الأوّل من عام 2019، إلى 816,457 سائحاً مقارنة مع 621,331 سائحاً خلال الربع نفسه من عام 2018 بارتفاع بلغت نسبته 31,4%، بحسب بيان صادر عن معايعة في 29 نيسان/أبريل 2019.
ويقول قمصيّة إنّ فلسطين تسعى إلى فتح أسواق سياحيّة جديدة باستمرار، إذ شهد العام الماضي فتح أسواق سياحيّة مع الصين والهند، فيما هناك جهود مستقبليّة لاستجلاب سيّاح من أميركا اللاتينيّة.
ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت في رام الله نصر عبد الكريم لـ"المونيتور": "إنّ السياحة مهمّة بالنسبة إلى الفلسطينيّين على المستوى الاقتصاديّ، إذ تساهم في ما نسبته بين 13 و15% في الناتج المحلّيّ الذي بلغ 13.8 مليارات دولار في عام 2018، كما أنّ السياحة تعدّ وسيلة فلسطينيّة مهمّة لتعريف السيّاح بما يعانيه الفلسطينيّون من ظلم تاريخيّ بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيليّ".
وأوضح أنّ نموّ القطاع السياحيّ يعني استثمارات جديدة في الأراضي الفلسطينيّة، وهذا سيحقّق المزيد من العوائد الماليّة للخزينة الفلسطينيّة وينعش الاقتصاد الفلسطينيّ، من خلال توفير المزيد من فرص العمل، في وقت يعاني المجتمع الفلسطينيّ من نسبة بطالة وصلت في نهاية عام 2018 إلى 31%.
وبيّن أنّ استمرار الاحتلال الإسرائيلّي يعتبر المعيق الأوّل لنموّ السياحة في فلسطين، إذ لا تزال فلسطين تروّج لواجهة سياحيّة تفتقر إلى السيطرة على الحدود والمعابر ومن دون توافر أيّ مطارات فلسطينيّة، مع استمرار عدم تمكّن السلطة الفلسطينيّة من إصدار تأشيرات لدخول فلسطين.