في مدخل بارز مرتفع عن سطح الأرض ببضع درجات من السلالم الرخاميّة، وقفت ماجده هارون تتإمل التجديدات التي اعادات الحياه للمعبد مرة اخري٫بسعاده عارمه وهي ترى "إرثا مهما للطائفة اليهودية في مصر يعود إلى الحياة مجددا بعد سنوات طويلة من الإهمال".
وأضافت هارون "على الرغم من قلة عدد أتباع الطائفة اليهودية في مصر حاليا، إلا أن المعبد سيكون مزارا مهما يؤرخ ليهود الإسكندرية وسيكون مفتوحا لجميع الزوار.
"افتتح وزير السياحة والآثار خالد العناني المعبد اليهوديّ، الذي يبلغ عمره ٦٠٠ عام، وذلك بعد الانتهاء من ترميمه، بحضور وزير الآثار الأسبق وعالم المصريّات الدكتور زاهي حوّاس، مدير مكتبة الإسكندريّة مصطفى الفقي، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور مصطفى وزيري، إضافة إلى مجموعة من قيادات وزارة السياحة والآثار.
وجاءت ماجدة هارون رئيسة الطائفة اليهودية في مصر برفقة عدد من السيدات العجائز ورجل واحد طاعن في السن لحضور احتفال الحكومة المصرية بإعادة تدشين المعبد اليهودي في شارع النبي دانيال وسط الإسكندرية لاستقبال الزوار والمصلين والوفود السياحية من جديد بعد غلقه لعدة سنوات.
وفي تصريح لـ"المونيتور" قالت هارون :اتمني ان تُفتح معابد اليهود للجميع، وأن تبقى مكانًا يغذي العقل كما يغذي الروح"، وتابعت " يمكن أن نستخدمها لإقامة حفلات موسيقية كلاسيكية أو لعقد مناقشات ثقافية. هذا هو أملي لأنها لن تستخدم في الصلاة"٫ مشيرة إلى أن المعبد لن يستخدم للصلاة، لأن الشريعة اليهودية تشترط كركن أساسي في الصلاة ألا يقل عدد المصلين عن 10 أشخاص ذكور بالغين أي فوق 13 عامًا".
وجهت السفارة الإسرائيلية بالقاهرة، الشكر إلى الحكومة المصرية بعد إعادة ترميم معبد "إلياهو هانبي" في محافظة الإسكندرية بتكلفة قدرها 100 مليون جنيه، وافتتاحه يوم الجمعة الماضي .
ومن جانبه أشار خالد العناني في كلمة خلال الافتتاح، الذي حضره مراسل "المونيتور"، إلى أنّ مصر متفرّدة في تنوّعها الثقافيّ والحضاريّ، تلك الحضارات المتشابكة والمتعايشة مع بعضها البعض، لافتاً إلى أنّ افتتاح المعبد اليهوديّ في الإسكندريّة اليوم بعد ترميمه، والذي شهد عمليّة جراحيّة كاملة على مدى 26 شهراً، رسالة إلى العالم أنّ الحكومة المصريّة تهتمّ بالتراث المصريّ من الديانات كافّة.
وأوضح مساعد وزير الآثار للشؤون الهندسيّة العميد هشام سمير إبراهيم، خلال الافتتاح، أنّه تمّ الانتهاء من مشروع ترميم المعبد بتكلفة 100 مليون جنيه، في إطار اهتمام الدولة المصريّة والقيادة السياسيّة بآثارها وتراثها بغضّ النظر عن نوعها.
وخلال المؤتمر الصحافيّ لافتتاح المعبد، الذي حضره مراسل "المونيتور"، لفت زاهي حوّاس إلى أنّ المعابد اليهوديّة في مصر تعدّ جزءاً من التراث المصريّ، مشيداً بأعمال ترميم المعبد، التي نفّذتها نخبة من الأثريّين والمرمّمين المصريّين، موضحاً أنّه عندما تولّى مسؤوليّة الآثار خلال عام 2002 كانت المعابد اليهوديّة مهملة ومهدّمة، نتيجة خوف الأثريّين من ترميمها، مشيراً إلى أنّ أعمال ترميمه وتطويره تأتي ضمن اهتمام الحكومة بالحفاظ على كلّ آثارها وتراثها سواء أكان فرعونيّاً أم يهوديّاً أم قبطيّاً أم إسلاميّاً، وتوليها الأهميّة نفسها.
ويتّسع المعبد إلى 700 مصلٍ. وكانت الجالية اليهوديّة في الإسكندريّة أنشأته خلال عام 1881 ميلاديّاً، وتمّ تسجيله في مجلّد الآثار تحت رقم 16 لسنة 1987، وتوجد في المعبد 63 سفراً من الأسفار اليهوديّة أيّ 63 نسخة قديمة من التوراة، وهي لها قيمة دينيّة وأثريّة كبرى.
وأكّد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أنّ مشروع ترميم المعبد اليهوديّ في الإسكندريّة يؤكّد اهتمام مصر بآثارها، فهي تتعامل مع آثار الأديان كافّة على أنّها جزء لا يتجزّأ من الآثار المصريّة على أرضها عبر كلّ العصور، وإنّ ترميم أيّ أثر وتطويره إضافة جديدة وموقع جديد يوضع على خارطة السياحة المحليّة والدوليّة.
وعن الطراز المعماريّ والإنشائيّ للمعبد، قال عبد الرحيم ريحان في اتصال هاتفيّ مع "المونيتور": إنّ الهيكل مصنوع من الرخام، ويقع في وسط الجهة الشرقيّة، حيث تتقدّمه منصّة الصلاة والوعظ. ويوجد على جانبيه مدخلان، الأوّل في الجهة الجنوبيّة يؤدّي إلى حجرة فيها دولاب خشبيّ يحتوي على عدد من الأسفار، والثاني في الجهة الشماليّة ويؤدّي إلى سلّم خشبيّ يقود إلى مصلّى السيّدات في الطابق العلويّ.
أضاف: "إنّ تاريخ تشييد المعبد، الذي يطلق عليه معبد الياهو هانبي نسبة إلى كنيس يهوديّ، يعود إلى عام 1881 ميلاديّاً، وهو يقع في شارع النبيّ دانيال بوسط مدينة الإسكندريّة، ويعدّ أحد أهمّ المباني الأثريّة الدينيّة في محافظة الإسكندريّة، إذ يشتهر بأنّه أقدم معابد اليهود في الشرق الأوسط على الإطلاق. لقد بني على أنقاض معبد قديم تمّ تشييده خلال عام 1354 ميلاديّاً وتعرّض للقصف من الحملة الفرنسيّة على مصر، وأعيد بناؤه في عام 1850 بمساهمة من أسرة محمّد علي".
وتابع: "تعرّض لانهيارات فى جزء منه بسبب الأمطار والنوات، إذ تعرّضت "الشخشيخة" التي تقع أعلى مصلّى السيّدات إلى انهيار جزئيّ بسبب التأثر بالأمطار والنوات التي مرّت على الإسكندريّة في فصل الشتاء، وتمّ إغلاق المعبد موقّتاً إلى حين الانتهاء من أعمال الترميم".
من جهته، أوضح مستشار وزير الآثار الأسبق الخبير الأثريّ أحمد عبد الفتّاح أنّ قصّة إنشاء المعبد اليهوديّ في الإسكندريّة تعود إلى الحقبة التاريخيّة التي كانت فيها الإسكندريّة موطناً للجالية اليهوديّة، إذ أشارت الدراسات إلى أنّ عدد اليهود في الإسكندريّة كان يقدّر بنحو 4 آلاف يهوديّ في القرن التاسع عشر، ووصل عددهم إلى 18 ألفاً في بدايات القرن العشرين، وارتفع إلى 40 ألفاً في عام 1948، ثمّ بدأ اليهود بالرحيل من مصر إلى إسرائيل بعد قيامها. كما أشارت الدراسات إلى أنّ يهود الإسكندريّة كان نصفهم من المصريّين. أمّا النصف الآخر فينقسم إلى 3 أقسام: يهود الآدينو، يهود المغرب والشرق الأوسط ويتكلّمون العربيّة، إضافة إلى اليهود المهاجرين من النمسا والمجرّ وبولندا هرباً من النازيّة في ألمانيا، وتمّت تسميته على اسم إلياهو النبيّ، أحد أنبياء بني إسرائيل، الذي يعتقد اليهود، بحسب العهد القديم، أنّه سيأتي في المستقبل مبشّراً بخروج يأجوج ومأجوج.
ألبير رييه عضو جمعية "قطرة اللبن" الخاصة بالحفاظ على التراث اليهودي في مصر إن التراث اليهودي في مصر يضم اليوم قرابة عشرة معابد وعدداً لا يحصى من المقتنيات الدينية، لكنها مهجورة منذ زمن طويل. ومثلها مثل الأثار المصرية الأخرى، تحتاج الآثار اليهودية إلى ترميم، مؤكدا ان تلك المعابد والمقابر اليهودية جزء من التراث المصري .
وأكد "ريبة" في تصريح هاتفي للـ"المونيتور" أهمية مشروع ترميم المعبد اليهودي من الناحية السياحية فإنه سيجذب السياحة الدينية، مشيرا إلى أن هناك رحلة من فرنسا لزيارة المعبد في فبراير المقبل.
ويشقّ أوّل شارع النبيّ دانيال "وسط الإسكندريّة"، وهو يبدأ من ميدان محطّة مصر إلى ميدان محطّة الرمل، ويعتبر أحد أقدم شوارع المدينة، التي أسّسها الإسكندر المقدوني، وفيه يقع مسجد النبيّ دانيال، الذي يحمل الشارع اسمه. وعلى بعد أمتار منه، تقع أقدم كنيسة في الشرق الأوسط، هي "الكاتدرائيّة المرقسيّة التي بناها القديس مرقس في عام 43 ميلاديّاً ويوجد فيها رأسه". أمّا في نهاية الشارع فيقع معبد الياهو حنابي اليهوديّ.