القاهرة - أقال الرئيس المصريّ عبد الفتّاح السيسي اللواء محمّد الشحات من منصبه كمدير للمخابرات الحربيّة، وعيّن اللواء خالد مجاور خلفاً له، يوم الأحد في 23 كانون الأوّل/ديسمبر 2018.
وأصدر السيسي أيضاً قراراً بتعيين اللواء صلاح سرايا قائداً للمنطقة الغربيّة العسكريّة، وهي التي تتولّى تأمين الصحراء الغربيّة المتاخمة للحدود مع ليبيا التي تشهد نزاعات شديدة على الحكم، منذ قيام حركة احتجاجات واسعة فيها أدّت إلى مقتل العقيد معمّر القذّافي فى 20 تشرين الأوّل/أكتوبر 2011.
تولّى المدير الجديد لجهاز المخابرات الحربيّة والاستطلاع اللواء مجاور من قبل منصب نائب مدير المخابرات الحربيّة وقائد الجيش الثاني الميدانيّ والملحق العسكريّ في سفارة مصر في الولايات المتّحدة الأميركيّة، فيما تولّى اللواء الشحات منصب مدير المخابرات الحربيّة خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وقد قال الباحث المتخصّص في الشؤون الأمنيّة والاستراتيجيّة والذي يعمل في جدريدة السفير اللبنانية علي أحمد إنّ التغييرات الأخيرة والمفاجئة التي أجراها الرئيس المصريّ جاءت بعد إخفاقات وتعثّرات عدّة على المستوى الاستخباراتيّ في شكل عامّ، وعلى مستوى تأمين الصحراء الغربيّة على الحدود مع الدولة الليبيّة في شكل خاصّ.
وأضاف أحمد فى حديث هاتفيّ إلى "المونيتور" أنّ نجاح عمليّات عدّة لتهريب السلاح من الأراضي الليبيّة إلى الأراضي المصريّة عبر الصحراء الغربيّة وانتشارها كانا السببين الرئيسيّين للتغييرات الأخيرة، بعد نشر تقارير صحافيّة وتحقيقات استقصائيّة تثبت تزايد وتيرة تهريب السلاح إلى مصر، واستخدام الجماعات الإرهابيّة المسلّحة هذه الثغرات الأمنيّة لزيادة نفوذها وتنفيذ عمليّات إرهابيّة عدّة مثّلت ضربات موجعة للأمن المصريّ.
يشير الباحث الأمنيّ إلى أنّ تزايد وتيرة العمليّات الإرهابيّة في الصحراء الغربيّة تحديداً، هو ما أدّى إلى هذه التغييرات، خصوصاً مع تحوّلها إلى منفذ لتهريب السلاح وتفريخ الإرهابيّين، وتنامي ظهور هذه الجماعات المسلّحة وقيامها بعمليّات إرهابيّة عدّة طيلة السنوات الماضية، كان على رأسها الحادث الذى استهدف سريّة جنود في كمين الفرافرة والذي راح ضحيّته 22 فردًا مساء يوم السبت في 19 تمّوز/يوليو 2014.
ويرى الباحث أنّ ذروة الإخفاقات في هذه المنطقة كانت حادثاً في منطقة الواحات في الجيزة والذى استهدف فيه المسلّحون دوريّة شرطة كاملة وكان ضحيّته 35 مجنّداً، كما قالت مصادر أمنيّة عدّة حينها، فى حين قالت وزارة الداخليّة إنّ الضحايا عددهم 16 فرداً فقط و3 مصابين.
"استهداف الدوريّة الشرطيّة في طريق خروجها إلى الصحراء الغربيّة للقيام بمداهمة أوكار بعض المسلّحين، كان هو السبب الرئيسيّ في إبعاد صهر الرئيس السيسي محمود حجازي من منصب رئاسة أركان القوّات المسلّحة، وتعيين محمّد فريد حجازي خلفاً له، بعدما تعالت الأصوات حول تقصير فادح من جانب الجهات الأمنيّة والعسكريّة في إنقاذ دوريّة الشرطة، وهو ما أدّى إلى خسائر فادحة فى الأرواح خفّضت الروح المعنويّة للقوّات فى هذا التوقيت"، بحسب أحمد.
وانتقد أحمد ما وصفه بالتعتيم الإعلاميّ على خبر تغيير القيادات، مرجّحاً صدور تعليمات إلى كلّ الصحف والمواقع الإلكترونيّة بعدم تداول الخبر، وهو ما يساعد على وأد التساؤلات من قبل الرأي العامّ عن أسباب هذه التغييرات المفاجئة وفي هذا التوقيت بالذات.
بدوره، يرى خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أنّ التغييرات التي أجراها الرئيس السيسي في قيادة المخابرات الحربيّة والمنطقة الغربيّة العسكريّة، تأتي لتجديد الدماء فى شرايين هذه الإدارات الهامّة ولإمداد هذا القطاعات بقيادات جديدة تؤدّي مهامها بكفاءة أكبر، خصوصاً مع تصاعد التحدّيات الأمنيّة فى ربوع مصر، وعلى الحدود الغربيّة في شكل خاصّ.
وأشار عكاشة في حديث إلى "المونيتور" إلى أنّ الحدود الغربيّة مع ليبيا كانت دائماً مصدراً للقلق والنزاعات، خصوصاً مع انفلات الوضع الأمنيّ فى دولة الجوار ليبيا، ونشاط الجماعات الإرهابيّة فى المنطقة المتاخمة للحدود الغربيّة المصريّة.
وأضاف عكاشة أنّ الدولة المصريّة قطعت شوطاً كبيراً في تحجيم نشاط الإرهاب والعمليّات الإرهابية المسلّحة في الصحراء الغربيّة عن طريق تطوّرات حربيّة واستراتيجيّة عدّة، منها ضمّ المدرّعة "شيربا" إلى أسطول المركبات، وافتتاح معهد تدريب جديد للقوّات الخاصّة.
وأشار إلى إنشاء غرف خاصّة لإدارة الأزمات مزوّدة بنظام لتتبّع خطّ سير المأموريّات الشرطيّة والعسكريّة. أمّا بالنسبة إلى العنصر الإداريّ فقد أجريت تغييرات قياديّة عدّة لضمان إدارة المشهد الأمنيّ على أعلى مستوى، وعلى هذا تمّ تغيير القيادات أكثر من مرّة، كانت آخرها قيادة المخابرات الحربيّة والمنطقة الغربيّة العسكريّة.
وأضاف: "أصدر الرئيس السيسي قرارات عدّة لتغيير عدد من القادة العسكريّيين، أبرزهم قادة الجيش الثاني والثالث رفيق رأفت عرفات وناصر العاصي، ورئيس المخابرات الحربيّة خالد مجاور ورئيس أركان الجيش محمد فريد حجازى.
وردّاً على تحوّل الظهير الصحراويّ الغربيّ إلى مسرح عمليّات إرهابيّة كبير، قال عكاشة إنّ قوّات الأمن نفّذت ضربات أمنيّة عدّة بنجاح في الفترة الماضية، منها الضربة التي شنّتها قوّات الأمن الوطنيّ واستهدفت فيها معسكراً إرهابيّاً داخل كهف داخل كهف جبلي بطريق أسيوط - سوهاج الصحراوي، وهو ما يعتبر جزءا من الصحراء الغربية، وذلك في 15 تشرين الأوّل/أكتوبر 2018، وحقّقت فيها نجاحاً بقتل 9 إرهابيّين في الاشتباكات التي دارت، فضلاً عن استهداف 19 عنصراً إرهابيّاً وقتلهم في محافظة المنيا من المتورّطين في واقعة استهداف الأقباط في دير الأنبا صموئيل، مؤكّداً أنّ المشهد الأمنيّ في مصر يصبّ في صالح الأجهزة الأمنيّة بوضوح، على حدّ قوله.