استيقظ أهالي شبه جزيرة سيناء، صباح 2 شباط/فبراير الجاري، على أصوات انفجار هائل استهدف خطّ الغاز الواصل بين مصر وإسرائيل، الأمر الذي أدّى إلى اندلاع بالغ للنيران في مكان التفجير، وتعطّل عمل الخطّ تماماً إلى حين إصلاح ما أسفر عنه التفجير والاستعانة بخط غاز بديل لسد الاحتياجات.
وأعلن تنظيم الدولة الإسلاميّة في سيناء (داعش) ببيان نشرته وكالة "أعماق" التابعة له ونقلته وكالات الأنباء العالميّة المختلفة في 3 شباط/فبراير، مسؤوليّته عن التفجير الذي استهدف خطّ الغاز، عن طريق زرع عبوات ناسفة في مناطق متفرّقة من مسار الخطّ.
لم يكن هذا التفجير الأوّل من نوعه، الذي يستهدف خطوط الغاز المؤدّية إلى إسرائيل منذ ثورة 25 كانون الثاني/يناير من عام 2011، إذ رصدت تقارير صحافيّة وقوع حوالى 30 انفجاراً للخطّ نفسه في الفترة الممتدّة من عام 2011 حتّى عام 2016، حتّى قرّرت قوّات الجيش المصري إحكام قبضتها على مسارات الخطّ، من خلال زيادة أعداد القوات المسلحة في سيناء في 2015 وتوسيع عمليات الانتشار.
ونفى سكرتير عام محافظة شمال سيناء أسامة الغندور تأثير التفجير على عمليّة إمدادات الغاز في المحافظة، لافتاً إلى أنّه يجري الآن تقييم مدى الضرر الذي وقع نتيجة التفجير لصيانته على الفور وإعادته إلى العمل من جديد، مشيراً في تصريح هاتفيّ لـ"المونيتور" إلى أنّ التفجير "لن يؤثّر على المنازل والمصانع والشركات العاملة في شمال سيناء لأنّه يتمّ تحويل استخدامها على خطّ بديل إلى حين الانتهاء من صيانة الخطّ الحاليّ".
وعن مدى تأثير التفجير على إمداد الغاز من وإلى إسرائيل، رفض أسامة الغندور التعليق، واكتفى قائلاً: "نحاول قدر الإمكان السيطرة على الأمر".
وقالت مصادر من الأهالي في شمال سيناء، رفضت ذكر اسمها، لـ"المونيتور": تُوسّع قوّات من الجيش انتشارها في الوقت الحاليّ بالقرى والمدن الواقعة بالقرب من التفجير للوصول إلى المتورّطين فيه والقبض عليهم.
أضافت المصادر المتنوّعة: إنّ قوّات الجيش عزّزت من الكمائن الأمنيّة المنتشرة في شمال سيناء لرصد المسلّحين التابعين لتنظيم القاعدة واستهدافهم، في محاولة لطمأنة المواطنين وتأمين كلّ المداخل والمخارج لمنع المتورّطين في التفجير من الهرب.
ويأتي تفجير خطّ الغاز بعد أسبوعين تقريباً من إعلان وزارة البترول المصريّة بدء عمليّة ضخّ الغاز الطبيعيّ من إسرائيل إلى مصر، بعد سنوات من الاتفاق، والذي أعلنت عنه الحكومة المصرية منتصف يناير الماضي، وتقوم الشركات الإسرائيلية بموجبه بتصدير الغاز من حقلي " ليفياثان وتمار" الإسرائيليين للغاز بنحو 20 مليار دولار سنويا.
وأشارت الوزارة في بيان نشرته على موقعها الرسميّ، بـ15 كانون الثاني/يناير الماضي، إلى أنّ ضخّ الغاز من إسرائيل إلى مصر "يمثّل تطوّراً مهمّاً يخدم المصالح الاقتصاديّة للبلدين، حيث سيمكّن إسرائيل من نقل كميّات من الغاز الطبيعيّ لديها إلى أوروبا عبر مصانع الغاز الطبيعيّ المسال المصريّة، وذلك في إطار دور مصر المتنامي كمركز إقليميّ للغاز".
من جهته، علّق محمود بيّومي الباحث في شؤون الجماعات الإسلاميّة في جامعة "إسطنبول آيدن" على عودة تفجيرات خطّ الغاز، متوقّعاً "المزيد من العمليّات النوعيّة بهذا الشكل"، وقال في تصريحات لـ"المونيتور": "إنّ لجوء الجماعات المسلّحة في سيناء من جديد إلى تفجيرات خطوط الغاز قد يكون ردّاً على قرار الحكومة المصريّة استيراد الغاز من إسرائيل أو نتيجة تضييق قوّات الجيش الخناق على المسلّحين في سيناء وإجبارهم على تغيير نمط هجماتهم".
أضاف: "تراجع سيطرة تنظيم داعش في سوريا وتصاعد عمليّات قوّات خليفة حفتر في ليبيا وإحكام الجيش المصريّ السيطرة على شبه جزيرة سيناء في مصر، كلّها أمور تدفع بالتنظيمات المسلحة في سيناء إلى مزيد من العمليّات النوعيّة لإرسال رسالة بأنّها ما زالت في الصورة وقادرة على المواجهة".