القاهرة — أشار وزير البترول والثروة المعدنيّة المصريّ طارق المُلاّ، في بيان صدر بـ25 تمّوز/يوليو، إلى أنّ الأعضاء المؤسّسين لمنتدى غاز شرق المتوسّط اتّفقوا على إنشاء منتدى غاز شرق المتوسّط في القاهرة، وجاء ذلك خلال انعقاد الاجتماع الوزاريّ للمنتدى في القاهرة، للنظر في تأسيسه.
وحضر الاجتماع وزراء الطاقة: القبرصيّ، واليونانيّ، والإسرائيليّ، والإيطاليّ والفلسطينيّ وممثل وزيرة الطاقة الأردنيّة، لأنّهم الوزراء المؤسّسون للمنتدى. كما حضر وزير الطاقة الأميركيّ كضيف شرف، فضلاً عن المدير العام للطاقة في الاتحاد الأوروبيّ وممثّل عن دولة فرنسا وآخر عن البنك الدوليّ. كما وافق الوزراء المشاركون على انعقاد الاجتماع الوزاريّ المقبل خلال النصف الثاني من كانون الثاني/يناير من عام 2020 في القاهرة.
ويهدف التكتّل المسمّى "منتدى غاز شرق المتوسّط"، إلى تعزيز التعاون الإقليميّ في مجال الطاقة، بما يتّفق مع القانون الدوليّ، لاستغلال موارد المنطقة وإتاحة المجال أمام سوق غاز إقليميّة مستدامة، والدول المشاركة في إنشاء المنتدى، هي: مصر، الأردن، إسرائيل، فلسطين، إيطاليا، اليونان، وقبرص.
وكشف مصدر حكوميّ مُطّلع ضمن الجانب المصريّ الذي حضر الاجتماع، عن أنّ التنسيق الحاليّ بين مصر وإسرائيل والأردن وفلسطين في ما يتعلّق بمنتدى غاز شرق المتوسّط، لا ينفصل عن مبادرة الشقّ الاقتصاديّ الخاصّة بـ"صفقة القرن".
وأشار المصدر، الذي تحفّظ على نشر اسمه، في حديث لـ"المونيتور"، إلى أنّ وزير الطاقة الأميركيّ ريك بيري تطرّق خلال حديثه مع الرئيس عبد الفتّاح السيسي في 25 تمّوز/يوليو قبيل انعقاد اجتماع المنتدى، إلى تفاصيل وترتيبات عدّة خاصّة بصفقة القرن تتعلّق بدمج إسرائيل اقتصاديّاً وتطبيع العلاقات معها، لافتاً إلى أنّه تمّ التأكيد أنّ التعاون الاقتصاديّ بين دول منتدى غاز شرق المتوسّط الذي يجمع مصر بإسرائيل والأردن وفلسطين، يصبّ في صالح دمج إسرائيل اقتصاديّاً بين دول المنطقة، وهو الهدف الرئيس لمؤتمر البحرين وصفقة القرن، وقال: "إنّ التطبيع الاقتصاديّ وتعميق التعاون المشترك سينعكسان على عمليّة التطبيع السياسيّ، وهو ما يُمهّد طريق المصالحة السياسيّة بين فلسطين والدول العربيّة من ناحية وإسرائيل من ناحية أخرى".
وفي 25 تمّوز/يوليو صباحاً قبيل انعقاد الاجتماع، استقبل عبد الفتّاح السيسيّ، في قصر المنتزه بمدينة الإسكندريّة، الوزراء رؤساء الوفود المشاركين في اجتماع منتدى غاز شرق المتوسّط.
وقال المتحدّث الرسميّ باسم رئاسة الجمهوريّة السفير بسّام راضي في بيان: إنّ الوزراء المشاركين في اجتماع المنتدى أكّدوا الأهميّة الاستراتيجيّة للمبادرة المصريّة لإنشاء منتدى غاز شرق المتوسّط، وهو ما يدعم مساعي تلك الدول لصياغة سياسات يتمّ التركيز من خلالها على "التعاون الحكوميّ" لوضع رؤية مشتركة لمستقبل احتياطات شرق المتوسّط، الأمر الذي يمهّد الطريق لفتح آفاق جديدة من "المصالح الاقتصاديّة" المشتركة بين دول المنطقة.
وفي اليوم ذاته، بـ25 تمّوز/يوليو، استقبل السيسي، ريك بيري، ورحّب بمشاركة الولايات المتّحدة كضيف في الاجتماع، مشيراً إلى أنّ المنتدى يمثّل محفلاً يستهدف تحقيق التكامل والمكاسب الاقتصاديّة لمختلف أعضائه.
وأشار المصدر الحكوميّ ذاته، إلى أنّ مصر نسّقت مع إسرائيل خلال اللقاء جهود التعاون في الفترة المقبلة، خصوصاً في ما يتعلّق بإيجاد أرضيّة مشتركة وواقعيّة للتفاوض بين فلسطين وإسرائيل لتسوية النزاعات العالقة بين البلدين، مؤكّداً أنّ مصر تتمسّك بحلّ الدولتين كأساس واقعيّ يهدف إلى وقف الخسائر لدى كلّ الأطراف.
وأكّد أنّ التنسيق ركّز أيضاً على الشقّ الاقتصاديّ بين مصر وإسرائيل، حيث تعمل تلّ أبيب على إنهاء بعض الإجراءات التي من شأنها تصدير الغاز إلى مصر أواخر العام الجاري.
بدوره، لفت وزير الطاقة الإسرائيليّ يوفال شتاينتز، في 25 تمّوز/يوليو، على هامش اجتماع أعضاء المنتدى، إلى أنّه تمّ الانتهاء من اختبار خطّ نقل الغاز بين إسرائيل ومصر منذ مدّة تتراوح ما بين شهرين إلى 3 أشهر ماضية، مشيراً إلى أنّه من المتوقّع بدء تصدير الغاز الإسرائيليّ إلى مصر في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
ويأتي ذلك بعد شهر من انعقاد مؤتمر البحرين، الذي دعت إليه المنامة وواشنطن في 25 و26 حزيران/يونيو من عام 2019، والذي عرف باسم "ورشة عمل السلام من أجل الازدهار"، وهو المؤتمر الذي شاركت فيه بلدان عربيّة عدّة على رأسها مصر والأردن والمغرب ودول أخرى.
من جهته، رأى الباحث في العلاقات الدوليّة محمّد حامد أنّ منتدى غاز شرق المتوسّط جمع أطرافاً إسرائيليّة مع الجانب الفلسطينيّ، وهذا بدوره يعتبر نقلة مهمّة في طريق تطبيع العلاقات وتغليب المصالح الاقتصاديّة على الخلافات السياسيّة، وقال في حديث لـ"المونيتور": إنّ حرص الجانب الأميركيّ على حضور الاجتماع جاء لسببين، أوّلهما رعاية المصالح الاقتصاديّة بين كلّ الأطراف وهو ما يُمهِّد لإتمام الشقّ الاقتصاديّ لصفقة القرن بشكل واضح، وثانيهما الدعم الكبير الذي تقدّمه الولايات المتّحدة لإنشاء المنتدى باعتباره سيوفّر الغاز لأوروبا، وبالتالي تقليل الاعتماد على الغاز الروسيّ.
ووصف محمّد حامد التقارب الاقتصاديّ بين إسرائيل والدول العربيّة بأنّه "قلب صفقة القرن"، وهو الذي تسعى أميركا إلى تعميقه بشكل كبير، بحيث تصبح عمليّة السلام حقيقة ملموسة يدعمها الواقع والمصالح الاقتصاديّة.
ورأى أنّ "تشكيل منتدى غاز شرق المتوسّط من شأنه تعزيز اقتصاد العديد من البلدان التي كانت على خلاف منذ عقود ودمجه"، مؤكّداً أنّ هذا المنتدى يعتبر وسيلة مهمّة من وسائل دمج إسرائيل في اقتصاديّات الطاقة على المستوى الإقليميّ من خلال التعاون مع دول عربيّة هي على خلاف سياسيّ معها في الأساس، وعلى رأسها فلسطين.