القاهرة - في 19 كانون الأوّل/ديسمبر، أعلنت مصر اكتشاف حقل جديد للنفط والغاز في منطقة "أبو سنان" الواقعة بالصحراء الغربيّة.
وأشارت وزارة البترول والثروة المعدنيّة المصريّة، في بيان رسميّ، إلى أنّ حقل البترول والغاز الجديد اكتشف بعد انتهاء أعمال حفر شركة برج العرب للبترول، وهى شركة مصريّة مملوكة للحكومة، لافتة إلى أنّ الحقل الجديد من المتوقّع أن يصل معدّل إنتاجه إلى 7000 برميل من النفط الخامّ يوميّاً، فضلاً عن 10 ملايين متر مكعّب من الغاز، وقالت في البيان ذاته: "إنّ الاكتشافات الجديدة في الصحراء الغربيّة تؤكّد أنّ المنطقة ما زالت تتميّز باحتمالات وجود آبار بتروليّة وغاز طبيعيّ بنسب مرتفعة، خصوصاً في الطبقات العميقة مع التقدّم الذي تشهده التكنولوجيّات الحديثة، والتي ساهمت في تحقيق اكتشافات عدّة واعدة بالمنطقة".
ووصف الصحافيّ المتخصّص في شؤون الطاقة الخبير عادل البهنساوي حقل النفط والغاز الجديد المكتشف في الصحراء الغربيّة بأنّه حقل ضخم قياساً للاكتشافات السابقة في المنطقة نفسها، مؤكّداً في تصريحات نقلها موقع "روسيا اليوم" في 12تشرين أوّل/ديسمبر، أنّ هذا الاكتشاف سيفتح الباب أمام احتمالات تحقيق اكتشافات جديدة للبترول والغاز في منطقة الصحراء الغربيّة.
ولفت عادل البهنساوي خلال حديث هاتفيّ لـ"المونيتور" إلى أنّ الاكتشافات في منطقة الصحراء الغربيّة تتوالى منذ فترة، حيث يعتقد المسؤولون الحكوميّون في مصر أنّ الصحراء الغربيّة هي كنز نفط وغاز كبير لم يكتشف حتّى الآن، وقال: إنّ دلالات وجود آبار بترول وغاز فى منطقة الصحراء الغربيّة بدأت في تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2008، حينما أعلنت مصر عن اكتشاف بتروليّ كبير في الصحراء الغربيّة، في منطقة امتياز "غرب كلابشة"، وذلك بمعدّل إنتاج يوميّ 5 آلاف برميل في منطقة امتياز شركة "أباتشي" الأميركيّة للتنقيب عن النفط والغاز.
ولفت البهنساوي إلى أنّ رئيس شركة "أباتشي" الأميركيّة جون كريستمان، قال في 17 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي في لقائه مع رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي إنّ شركته تنظر إلى قطاع البترول المصريّ نظرة مستقبليّة واعدة، في ظلّ التطوّر الكبير خلال السنوات الماضية، مشيراً إلى وجود تخطيط لدى الشركة لزيادة الأنشطة في مصر.
وأشار البهنساوي إلى أنّ نائب الرئيس الإقليميّ والمدير العام لشركة "أباتشي" في مصر "ديفيد تشي" قد قال في تصريحات صحفيّة نقلتها عنه جريدة المال، إنّ الاكتشافات البتروليّة والغازيّة المحتملة في مصر كبيرة، خصوصاً في البحر المتوسّط والصحراء الغربيّة.
وقال البهنساوي: إنّ هذه الاكتشافات الأخيرة جذبت أنظار المسؤولين نحو الصحراء الغربيّة باعتبارها منطقة نشاط بتروليّ وغازيّ كبيرة، وهو ما دفع بالحكومة إلى إعادة تقييم المنطقة والنظر إليها باعتبارها كنزاً كبيراً ضخماً سيفتح أبوابه إذا ما تمّ الاهتمام به.
بدوره، قال المتحدّث باسم وزارة البترول والثروة المعدنيّة المصريّة حمدي عبد العزيز في تصريحات لـ"المونيتور": إنّ الكشف البتروليّ الجديد في الصحراء الغربيّة يؤكّد، بشكل كبير، أنّ هذه المنطقة تعتبر واعدة جدّاً من حيث الاكتشافات البتروليّة والغازيّة، ويجب على الحكومة الاهتمام بها ودعمها في الفترة المقبلة، وهو ما تخطّط له وزارة البترول بالفعل.
وأوضح أنّ هذه الاكتشافات جاءت تتويجاً للمسار الذي بدأته الحكومة المصريّة ممثّلة في وزارة البترول بتوقيع وزير البترول المهندس طارق الملاّ 3 اتفاقيّات للتنقيب عن البترول والغاز في الصحراء الغربيّة، بـ26 آب/أغسطس من عام 2017.
وأشار إلى أنّ هذه الاتفاقيّات وقّعت بين كلّ من الهيئة المصريّة العامّة للبترول من جهة، وشركتيّ "أباتشي" و"ميرلون" الأميركيّتين من جهة أخرى، باستثمارات حوالى 79 مليون دولار. وشملت الاتفاقيّات التخطيط لحفر 17 بئراً استكشافيّة جديدة للبحث عن البترول والغاز، وقال: إنّ وزارة البترول تعمل على الترويج لهذه النجاحات لجذب مزيد من المستثمرين الأجانب وتحفيز الشركات العالميّة على توسيع أنشطتها في هذه المنطقة وإجراء المزيد من عمليّات البحث والتنقيب.
وأكّد حمدي عبد العزيز أنّ الحكومة المصريّة تعمل حاليّاً على تقييم احتياطات الغاز والبترول فى الصحراء الغربيّة، بعد أن ارتفع متوسّط إنتاج تلك المنطقة من البترول إلى 240 ألف برميل يوميّاً، بعدما كان الإنتاج فيها يتراوح ما بين 150 و165 ألف برميل يوميّاً في عام 2000.
من جهته، أشار الخبير الاقتصاديّ عبد الخالق فاروق، رئيس مركز النيل للدراسات الاقتصاديّة، في حديث هاتفيّ لـ"المونيتور" إلى أنّ هذا الاكتشاف الجديد يعتبر حدثاً كبيراً، خصوصاً أنّه يقع في منطقة شديدة الأهميّة، وهي الصحراء الغربيّة التي ظلّت بعيدة عن أعين المسؤولين في مصر واهتمامهم لسنوات عدّة، موضحاً أنّ الحكومات المتعاقبة في مصر لم تهتمّ في التنقيب عن الغاز والبترول بالصحراء الغربيّة خصوصاً، نظراً للتكلفة الماليّة الكبيرة لذلك، فضلاً عن ضرورة وجود التكنولوجيا المتقدّمة التي تُمهّد لعمليّات التنقيب واستكشاف كميّات النفط والغاز تحت الأرض، الأمر الذي يمكّن الشركات من معرفة العائد الاقتصاديّ المتوقّع من عمليّات الحفر والتنقيب المكلفة بطبعها.
وأشار إلى أنّ هناك عوامل عدّة أخرى عرقلت الدولة في مجال التنقيب عن الغاز والبترول بمنطقة الصحراء الغربيّة، أبرزها كون المنطقة مليئة بالألغام من مخلّفات الحرب العالميّة الأولى والثانية، وهو الأمر الذي يصعّب عمليّة التنقيب ويزيد تكلفتها الاقتصاديّة، بحيث يجب إزالة الألغام في بعض المناطق أوّلاً قبل عمليّة التنقيب.
وفي النهاية، استنكر عبد الخالق فاروق استيراد مصر الغاز من إسرائيل، وفقًا لاتفاقيّة وقعت بين البلدين العام الماضي، رغم الاكتشافات الكبيرة أخيراً، وعلى رأسها حقلا ظهر ونور في مياه البحر المتوسّط والاكتشافات الأخيرة في الصحراء الغربيّة.