أعاد سلاح القوّات الجويّة المصريّة التّابع للقوّات المسلحّة تمركز الطائرات التّابعة له من مختلف الطرز، في عدد من القواعد العسكريّة، بـ13 كانون الثاني/يناير، وذلك لتقديم الحماية الجويّة إلى كلّ العناصر المشاركة في المناورة "قادر 2020"، بالتنسيق مع قوّات الدفاع الجويّ.
وجاء ذلك في بيان رسميّ صدر عن القوّات المسلّحة المصريّة نشره المتحدّث العسكريّ العقيد تامر الرفاعي في صفحته الرسميّة على "فيسبوك"، مشيراً إلى أنّ "القوّات الجويّة قامت بذلك، بمعاونة القوّات البحريّة أثناء تنفيذ مهامها لتأمين المصالح الاقتصاديّة في مسرحيّ عمليّات البحرين الأحمر والمتوسّط."
وذكر تامر الرفاعي، في البيان ذاته، أنّ قيادة المنطقة الغربيّة العسكريّة التابعة للجيش على حدود ليبيا نفّذت عدداً من الأنشطة والتدريبات على امتداد الحدود البريّة والساحليّة، بالتعاون مع الأفرع الرئيسيّة للقوّات المسلّحة وقوّات حرس الحدود كجزء من المناورة. كما نفّذت العديد من المشاريع التكتيكيّة بالذخيرة الحيّة، وذلك لتأمين السواحل، مشيراً إلى أنّ قوّات المظلاّت أجرت عدداً من الأنشطة التدريبيّة تضمّنت رفع درجات الاستعداد.
وأشار المستشار الأمنيّ في كليّة القادة والأركان اللواء أركان حرب محمّد الشهاوي، خلال حديث هاتفيّ لـ"المونيتور"، إلى أنّ القوّات المسلّحة المصريّة نفّذت المناورة قادر 2020 لسبب رئيسيّ، وهو أنّ الدولة، وللمرّة الأولى، تتعرّض لتهديدات من نوع خاص قريب جدّاً على حدودها الغربيّة بسبب الحرب الدائرة وعدم الاستقرار في دولة الجوار ليبيا، خصوصاً بعد إعلان البرلمان التركيّ الموافقة على إرسال جنود قوّات عسكريّة إلى ليبيا ودعم حكومة الوفاق الوطنيّ برئاسة فايز السرّاج في حربها ضدّ المشير خليفة حفتر الذي تدعمه مصر.
وكان البرلمان التركيّ وافق على قانون يسمح بإرسال قوّات عسكريّة تركيّة إلى ليبيا، في 2 كانون الثاني/يناير، بعد مذكّرة قدّمها الرئيس التركيّ رجب طيّب أردوغان لدعم حكومة الوفاق الوطنيّ في حربها ضدّ قائد قوّات الجيش الوطنيّ الليبيّ خليفة حفتر، هذه القوّات التي تسيطر على شرق البلاد.
وعقب ذلك، أصدرت وزارة الخارجيّة المصريّة بياناً عاجلاً، في اليوم ذاته بـ2 كانون الثاني/يناير، دانت فيه بشدّة تدخّل تركيا بالشأن الداخليّ الليبيّ. كما دعت المجتمع الدوليّ إلى التصدّي لهذه التطوّرات الخطيرة، فيما اجتمع مجلس الأمن القوميّ أيضاً في اليوم ذاته برئاسة عبد الفتّاح السيسي للبحث في مسألة التدخّل العسكريّ التركيّ في ليبيا وتهديد المصالح المصريّة على الحدود الغربيّة، بحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهوريّة في 2 كانون الثاني/يناير.
هو مجلس يتكون من رئيس الجمهورية وعضوية رئيس مجلس الوزراء، رئيس المخابرات العامة، رئيس مجلس النواب، ووزراء الدفاع، الداخلية والخارجية، ووزراء آخرين، ويختص بمواجهة حالات الكوارث والأزمات وتحديد مصادر الأخطار على الأمن القومى المصري والإجراءات اللازمة للتصدي لها.
وأشار محمّد الشهاوي إلى أنّ المناورة قادر 2020 هي عبارة عن مشروع حرب "تدريب حرب" وتدريبات عسكريّة واسعة المدى نفّذتها القوّات المسلّحة في عدد من المحاور، وبشكل رئيسيّ في قاعدة برنيس الجويّة، جنوب البحر الأحمر، وذلك لإرسال رسائل واضحة وقاطعة إلى الجانب التركيّ الذي تدخّل في ليبيا من دون وجه حقّ بالمخالفة لقواعد القانون الدوليّ في هذا الشأن، وقال: إنّ إعادة تمركز الطائرات المصريّة في مختلف القواعد الجويّة، بالتنسيق مع قوّات الدفاع الجويّ، تستهدف أساساً معرفة قدرة الجيش المصريّة العمليّة على أرض الواقع. كما تستهدف رفع الجاهزيّة الكاملة، في حال وقوع حرب أو ضربة عسكريّة في بعض المناطق، خصوصاً بعد توتّر الأوضاع مع تركيا وتعقّد الأوضاع الأمنيّة في ليبيا، فضلاً عن الأعمال الإرهابيّة الأخرى التي تأتي من الجوار الليبيّ والجماعات المتطرّفة على الحدود الغربيّة لمصر.
وأكّد الشهاوي أنّ تلك المناورة تأتي أيضاً لتأمين الحدود المصريّة الشماليّة المطلّة على البحر المتوسّط، خصوصاً حقل ظهر ومختلف مصادر الثروة الغازيّة والنفطيّة الأخرى، مشيراً إلى الأهميّة الخاصّة لمشاركة عبد الفتّاح السيسي في حفل افتتاح المناورة ودلالاتها الواضحة، بحضور أرفع مسؤول رسميّ على مستوى الدولة لهذه المناورات الضخمة التي تشارك فيها حاملة المروحيّات ميسترال وعدد من السفن القتاليّة والغوّاصات والمروحيّات الهجوميّة في القوّات الجويّة.
وفي 15 كانون الثاني/يناير، افتتح السيسي قاعدة برنيس العسكريّة المطلّة على البحر الأحمر، في حضور وليّ عهد أبوظبي نائب القائد العامّ للقوّات المسلّحة الشيخ محمّد بن زايد، رئيس أرمينيا أرمين سركيسيان، ونائب وزير الدفاع السعوديّ الأمير خالد بن سلمان.
كما شهد السيسي عرض فيلم تسجيليّ بعنوان "حماية وطن"، خلال حفل الافتتاح، وهو الفيلم الذي يستعرض الأنشطة التدريبيّة التي نفّذها الجيش خلال مناورة "قادر 2020" .
وفي 18 كانون الثاني/يناير، حيّا السيسي كلّ قيادات وأفراد القوّات المسلّحة، لما شهده من أداء راقٍ خلال افتتاح قاعدة برنيس العسكريّة، مشيراً إلى أنّ "الافتتاح عكس القدرات الاحترافيّة للقوّات المسلّحة، وما تتمتّع به من كفاءة واستعداد قتاليّ متقدّم".
وتقع قاعدة برنيس جنوب شرق مدينة أسوان، على مساحة 150 ألف فدان ، وتشمل قاعدة بحرية، قاعدة جوية، مستشفى عسكري، عدد من الوحدات الإدارية والقتالية.
وتعتبر برنيس هي القاعدة العسكرية الثانية التي يفتتحها السيسي بعد افتتاح قاعدة محمد نجيب العسكريّة الشماليّة في يوليو 2017، والتي شارك في افتتاحها محمد بن زايد أيضاً.
بدوره، لفت مدير المركز المصريّ للفكر والدراسات الاستراتيجيّة العميد خالد عكاشة خلال تصريحات لـ"المونيتور" إلى أنّ المناورة "قادر 2020" تعتبر الأولى للجيش المصريّ في عام 2020 وسمّيت بـ"قادر" لأنّها تشير إلى "قدرة" الجيش المصريّ على صدّ أيّ عدوّ خارجيّ والحفاظ على ثروات الدولة المصريّة، وقال: إنّ أهميّة تلك المناورة تأتي بعد التهديدات على الحدود الغربيّة لمصر بعد قرار البرلمان التركيّ إرسال قوّات عسكريّة إلى ليبيا، وهو ما يشكّل خطراً على الأمن القوميّ المصريّ في طبيعة الحال.
وأشار إلى أنّ الجيش المصريّ أعلن، للمرّة الأولى، عن أسماء الأسلحة الجديدة لديه في بيان رسميّ، حيث ظهرت طائرة كاموف والطائرة المتعدّدة المهامّ "ميج 29"، والتي تعتبر أحدث طرز الطائرات الهجوميّة المنضمّة إلى القوّات الجويّة، والتي تشارك للمرّة الأولى في هذه المناورة، فضلاً عن اشتراك طائرات الجيل الرابع المتقدّم من نوعيّة "رافال" وعدد من الفرقاطات البحريّة، وقال: "إنّ الهدف الرئيس من المناورة هو حماية المصالح القوميّة لمصر وإرسال رسالة مباشرة إلى تركيا مفادها أنّ مصر تستطيع حماية نفسها جيّداً وقت الأزمات".