القاهرة: في 9 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري، أصدرت وزارة الدولة للهجرة وشؤون المصرييّن بالخارج، بياناً رسميّاً أعلنت فيه تواصلها مع النائب العامّ المستشار حمادة الصاوي لمتابعة قضيّة المهندس علي أبو القاسم، المحكوم عليه بالإعدام في السعوديّة، بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتّاح السيسي.
وطبقاً للبيان ذاته الذي نشرته جريدة الشروق، فقد أكّد النائب العامّ المستشار الصاوي أنّه تتمّ متابعة القضيّة في صورة مستمرّة، وذلك من خلال التواصل مع المحكمة العليا في الرياض.
وعلي أبو القاسم عبد الوارث هو مهندس مصريّ يبلغ من العمر 35 عاماً ويعمل مهندساً مدنيّاً فى السعوديّة منذ عام 2007، وكانت إدارة مكافحة المخدّرات في السعوديّة قد ألقت القبض عليه لاتّهامه بتهريب أقراص مخدّرة هي أقراص الكبتاجون المحظورة في المملكة العربيّة السعوديّة، وذلك أثناء إشرافه على استلام ماكينة ضخمة لرصف الطرق كانت تحتوي الأقراص المخدّرة.
وصدر في حقّ أبو القاسم الحكم الأوّل بالإعدام من 3 قضاة، ثمّ صدّق عليه من 5 قضاة في دائرة الاستئناف في تشرين الأوّل/أكتوبر 2017.
وفي 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، قبلت المحكمة العليا في السعوديّة الطعن المقدّم على حكم إعدام المهندس المصريّ، وأمرت بإعادة أوراق القضيّة إلى محكمة الاستئناف لإعادة إجراءات المحاكمة.
وتداول روّاد موقع التواصل الاجتماعيّ مقاطع فيديو لسيّدة تدعى ابتسام سلامة، وهي زوجة المهندس أبو القاسم، تناشد فيه الرئيس السيسي، التدخّل لإنقاذ زوجها من حكم الإعدام الذي صدر في حقّه، مؤكّدة أنّها تمتلك كلّ المستندات التي تثبت براءة زوجها، وذلك بعدما قبضت وزارة الداخليّة المصريّة على المتّهمين الأصليّين، في 20 تمّوز/يوليو 2018، الذين ورّطوا زوجها في استيراد ماكينة ضخمة لرصف الطرق إلى السعوديّة باسمه، من دون علمه أنّ في داخلها أقراصاً مخدّرة.
ودشّن نشطاء وسم "أنقذوا المهندس علي من الإعدام"، على موقعي التواصل الاجتماعيّ "فيسبوك" و"تويتر"، ونشر عليه روّاد المواقع منشورات وتغريدات تتضامن مع قضيّته وتطالب الرئيس السيسي والمسؤولين المصريّين بالتدخّل لإنقاذ حياته، وإلغاء حكم الإعدام.
وفي 5 تشرين الأوّل/أكتوبر، أصدرت وزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريّين بالخارج، بياناً نشرته جريدة الأهرام الحكوميّة، أوضحت فيه الجهود التي تمّ بذلها في قضيّة المهندس المصريّ أبو القاسم، حيث ذكر البيان أنّ الوزراة تواصلت مع عدد ضخم من الجهات وقامت بلقاءات مع القنصليّة والسفارة المصريّة في السعوديّة والسفارة السعوديّة في القاهرة للوقوف على أبعاد هذه القضيّة. يقصد الجهات السعوديّة والمصريّة أيضًا
وأوضحت الوزارة أنّها تواصلت مع جهات مصريّة عدّة لإرسال طلب رسميّ إلى السلطات السعوديّة لإعادة التحقيقات، بناء على الموقف القضائيّ المصريّ الذي برّأ أبو القاسم وأدان 7 متّهمين آخرين مصريّين، وأضافت أنّها قدّمت الأوراق كافّة التي تثبت براءته من القضيّة، مشيرة إلى أنّ هناك اعترافات لشهود من مصر أثبتت عدم علمه بوجود شحنة مخدّرة في المعدّات التي استوردتها شركته وقام بتسلّمها وهو في السعوديّة.
بدوره، قال محمود حسّان، أحد أقارب المهندس المصريّ، إنّ الحكومة المصريّة تبذل كلّ جهودها الدبلوماسيّة والقضائيّة لإنقاذ أبو القاسم من حكم الإعدام عن طريق التواصل مع السلطات السعوديّة.
وأضاف حسّان في حديث هاتفيّ إلى "المونيتور" أنّ وزارة الخارجيّة المصريّة تعاونت مع وزارة الهجرة وشؤون المصريّين بالخارج والجهات القضائيّة والأمنيّة المصريّة لإرسال أدلّة براءة ابن خالته المهندس أبو القاسم إلى السلطات السعودية المختصة. وأكّد أنّ أبو القاسم وقع ضحيّة عصابة تهريب مخدّرات، حين وافق على طلب أحدهم باستيراد ماكينة ضخمة تستخدم لرصف الطرق في السعوديّة، من دون أن يعلم أنّها تحتوي على مواد مخدّرة.
وقال مصدر قضائيّ مصريّ رفيع المستوى، رفض نشر اسمه، إنّ النائب العامّ المصريّ المستشار الصاوي قد تواصل مع المحكمة العليا في الرياض التي أكّدت أنّ القضيّة مقيّدة بها ولم يصدر فيها حكم نهائيّ، حيث أنّ حكم الإعدام الصادر ضدّ أبو القاسم غير نهائيّ حتّى الآن، وتمّ الطعن به أمام المحكمة، ومن ثمّ أحالته إلى محكمة الاستئناف مرّة أخرى.
وأكّد المصدر في حديث إلى "المونيتور" أنّ الأخبار والشائعات المتداولة في شأن صدور حكم نهائيّ بالإعدام ضدّ أبو القاسم وقرب تنفيذه لا صحّة لها تماماً، حيث لم تفصل المحكمة في قضيّته، بعدما قبلت الطعن على حكم الدرجة الأولى الصادر ضدّه بالإعدام.
وأشار إلى أنّ وزارة الهجرة وشؤون المصرييّن بالخارج تتواصل مع مكتب النائب العامّ المصريّ والجهات القضائيّة المصريّة والسعوديّة في صورة مستمرّة للوقوف على آخر تطوّرات القضيّة ومحاولة التدخّل لتهدئة الموقف وإبراز الحقيقة للجانب السعوديّ.
وكشف المصدر أنّ مصر ناشدت السلطات السعوديّة للنظر في إمكان استصدار عفو ملكيّ عن المهندس المصريّ، استجابة إلى تدخّل وزارة الخارجيّة والرئيس السيسي في القضيّة، بعد استغاثات عدّة أرسلتها الأسرة إلى كلّ الجهات المعنيّة.
بدوره، يرى الخبير في العلاقات الدوليّة الدكتور أيمن سمير أنّ هناك مساعٍ مصريّة حثيثة لعدم صدور حكم نهائيّ بالإعدام ضدّ المهندس المصريّ أبو القاسم، بعد إرسال مكتب النائب العامّ المصريّ تحقيقاته، إلى السلطات السعوديّة، التي تشير إلى أنّه تمّ توريط أبو القاسم في القضيّة وأنّه لم يعمد إلى تهريب أيّ مخدّرات إلى السعوديّة.
ويشير سمير في حديث هاتفيّ إلى "المونيتور" إلى أنّ الحديث عن وجود شقاق بين مصر والسعوديّة بسبب قضيّة المهندس المصريّ، هو حديث عارٍ تماماً من الصحّة، مؤكّداً وجود تنسيق عالي المستوى بين الجانبين للتوصّل إلى حقيقة قضيّة اتّهام أبو القاسم بتهريب المخدّرات إلى المملكة.
وأكّد الخبير في العلاقات الدوليّة أنّ وزارة الداخليّة المصريّة خاطبت الجانب السعوديّ وأطلعته على نتيجة تحقيقاتها في القضيّة الخاصّة بتهريب المخدّرات إليها، بعدما قبضت على المتّهمين الرئيسيّين في القضيّة، واعترفوا بأنّ المهندس المصريّ لم يكن على علم بوجود شحنات مخدّرة مخبّأة داخل أجزاء الماكينة المورّدة إلى المملكة، متوقّعاً قرب صدور قرار بتبرئة أبو القاسم بعد استيفاء الأدلّة كافّة، أو صدور عفو ملكيّ عنه بعد تدخّل الرئيس السيسي شخصيّاً في القضيّة.