القاهرة- زار ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة مصر في 7 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، وبحث مع الرئيس المصريّ عبد الفتّاح السيسي عدداً من الأزمات التي يمرّ بها بعض الدول العربيّة، إضافة إلى جهود مكافحة الإرهاب والفكر المتطرّف، للمرة الثانية هذا العام.
وثمّن ملك البحرين "الدور التاريخيّ الرياديّ لمصر في حماية الأمن القوميّ العربيّ والدفاع عن القضايا والمصالح العربيّة وتعزيز أسس السلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط"، مؤكّداً حرص بلاده على استمرار تطوير آليّات التعاون الثنائيّ مع مصر في مختلف المجالات، بما يحقّق المصالح المشتركة، بحسب بيان صادر عن الرئاسة المصريّة في 7 تشرين الثاني/نوفمبر.
جدّد السيسي خلال اللقاء تأكيده "موقف مصر الثابت تجاه أمن منطقة الخليج العربيّ، باعتباره جزءاً لا يتجزّأ من أمن مصر القوميّ".
والتقى السيسي في القاهرة في 12 أيّار/مايو الماضي، بهدف التنسيق في شأن تعزيز علاقات التعاون بين البلدين، وبحث مواجهة التحدّيات الإقليميّة، في أعقاب تعرّض 4 سفن قرب سواحل الإمارات العربيّة المتّحدة إلى أعمال تخريبيّة في 12 أيّار/مايو. وأعلنت الإمارات في بيان يوم 7 حزيران/يونيو، أن "دولة" نفذت هذه العمليات بحسب التحقيقات، دون أن تعلن صراحة عن اسم الدولة حتى الآن. فيما اتهم مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، إيران، بالوقوف وراء العملية، بحسب تصريحات للصحفيين يوم 28 أيّار/مايو الماضي. وفي اليوم نفسه، رفضت طهران هذا الاتهام.
وقتها، اتّفق السيسي وحمد بن عيسى على تعزيز التعاون المشترك للتصدّي للتهديدات والتدخّلات الإقليميّة في شؤون الخليج والدول العربيّة، فيما قال ملك البحرين إنّ بلاده تقدّر "الدور المحوريّ والرياديّ لمصر في تعزيز العمل العربيّ المشترك وحماية الأمن القوميّ العربيّ، ونصرة قضايانا في كلّ المحافل الإقليميّة والدوليّة"، بحسب بيان صادر عن الديوان الملكيّ البحرينيّ في 13 أيّار/مايو الماضي.
واعتبر دبلوماسيّون ومحلّلون مصريون في تصريحات إلى "المونيتور" أنّ زيارة ملك البحرين إلى القاهرة تأكيد مشترك على المضي في تعزيز علاقات التعاون ومواجهة التحدّيات الإقليميّة بين مصر ودول الخليج في شكل عامّ، فضلًا عن التأكيد على الموقف المصري من البحرين برفض التدخّلات في شؤونها الداخليّة، خاصة من جانب إيران.
وقال عضو المجلس المصريّ للشؤون الخارجيّة السفير رخا حسن لـ"المونيتور"، إنّ زيارة ملك البحرين إلى مصر كان لها هدفان، الأوّل تعزيز العلاقات الثنائيّة، في ما يخصّ التبادل التجاريّ والاستثمارات المشتركة، والعمل على تحسينها خلال الفترة المقبلة.
وأضاف السفير حسن: "الملفّ الثاني الأكثر أهمّيّة خلال الزيارة، هو التشاور بالنسبة إلى الوضع في منطقة الخليج وتأثيره على البحرين، خصوصاً أنّ البحرين في مواجهة مستمرّة مع إيران وتعتبر من أكثر الدول حساسية بالنسبة إلى إيران، ودائماً ما تحاول طهران التدخّل في شؤونها الداخليّة".
وأوضح أنّ ملفّ الأزمة اليمنيّة كان حاضراً على طاولة المباحثات بين الرئيس السيسي والملك حمد بن عيسى، بالنظر إلى اتّفاق الرياض الأخير الذي تم توقيعه يوم 5 تشرين الثاني/نوفمبر، على اعتبار أنّ مصر والبحرين عضوان في التحالف الذي تقوده السعودية لدعم الشرعيّة في اليمن.
كانت العاصمة السعوديّة الرياض شهدت في 5 تشرين الثاني/نوفمبر، مراسم توقيع الاتّفاق بين الحكومة اليمنيّة والمجلس الانتقاليّ الجنوبيّ، لإنهاء الخلاف بينهما.
وفي هذا السياق، أشاد السيسي وحمد بن عيسى خلال لقائهما بالاتّفاق بين الحكومة اليمنيّة والمجلس الانتقالي الجنوبيّ، معتبرين إيّاه "خطوة محوريّة في مسار حلّ الأزمة اليمنيّة، ويعزّز وحدة اليمن"، حسب البيان الصادر عن الرئاسة المصريّة في 7 تشرين الثاني/نوفمبر.
ولفت عضو المجلس المصريّ للشؤون الخارجيّة إلى أنّ "تعدّد زيارات ملك البحرين إلى القاهرة نابعة من العلاقات المتشابكة بين البلدين، ووجود تحدّيات إقليميّة تهدّد سلامة الإقليم وتحتاج إلى تنسيق مستمرّ بين جميع الأطراف، وبالتالي التنسيق عامل مهمّ ويساعد على مزيد من التعاون وتوحيد وجهات النظر إزاء القضايا المختلفة".
وقدّر رئيس لجنة الصناعة في مجلس النوّاب المصريّ فرج عامر، حجم التبادل التجاريّ بين مصر والبحرين بنحو 165 مليون دولار سنويّاً، لافتاً إلى أنّ الميزان التجاريّ يصبّ في صالح مصر التي تصدّر إلى البحرين الأثاث والخضروات والبقول، بحسب بيان صحفي في 30 أيلول/سبتمبر الماضي.
ووصف تقرير نشره موقع الأهرام الحكوميّ المصريّ في 7 تشرين الثاني/نوفمبر، العلاقات بين مصر والبحرين بأنّها "نقطة مضيئة في سماء العلاقات الثنائيّة على الصعيد العربيّ، في ظلّ روح المودّة والإخاء التي تحكمها، وتشعّب دوائرها السياسيّة والاقتصاديّة وتعدّدها".
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي في تصريحات إلى "المونيتور"، إنّ "زيارة ملك البحرين تعكس اهتماماً مشتركاً باستقرار الأوضاع الداخليّة لكلا البلدين، حيث تركّز الرسائل المصريّة من اللقاء على دعم الاستقرار السياسيّ في البحرين ورفض التدخّلات الإيرانيّة في أمن دول الخليج العربيّ".
وأضاف: "العلاقات المصريّة-الخليجيّة تتنامى في صورة كبيرة ضدّ التحدّيات الإقليميّة المشتركة، خصوصاً التدخّل الإيرانيّ الذي يهدّد استقرار البحرين ودول خليجيّة أخرى، ومصر تشدّد دائماً على رفض التدخّلات الخارجيّة في شؤون الإقليم ودوله"، لافتاً إلى أنّ اللقاء تناول مواجهة الإرهاب وأعمال العنف، مع تواتر الحوادث التخريبيّة على ناقلات النفط في الأشهر الأخيرة في منطقة الخليج العربيّ.
يرى فهمي أنّ التدريبات العسكريّة المشتركة بين مصر والبحرين تأتي ترجمة لتأكيد السيسي أنّ الأمن القوميّ الخليجيّ جزء من الأمن القوميّ لمصر، مضيفاً: "مصر قامت بدور مهمّ مع البحرين ودول خليجيّة أخرى في استمرار التدريبات العسكريّة المشتركة، وإثقال خبرة الجيوش الخليجيّة، بما يخدم جهود هذه الدول لمواجهة التحدّيات، وهذا أمر مهمّ للغاية لوجود مخاطر كبيرة في منطقة الخليج العربيّ والشرق الأوسط في شكل عامّ".
وكان آخر التدريبات العسكريّة المشتركة بين مصر والبحرين، التدريب البحريّ-الجوّيّ المشترك (حمد - 3) في البحرين، بمشاركة عناصر من القوّات البحريّة والجوّيّة للبلدين واستمرّ أيّاماً عدّة، واختتم فعاليّاته في 28 كانون الثاني/يناير الماضي. وشمل "تنفيذ تشكيلات بحريّة عدّة أظهرت مدى قدرة الوحدات البحريّة لكلا البلدين على اتّخاذ أوضاعها بدقّة وسرعة عالية، والاستعداد القتاليّ المستمرّ لخوض المعارك البحريّة والتعامل مع الأهداف البحريّة المعادية بكفاءة عالية"، بحسب بيان للقوّات المسلّحة المصريّة في 28 كانون الثاني/يناير الماضي.
ختامًاً، يقول فهمي إنّ "مصر أصبحت قريبة إلى دول الخليج أكثر من أيّ وقت مضى".