القاهرة - أنهى وزير الخارجيّة الروسيّ سيرغي لافروف، في 6 نيسان/إبريل، زيارة للقاهرة التقى خلالها الرئيس عبد الفتّاح السيسي، وتناولت المباحثات محاور عدّة، كان أهمّها: الحرب على الإرهاب والأوضاع في ليبيا وعودة السياحة الروسيّة لمصر.
وأكّد سيرغي لافروف، خلال استعراض العلاقات الثنائيّة بين مصر وروسيا مع عبد الفتّاح السيسي في 6 نيسان/إبريل، التزام بلاده بتعهّداتها التنمويّة وتنفيذ مشاريعها في مصر، وفق اتّفاق الشراكة الاستراتيجيّة الشاملة الموقّع بين البلدين في 17 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي.
كما أكّد لافروف أنّ الجهات المعنيّة في روسيا بصدد الوقوف على مختلف الإجراءات اللاّزمة لاستئناف حركة الطيران بين المدن الروسيّة ومدينتيّ شرم الشيخ والغردقة، والتي توقّفت في أعقاب سقوط إحدى الطائرات الروسيّة في 31 تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2015 عقب إقلاعها مباشرة من مطار شرم الشيخ الدوليّ، وأسفرت عن مقتل ركّابها البالغ عددهم 224 راكباً.
من جهته، أشار وزير الخارجيّة المصريّ سامح شكري خلال مؤتمر صحافيّ مشترك مع نظيره الروسيّ في 6 نيسان/إبريل، إلى أنّه بحث مع الأخير في تطوّرات الأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط، وفي مقدّمتها الأوضاع في الأراضي الفلسطينيّة وعمليّة السلام، إضافة إلى الأوضاع في سوريا ومحاولة الوصول إلى تسوية سياسيّة، وكذلك الأوضاع في ليبيا، في ظلّ الأزمة السياسيّة العسكريّة الأخيرة بين حكومتيّ خليفة حفتر وفايز السراج.
ولفت إلى أنّ الطرفين اتّفقا على تعزيز الاستقرار ومقاومة الإرهاب، إذ أبدى الجانب الروسيّ تأييده للجهود المصريّة في هذا المجال.
وتنفّذ روسيا الاتحاديّة مشاريع كبرى في مصر، أبرزها محطّة الضبعة النوويّة، إضافة إلى المنطقة الصناعيّة الروسيّة في محور قناة السويس بمنطقة شرق بورسعيد، فضلاً عن التعاون بين قطاع سكك الحديد في روسيا ومصر من خلال صفقة توريد وتصنيع 1300 عربة سكّة حديد جديدة للركّاب أُبرمت في 25 أيلول/سبتمبر الماضي، وفق موقع الهيئة العامّة للاستعلامات المصريّة (حكوميّة). كما بلغ حجم التبادل التجاريّ بين مصر وروسيا خلال العام الماضي نحو 5 مليارات و112 مليون دولار، وفق تصريحات رئيس هيئة تنمية الصادرات خالد يوسف، خلال مشاركته في فعاليّات معرض "أرابيا إكسبو الدوليّ" الرابع في العاصمة الروسيّة موسكو بـ11 نيسان/إبريل.
واعتبرت أستاذة العلوم السياسيّة في جامعة القاهرة والمتخصّصة بالشأن الروسيّ نورهان الشيخ خلال اتصال هاتفيّ مع "المونيتور" أنّ زيارة وزير الخارجية الروسيّ للقاهرة جاءت في إطار الشراكة الاستراتيجيّة الشاملة بين البلدين، والتي تتطلّب زيارات متبادلة من فترة إلى أخرى للبحث في الأمور المشتركة، لافتة إلى أنّ توقيت الزيارة مهمّ لارتباط البلدين بعدد من الملفّات الإقليميّة المهمّة كالملفّين الليبيّ والسودانيّ، وكذلك الملفّ الفلسطينيّ ، وقالت: إنّ المباحثات تطرّقت إلى التنسيق بشأن القمّة الروسيّة - الإفريقيّة المرتقبة، والمرجّح انطلاقها في خريف العام الجاري في سوتشي.
أضافت: إنّ مصر لا بدّ أن تستعدّ جيّداً لها، خصوصاً في ظلّ اهتمام روسيا بالتعاون الاقتصاديّ مع إفريقيا، وترؤس مصر للاتّحاد الإفريقيّ في 10 شباط/فبراير الماضي الذي يستمر لمدة عام كامل، وهو ما يعطي فرصة كبيرة لمصر لتكون بوّابة روسيا إلى إفريقيا، لا سيّما من خلال إمكانيّة التعاون بين البلدين في مجال تصنيع الأسلحة التي يمكن تصديرها إلى إفريقيا في ما بعد، وكذلك إمكانيّة أن تكون مصر الترانزيت للطائرات الروسيّة في طريقها إلى إفريقيا.
وترتبط مصر وروسيا بعلاقات عسكريّة قويّة من خلال تطوير منظومة الدفاع الجويّ المصريّ. كما أهدت روسيا في عام 2016 القوّات البحريّة المصريّة قطعة بحريّة حديثة من طراز "مولنيا P32"، فضلاً عن بروتوكولات التعاون في التدريبات العسكريّة المشتركة.
وفي ما يخصّ الحديث عن عودة الرحلات السياحيّة بين المدن الروسيّة، أشارت نورهان الشيخ إلى أنّ هناك مصلحة مشتركة بين القاهرة وموسكو في وجود مزيد من التأمين للرحلات السياحيّة بين البلدين لتحقيق السلامة للسياح الروس.
ورأى أمين سرّ لجنة العلاقات الخارجيّة في مجلس النوّاب طارق الخولي خلال اتصال هاتفيّ مع "المونيتور" أنّ العلاقات الروسيّة - المصريّة تشهد تطوّرات سريعة على المستويات كافّة، وقال: هناك تعاون مصريّ - روسيّ كبير في ما يخصّ القضيّة السوريّة، واتّضح ذلك في رعايتهما أكثر من هدنة على الأراضي السوريّة مثل هدنة ريف حمص الشمالي وهدنة الغوطة الشرقية. كما أنّ هناك تقارباً في الرؤى في ما يخصّ الأوضاع في الأراضي الليبيّة.
ولفت إلى أنّه حتّى في حال وجود تباين في وجهات النظر حول بعض القضايا لا يؤثّر ذلك على العلاقة بين البلدين، وقال: أمّا في خصوص قرار عودة السياحة الروسيّة بشكل مباشر مرّة أخرى إلى الغردقة وشرم الشيخ فهو قرار سياسيّ ويعود إلى اطمئنان الجانب الروسيّ إلى الأوضاع عموماً في المنطقة، وليس في مصر فقط.
وبحسب موقع الهيئة العامّة للاستعلامات (حكوميّة)، فإنّ السياحة الروسيّة حقّقت 2.5 مليار دولار إيرادات لمصر، من أصل 7.4 مليار دولار حقّقها قطاع السياحة خلال عام 2015 بنسبة 33.8 في المئة من إجماليّ إيرادات السياحة، فيما انخفض أعداد السائحين الوافدين إلى مصر من روسيا بنسبة 54.9% خلال النصف الأول من العام 2016، وفق إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
وقال مساعد وزير الخارجيّة الأسبق جمال بيّومي في اتصال هاتفيّ لـ"المونيتور": إنّ المباحثات بين مصر وروسيا تأتي في توقيت مهمّ، إذ تشير إلى استعادة مصر وضعها كبؤرة للمشاورات السياسيّة، لا سيّما في ظلّ تصاعد الأزمات الإقليميّة في بعض الدول العربيّة مثل ليبيا وفلسطين.
أضاف: على المستوى الثنائيّ بين البلدين، فإنّ مصر وروسيا تستعيدان علاقة مميّزة، تمثّل دعماً سياسيّاً واقتصاديّاً مهمّاً لمصر.
وتصاعدت وتيرة الأحداث في ليبيا منذ مطلع الشهر الجاري بعد هجوم قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة المشير خليفة حفتر على العاصمة الليبية طرابلس، لإحكام السيطرة على معقل حكومة الوفاق الوطنية بقيادة فائز السراج المعترف بها من قبل الأمم المتحدة وهوما أسفر عن مقتل 147 شخصا وإصابة 614 وفق حصيلة لمنظمة الصحة العالمية أعلنتها في 16 نيسان/أبريل، فيما يواجه حفتر ضغوطًا دولية لسحب قواته من طرابلس.
ولم تعلن روسيا عن انحيازها لأحد الأطراف المتنازعة في ليبيا رغم استخدامها لحق النقض (فيتو) للإعتراض على بيان لمجلس الأمن لحث قوات حفتر على وقف التقدم في ليبيا في 7 نيسان/أبريل، وقال وزير الخارجية الروسي في حديث مع صحفية الأهرام عشية زيارته للقاهرة ونُشر في 6 نيسان/أبريل إن موسكو والقاهرة تنسقان جهودهما عن كثب لحل الوضع في ليبيا من خلال حوار وطني الشامل موضحًا أن هناك رؤية مشتركة بين البلدين في ذلك، فيما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي دعم مصر لجهود مكافحة الإرهاب والجماعات والميليشيات المتطرفة لتحقيق الأمن والاستقرار للمواطن الليبي في كافة الأراضي الليبية، وذلك خلال لقاء جمعه بحفتر في 14 نيسان/ أبريل في القاهرة.