القاهرة — اعتقلت قوات الأمن المصرية، في 5 يوليو الماضي رامي شعث، ، نجل القيادي بحركة فتح ووزير الخارجية الفلسطينية الأسبق نبيل شعث، وذلك على خلفية اتهامات بالتورط مع جماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها الحكومة المصرية "جماعة إرهابية".
وأدرجت نيابة أمن الدولة في مصر، رامي متهما في القضية رقم 930 لسنة 2019، والمعروفة إعلاميا باسم "قضية تحالف الأمل"، والتي تضم متهمين آخرين، صحفيين وسياسيين ونواب سابقين بالبرلمان المصري ورجال أعمال، بالإضافة إلى 19 شركة متهمة بتمويل أنشطة الإخوان. حيث أن جميع المتهمين في القضية واجهوا اتهامات بالانضمام للإخوان وتمويل أنشطتها.
وفي بيان نشرته أسرة رامي، في 21 أغسطس الماضي، كشفت عن تعرضه للاعتقال على يد قوات من الأمن من داخل منزله بالعاصمة القاهرة فجر 5 يوليو الماضي، فيما أقدمت قوات الأمن بعد القبض على رامي، على ترحيل زوجته الفرنسية دون السماح لها بالتواصل مع سفارتها في القاهرة، بحسب ما جاء في البيان.
بموجب نص البيان، الذي اطلعت "المونيتور" على نسخة منه: "قوات الأمن المدججين بالسلاح فتشوا مقر إقامة رامي شعث دون تقديم أي وثيقة قانونية تسمح لهم بذلك. أثناء الاقتحام، سأل رامي اثنين من رجال الأمن يرتدون ملابس مدنية عن سبب الإقتحام وعما إذا كان ذلك يعني أنه تم اعتقاله، ومع ذلك لم يردّ أي من الضباط ولم يقدموا أي وثيقة تجيزُ تصرفاتهم. قام رِجال الأمن باحتجاز أجهزة كمبيوتر وأقراص وأجهزة خلوية".
وأضافت أسرة رامي: "إن رامي مُعتقل بشكل تعسفيّ بسبب أنشطتهُ السياسية المشروعة والسلمية ومُتّهم في قضيّة جنائية لا أساسَ لها من الصحة وليس هناك أيّ دليل حقيقي ضده، باستثناء الاتهامات التي توصّلت إليها الشرطة التي لا يُسمح له ولمحاميه بالتحقيق فيها، حيث قامت أجهزة أمن الدّولة المصريّة بإعتقال رامي بسبب مواقفهِ العَلنيّة ضد القمع السّياسي، واستمرارِهِ في الدّفاع عن الحقوقِ الفلسطينية ضدِّ الإحتلال الإسرائيلي والفَصل العُنصري".
فيما طالبت الأسرة بالإفراج الفوري عن رامي "نظراً لعدم وجود تهم وأدلة مثبتة ضده، والسّماح لزوجته بالعودة إلى القاهرة في أقرب وقتٍ ممكن، لدعم زوجها أولاً ولأنّ مصر هو مكان إقامتها وعملها". وأيضا حملت الأسرة السلطات مسؤولية سلامته الشخصية، ورفضت "محاولة تشويه سُمعته وسمعة أسرته وإتهامِه بالإنتماء لجماعات إرهابية".
ويشغل رامي شعث، منصب المنسق العام للحملة الشعبية لمقاطعة إسرائيل في مصر (BDS EGYPT)، فيما شغل منصب الأمين العام لحزب الدستور قبل تأسيسه رسميا في 2013، قبل أن يتفرغ لتأسيس حملة مقاطعة إسرائيل بعد ذلك بداية من 2015.
من جانبها، أدانت الحملة الشعبية لمقاطعة إسرائيل، اعتقال رامي شعث، وأكدت على ضرورة إخلاء سبيله على الفور. وحملت الحملة الشعبية في بيان أطلقته في 21 أغسطس أيضا "وزارة الداخلية المصرية مسؤوليتها عن أمن المنسق العام وسلامته الشخصية".
كما دعت الحملة في هذا البيان على "فيسبوك": "وسائل الإعلام المصرية والعالمية إلى تحرّي الدقة والمصداقية، وعدم التورط في نشر أيّ أخبارٍ أو ترديد اتهاماتٍ كاذبةٍ ومزيفةٍ من شأنها الضرّر برامي وأهله".
وكشف مصدر من عائلة رامي في مصر – رفض الإفصاح عن هويته – في تصريحات لـ"المونيتور"، أسباب التأخر في الإعلان عن اعتقال رامي من جانب أسرته ووالده نبيل شعث، خاصة وأن عملية الاعتقال تمت في 5 يوليو بينما خرج البيان من العائلة في 21 أغسطس.
وقال المصدر، إن السبب وراء هذا، هي رغبة الدكتور نبيل شعث مستشار الرئيس الفلسطيني عباس أبو مازن في فتح قنوات تفاوض مع السلطات المصرية قبل الإعلان، حيث أن الأسرة كانت تتصور أن المفاوضات قد تنجح ويتم الإفراج عن رامي دون الإعلان الرسمي، ولكن بعد أن فشلت المفاوضات، قررت الأسرة الإعلان وممارسة الضغط الإعلامي، بحسب ما قاله المصدر.
وأضاف المصدر: "خلال الأسابيع الماضية، حضر وفدا بشكل غير معلن إلى مصر موفد من السلطة الفلسطينية، ودخلوا في تفاوض مع الأمن المصري للإفراج عن رامي، وكانت هناك وعودا بالإفراج عنه بالفعل ولكن ذلك لم يحدث حتى الآن".
وأشار المصدر إلى "تجاهل من السلطات المصرية للوفد الفلسطيني ومطالبه والتأخر المستمر في الرد عليهم حول ملابسات ووقائع القبض على رامي والأسباب الحقيقية وراء الأمر".
وأكد المصدر "تدخل الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن شخصيا للمطالبة بالإفراج عن رامي شعث"، لكن المصدر لم يفصح عن الرد الذي تلقاه أبو مازن بعد تواصله هاتفيا مع قيادات أمنية كبيرة في مصر.
وفي 27 أغسطس، قررت نيابة أمن الدولة العليا في مصر، تجديد حبس رامي 15 يوما آخرى، على ذمة اتهامه في القضية رقم 930 لسنة 2019 حصر أمن دولة، والذي يواجه فيها اتهامات "مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها، تمويل جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة".
ونشرت "المونيتور" في 7 يوليو الماضي، تقريرا عن القضية المتهم فيها رامي شعث، حيث أعلنت الداخلية المصرية صباح 25 يونيو الماضي، القبض على عدد من السياسيين والصحفيين، قالت أنهم يخططون لتشكيل "خلية الأمل".
واتهم الأمن وقتها المتهمين بتأسيس الخلية بالتنسيق والتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين، حيث أن القضية تضم رجال أعمال يملكون 19 شركة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين برأس مال 250 مليون جنيه ما يعادل حوالي 15 مليون دولار أمريكي، قالت الداخلية إن هذه الأموال كان سيتم استخدامها في تمويل تظاهرات واحتجاجات ضد النظام المصري.
من جانبه، قال نبيل شعث، مستشار الرئيس الفلسطيني عباس أبو مازن، في تصريحات نشرتها "بي بي سي عربية"، إن هناك "تواصلا مع السلطات المصرية حول قضية احتجاز نجله رامي شعث، ولكن هناك تسويفا في إيضاح القضية والإفراج عنه".
من جانبه، قال الدكتور مراد غراب، القيادي الإخواني الهارب إلى تركيا منذ 2014، إنه "حقيقة لا يعرف أي شيء عن أي تنسيق بين جماعة الإخوان المسلمين والمتهمين في قضية الأمل وتحديدا رامي شعث".
وأضاف غراب، في تصريحات لـ"المونيتور" عبر الهاتف: "لا أعرف رامي شعث ولا اتصور أن يكون هناك أي تنسيق حول دور له في مصر، وفي الأساس لا يجب أن يكون التواصل مع الإخوان المسلمين تهمة تستوجب الحبس".
وتابع غراب: "لذلك أطالب بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين في السجون المصرية باتهامات التواصل والانضمام للإخوان المسلمين".
فيما رفض مسؤول الإعلام بالمركز الإعلامي بوزارة الداخلية – لا يتم الكشف عن هويته والتعامل مع إعلاميا من خلال موقعه الوظيفي وليس الشخصي – التعليق على واقعة اعتقال رامي شعث أو الحديث عن أي مفاوضات لإطلاق سراحه.
واكتفى المسئول الإعلامي في تصريحاته لـ"المونيتور"، بالإشارة إلى أن القضية الأن أمام القضاء، وليس للأمن أي دور في الأمر، وإذا رأى القضاء المصري أنه بريء سيتم الإفراج عنه.