القاهرة: أعلنت وزارة الأوقاف المصريّة في 21 تشرين الثاني/نوفمبر2019، فصل 10 أئمّة ودعاة من المساجد، ومنعهم من صعود المنابر، بسبب انتمائهم إلى جماعة الإخوان المسلمين.
وقالت الوزارة، في بيان رسميّ لها، إنّها قرّرت فصل 9 أئمّة من محافظة سوهاج في جنوب البلاد، وإمام آخر من محافظة القليوبيّة في شمال القاهرة، ومنعهم من صعود المنابر في كلّ المساجد "بعد ثبوت انتمائهم إلى جماعة إرهابيّة وهي جماعة الإخوان، وذلك بموجب أحكام قضائيّة صادرة ضدّهم".
وقال الشيخ محمود يوسف، وهو أحد الأئمّة المفصولين من محافظة سوهاج، في حديث خاصّ إلى "المونيتور"، إنّه فوجئ بقرار فصله من الوزارة بناء على تحرّيّات أمنيّة ملفّقة ووشايات بعض أهالي المنطقة، على الرغم من أنّه لا صلة له بجماعة الإخوان المسلمين في الوقت الحاليّ.
ويوضح يوسف أنّه كان ينتمي بالفعل إلى جماعة الإخوان المسلمين من فترة زمنيّة، لكنّه تركها ولم يعد ينتمي إليها في الوقت الحاليّ، كما أنّه قطع كلّ صلاته بأعضائها منذ اعتبارها جماعة إرهابيّة.
وأشار إلى أنّه سيتقدّم بتظلّم ضدّ قرار فصله لدى وزارة الأوقاف، كما أنّه سيطعن في القرار قضائيّاً في محكمة القضاء الإداريّ في مجلس الدولة، وهو الجهة المختصّة قضائيّاً بالطعن بالقرارات الإداريّة الصادرة عن مسؤولي الدولة.
وفي السياق ذاته، أصدرت وزارة الأوقاف قراراً بفصل 9 أئمّة في الوزارة في آواخر الشهر الماضي، وتحديداً في 31 تشرين الأوّل/أكتوبر 2019، وذلك بناء على أحكام صدرت ضدّهم بانتمائهم إلى جماعة الإخوان المسلمين.
وأكّدت الوزارة، في بيانها، أنّ هؤلاء الأئمّة لا علاقة لهم بالوزارة من تاريخ صدور القرار، مع التنبيه على كلّ المساجد بعدم تمكين هؤلاء من صعود المنبر مرّة أخرى.
وشهد عام 2014 وقائع أخرى عدّة مشابهة، حيث قرّر مدير مديريّة أوقاف القاهرة الشيخ محمّد عبد الظاهر، في 25 كانون الثاني/يناير 2014، وقف إمامين هما وليد فتحي في مسجد علي حميدة، وشقيقه تامر فتحي في مسجد الرحمة، وذلك لمشاركتهما في التظاهرات التي تدعم جماعة الإخوان المسلمين.
وفي 31 كانون الثاني/يناير 2014، قالت وزارة الأوقاف، في بيان لها، إنّ مدير مديريّة أوقاف جنوب سيناء الشيخ إسماعيل الراوي قرّر وقف 3 أئمّة عن العمل لخروجهم عن مقتضيات عملهم.
في 16 تشرين الثاني/نوفمبر، أجّلت محكمة القضاء الإداريّ في مجلس الدولة المصريّ دعوى قضائيّة مقامة من المحامي سمير صبري المقرّب من النظام الحاكم، وذلك لإلزام السلطات بإصدار قرارات بفصل جميع الموظّفين المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين الإرهابيّة من كلّ المناصب والوظائف التي يشغلونها في الجهاز الإداريّ للدولة، إلى جلسة 28 كانون الأوّل/ديسمبر المقبل.
وقال صبري في حديث هاتفيّ إلى "المونيتور" إنّ جماعة الإخوان المسلمين أرادت السيطرة على كلّ مفاصل الدولة المصريّة بعد ثورة كانون الثاني/يناير 2011 ووصولها إلى الحكم، مشيراً إلى أنّها أصدرت قرارات تعيين لعدد من قيادات الجماعة في مناصب حسّاسة في الدولة، وهو ما دعاه إلى رفع دعواه القضائيّة.
وأضاف أنّه قد رفع دعواه بسبب انتشار عناصر الإخوان المسلمين في مختلف قطاعات الدولة، مشيراً إلى أنّ القضاء المصريّ قد حكم في 23 أيلول/سبتمبر، بحظر نشاط جماعة الإخوان المسلمين.
بدوره، يرى مصدر قضائيّ رفيع المستوى، رفض الكشف عن اسمه، في حديث هاتفيّ إلى "المونيتور" أنّ قرارات وزارة الأوقاف بفصل أئمّة وموظّفين بسبب انتمائهم إلى جماعة الإخوان المسلمين هي قرارات تتّفق مع صحيح القانون، بعدما أصدرت محكمة الأمور المستعجلة في مصر حكماً قضائيّاً في 23 أيلول/سبتمبر، يحظر بموجبه نشاط جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها جماعة إرهابيّة.
وأضاف: "كما حظر الانتماء إلى الجماعة أو إلى أيّ جمعيّة أو مؤسّسة تابعة إليها، فضلاً عن التحفّظ على كلّ أموال الجماعة السائلة والمنقولة والعقاريّة، وبهذا تكون قرارات فصل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين قانونيّة، لأنّها مبنيّة على أحكام قضائيّة، فلا يعقل أن يستمرّ تعيين موظّفين أو إمام منتمٍ إلى جماعة إرهابيّة".
وفي 20 أيلول/سبتمبر2019، قال وزير الأوقاف الدكتور محمّد مختار جمعة، في بيان له، إنّ كشف الإرهابييّن والخونة واجب، وإنّ التستّر على أيّ من عناصر جماعة الإخوان المسلمين الإرهابيّة هو خيانة للدين والوطن.
كما أكّد وزير الأوقاف، في ذات البيان، أنّ الخيانة أكبر نقيض للوطنيّة، وأنّه يجب على الدولة مواجهة عناصر هذه الجماعة بقوّة، لأنّها كالعضو الفاسد الذى يجب بتره واستئصاله، حفاظاً على بقاء الدولة.
عن هذا، يقول الباحث القانونيّ أحمد الجدامي إنّ الدولة اختارت محمّد مختار جمعة وزيراً للأوقاف لأنّه موالٍ للدولة، ويتبع نهجها في إقصاء جميع المخالفين، خصوصاً أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما يتّضح جليّاً في أحاديثه عن ضرورة مواجهة أعضاء جماعة الإخوان المسلمين واستئصالهم من الدولة.
وأضاف الجدامي أنّ هذه الأحاديث تكشف بوضوح نيّته المسبقة في فصل جميع أعضاء الجماعة أو المتعاطفين معها في وزارة الأوقاف، وهم نسبة كبيرة نظراً إلى اتّصال هذه الوزارة بالشأن الدينيّ في شكل مباشر، وهو المجال الذي تنشط فيه جماعة الإخوان المسلمين، باعتبارها جماعة دعويّة دينيّة ذات أهداف سياسيّة.
ويؤكّد الباحث القانونيّ أنّ قرارات فصل الموظّفين والأئمّة تخالف صحيح القانون، حيث إنّها استندت إلى حكم محكمة الأمور المستعجلة ولم تستند إلى أحكام مجلس الدولة الموضوعيّة، مشيراً إلى أنّ القضاء المستعجل أصبح أداة قضائيّة سياسيّة في يد الحكومة والدولة، خصوصاً بعد إصداره أحكاماً عدّة لصالح الدولة بالمخالفة للقانون، كان أبرزها حكم تبعيّة جزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة العربيّة السعوديّة الصادر في 31 كانون الأوّل/ديسمبر 2016.