مصر تفتتح مطاراً في العاصمة الإداريّة الجديدة... هل يتمتّع بجدوى اقتصاديّة؟

القاهرة - أعلنت وزارة الطيران المدنيّ المصريّة، في 13 حزيران/يونيو، استعدادها لافتتاح مطار العاصمة الدوليّ الذى يقع في العاصمة الإداريّة الجديدة في شرق القاهرة، خلال الأيّام القليلة المقبلة، وهو المطار الذي من المخطّط أن يخدم سكّان شرق القاهرة ومدن الشروق وبدر وهليوبوليس ومدن القناة ومحافظاتها، ويدعم حركة السياحة والسفر، بحسب ما نشرت وسائل إعلام محلّيّة.

بدورها، أعلنت شركة مصر للطيران للأسواق الحرّة، في 13 حزيران/يونيو، الانتهاء من تجهيز فروعها في مطار العاصمة الجديدة، تمهيداً لافتتاحه خلال الأيّام المقبلة أمام الركّاب. لم توضح فى أى يوم تحديدا سيتم الافتتاح.

وبدأت أعمال إنشاء المطار في تشرين /أكتوبر 2015، واشتركت شركتان في تنفيذها، وهما شركة حسن علام للمقاولات، وشركة المقاولون العرب، بإشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، بحسب جريدة الشروق، ولم يُعلن عن تكلفة الإنشاء.

وبحسب جريدة الوطن المصريّة المقرّبة من النظام الحاكم، فإنّ المطار الجديد يتكوّن من مبنى كبير للركّاب وصالة وصول وأخرى للمغادرة وصالة ثالثة لكبار الزوّار، إضافة إلى منطقة للجوازات والجمارك، ومنطقة أخرى للمطاعم والأسواق الحرّة، ويتّسع إلى أكثر من 300 مسافر في الساعة.

كما يحتوي المطار على مدرج رئيسيّ بطول 3,5 كيلومترات وعرض 6 أمتار، ومنطقة انتظار للطائرات تتّسع إلى أكثر من 8 طائرات من الحجم الكبير، إضافة إلى احتوائه على منطقة انتظار للسيّارات تستوعب أكثر من 500 سيّارة، و20 حافلة نقل ركُّاب، ومسجد كبير بمساحة 850 متراً مربّعاً.

نعم ساحة انتظار طائرات.. 850 متر مربع مساحة المسجد فقط، ساحة انتظار السيارات منفصلة عن المسجد، ومنفصلة عن ساحة انتظار الطائرات أيضا.

قال رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوّيّة اللواء طيّار أحمد جنينة إنّ المطار الجديد سيكون مجهّزاً بأحدث النظم الحديثة للتشغيل والإدارة، وسيكون مزوّداً بكاميرات مراقبة متطوّرة جدّاً، ونظم أخرى للتأمين والمراقبة منها نظام الكشف على الحقائب بـ"أشعّة إكس"، ونظام حديث للإنذار الآليّ ضدّ الحرائق، ونظام للهبوط الآليّ.

وأضاف جنينة في حديث هاتفيّ إلى "المونيتور" أنّ المطار الجديد يضمّ 45 مبنى وبرج مراقبة جوّيّ بطول 50 متراً، مشيراً إلى أنّ موظّفي الجمارك والحجر الصحّيّ والجهات الأمنيّة قد تسلّموا بالفعل أماكنهم قبل بدء العمل، مؤكّداً أنّ أعمال التشغيل التجريبيّ للمطار قد بدأت منذ 4 أيام بالفعل تمهيداً للافتتاح في الأيّام القليلة المقبلة، رافضاً الإفصاح عن موعد التشغيل بالتحديد.

وأشار جنينة إلى أنّ هذا المطار يعتبر المطار الثاني الذي يدخل الخدمة في عهد وزير الطيران المدنيّ الفريق يونس المصريّ، بعد دخول مطار سفنكس الدوليّ الذي تمّ افتتاحه رسميّاً في 25 كانون الثاني/يناير الماضي، الخدمة.

وافتتح وزير الطيران المدنيّ الفريق المصريّ مطار سفنكس الدوليّ الواقع في غرب القاهرة، على جزء من قاعدة في غرب القاهرة الجويّة العسكريّة، في الكيلومتر الـ45 من طريق القاهرة-الإسكندريّة الصحراويّ.

والهدف الأساسيّ من إنشاء مطار سفنكس الدوليّ هو رفع الضغط والكثافة عن مطار القاهرة الدوليّ في شرق العاصمة. وقد استمرّ العمل في تنفيذ المشروع 12 شهراً، بتكلفة بلغت حوالى الـ300 مليون جنيه (17 مليون دولار تقريباً).

وفي 26 كانون الثاني/يناير، قال الفريق المصريّ إنّ مطار العاصمة الإداريّة الجديدة، سيتمّ افتتاحه في نيسان/أبريل المقبل، ثمّ أعلن الوزير لاحقاً أنّ المطار سيفتتح في أيّار/مايو، قبل أن تعلن الوزارة، في 13 حزيران/يونيو، أنّه سيتمّ افتتاحه في الأيّام القليلة المقبلة.

يقول الخبير الاقتصاديّ الدكتور عبد الخالق فاروق، مدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إنّ التكلفة التي أعلن عنها لإنشاء مطار سفنكس الدوليّ بلغت 17 مليون دولار (300 مليون جنيه مصريّ)، وهي تكلفة ضخمة إذا ما قورنت بالعوائد التي جاءت من المطار، متسائلاً عن الحاجة لإنشاء مطار العاصمة الإداريّة الجديدة، في حين أنّ مطار سفنكس الدوليّ لم تكن له أيّ جدوى اقتصاديّة تذكر.

ويشرح الخبير الاقتصاديّ في حديثه الهاتفيّ إلى "المونيتور" أنّ مطار العاصمة الدوليّ يخدم في شكل أساسيّ سكّان شرق القاهرة، أيّ السياحة الداخليّة فقط، في حين أنّ نسبة دخول المواطنين إليه ضعيفة، ومن غير المتوقّع أن يتحرّك المواطنون المصريّون طيراناً من محافظة إلى أخرى، نظراً إلى ارتفاع تكلفة الطيران عن أيّ وسيلة مواصلات أخرى، سواء برّيّة أم بحريّة.

هو يتوقع عدم الإقبال على استخدام الطيران كوسيلة مواصلات لأن متوسط دخل الفرد في مصر منخفض وبالتالي من غير المرجح استخدامهم للطيران الداخلي بكثافة بطبيعة الحال.. التنقل داخليا عبر سيارات الأجرة أو بالقطار، يتحرك المصريون عبر النيل فى رحلات نيلية بين المحافظات.

على سبيل المثال تذكرة طيران من القاهرة إلى شرم الشيخ تتكلف من 800 إلى 1100 جنيها مصريا، أما بالأتوبيس فتتكلف نفس الرحلة من 120 إلى 150 جنيه.

ويشير إلى أنّ تأجيل الافتتاح الرسميّ للمطار أكثر من مرّة، يكشف عن تخبّط وعدم دقّة في دراسة المشروع والتوقيت الزمنيّ اللازم لافتتاحه وتشغيله، حيث أعلن عن افتتاحه في نيسان/أبريل أوّلاً ثمّ في أيّار/مايو، قبل أن يعلن عن افتتاحه في الأيّام القليلة المقبلة.

ويتّفق أستاذ العلوم السياسيّة، في جامعة القاهرة، الدكتور عمّار علي حسن مع حديث فاروق، حيث يرى أنّ مشروع إنشاء مطار العاصمة الإداريّة الجديدة وغيره من المشاريع الأخرى الضخمة، يستغلّها النظام الحاليّ ويستفيد منها سياسيّاً، حيث يسعى النظام إلى إضفاء غطاء سياسيّ وبسط مزيد من الشرعيّة على ممارساته وسياساته، عن طريق استعراض إنجازاته ومشاريعه في شكل مبالغ به.

وأوضح حسن في حديث إلى "المونيتور" أنّ تضخيم الإنجازات والمشاريع القوميّة هو عادة السلطة الحاليّة التي تريد إعطاء مزيد من المشروعيّة على تواجدها السياسيّ، فمشاريع ضخمة دعائيّة تحمل "بروباغندا" كبيرة في وسائل الإعلام المحلّيّة، ما هي إلّا مشاريع متعجّلة لم تتمّ دراستها جيّداً.

وأشار إلى أنّ مشاريع مثل إنشاء العاصمة الإداريّة الجديدة وقناة السويس الجديدة ومطاري سفنكس الدوليّ والعاصمة الدوليّ، تمّ إطلاقها في شكل رئيسيّ للحصول على تأييد جماهيريّ عريض يخفي وراءه ضعف البنية الاقتصاديّة للدولة، مؤكّداً أنّ غالبيّة هذه المشاريع يتمّ تمويلها بالقروض أو بأموال دافعي الضرائب.