تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

هل تحسم مهلة واشنطن الجديدة حتّى نهاية شباط/فبراير صياغة اتفاق شامل حول سدّ النهضة؟

يواصل الخبراء الفنيّون والقانونيّون في مهلة زمنيّة جديدة حتّى نهاية شباط/فبراير المشاورات لصياغة اتفاق شامل حول ملء سدّ النهضة وتشغيله، لكن تبقى الضغوط الداخليّة في إثيوبيا تحدّياً رئيسيّاً قد يعيق حسم الكثير من البنود الجدليّة.
RTX75I7H.jpg

القاهرة: خلال مهلة زمنيّة جديدة حتّى نهاية شباط/فبراير، يواصل الخبراء الفنيّون والقانونيّون ووزراء المياه والخارجيّة في مصر والسودان وإثيوبيا محاولات التوافق على وثيقة شاملة تحسم الجدل حول النقاط العالقة والمواقف المتباينة في شأن ملء سدّ النهضة وتشغيله.

وبعد انتهاء اجتماع وزراء الخارجيّة والمياه في مصر والسودان وإثيوبيا مع وزير الخزانة الأميركيّة ستيفن منوشين ورئيس البنك الدوليّ ديفيد مالباس، في واشنطن بـ31 كانون الثاني/يناير، قال البيان المشترك الصادر عن وزارة الخزانة الأميركيّة: إنّ هناك قضايا أساسيّة ستخضع للتوقيع النهائيّ على الاتفاقيّة الشاملة، وهي جدول زمنيّ لخطّة ملء السدّ على مراحل وآليّة ملئه أثناء الجفاف والجفاف الممتدّ وآليّة للتشغيل السنويّ الطويل الأمد خلال سنوات الجفاف.

وكشف تباين في البيانين الصادرين عن وزارتيّ الخارجيّة المصريّة والإثيوبيّة عن خلاف جديد في شأن بعض القضايا، التي قد تمّ التجاوز عنها خلال جولات المفاوضات التي بدأت في واشنطن منذ تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2019، وهي مدى سلامة السدّ وأمانه وضرورة إتمام الدراسات الفنيّة المتعلّقة بآثاره البيئيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة على دولتيّ المصبّ (مصر والسودان).

وأكّد البيان المصريّ الصادر في 31 كانون الثاني/يناير أنّ الاتفاقيّة النهائيّة ستشمل بعض البنود المتعلّقة بأمان السدّ وإتمام الدراسات الخاصّة بآثاره البيئيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، بينما أكّد البيان الإثيوبيّ أنّ الهدف من المفاوضات مقتصر فقط على ملء سدّ النهضة وتشغيله، والحكومة الإثيوبيّة تتعهّد بالحفاظ على حقوق الشعب الإثيوبيّ لاستخدام مياه النيل لمصلحة الأجيال الحاليّة والمستقبليّة.

كانت مصر خاضت مع إثيوبيا جولات تفاوضيّة مطوّلة منذ التوقيع على اتفاق إعلان المبادئ في آذار/مارس من عام 2015، من أجل تنفيذ دراسات فنيّة حول الآثار البيئيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة لسدّ النهضة على مصر والسودان، إذ كانت القاهرة ترى تأثير السدّ بشكل سلبيّ على تملّح التربة في الدلتا بسبب انخفاض تدفّقات المياه.

ورغم اختيار مكتبيّ الاستشاريّ BRL وأرتيليا الفرنسيّين لتنفيذ الدراسات، إلاّ أنّ خلافات حول التقرير الاستهلاليّ للدراسات كانت السبب في توقّف هذا المسار الفنيّ، حتّى تعثّرت المفاوضات بشكل نهائيّ في أيلول/سبتمبر من عام 2019، وطالبت القاهرة بدخول وسيط دوليّ.

وفي حديث لـ"المونيتور"، قال مسؤول فنيّ في الوفد المفاوض المصريّ: "في بداية اجتماعات واشنطن، طرحت مصر كلّ القضايا التي تشغلها بشأن السدّ، والتي أثارها تقرير اللجنة الدوليّة للخبراء IPOE، بما في ذلك أمان السدّ ودراسة آثاره البيئيّة والاجتماعيّة والبحث في آليّات التكيّف وتقليل هذه الآثار، فضلاً عن قواعد ملء السدّ وتشغيله".

وأشار إلى أنّ "مصر لا تزال لديها مخاوف من أضرار بيئيّة لسدّ النهضة على دلتا النيل وارتفاع تملّح التربة بانخفاض معدّلات تدفّق المياه العذبة وغيرها من الآثار التي لا تزال تحتاج إلى الدراسة"، وقال: "حتّى الآن، لا يمكن القول إنّ هناك قضايا فنيّة أو نصّاً قانونيّاً تمّ التوافق عليه. حتّى الوثيقة الأميركيّة لا تزال غير مكتملة، وهناك بعض البنود تحت النقاش".

أضاف: "لا تزال هناك تفاصيل دقيقة يجب أن نضعها في اتفاق واضح وملزم حتّى لا نعود إلى سلسلة من المفاوضات والاجتماعات غير ذات الجدوى".

وتابع: "الوفد المصريّ يصبّ اهتماماً بالغاً بالتوصّل إلى صياغة قانونيّة واضحة لا تحتمل التأويل في خصوص تبادل المعلومات حول السدّ وطريقة اتّخاذ القرار من خلال آليّات التنسيق وتسوية النزاعات".

وذكر البيان الصحافيّ الصادر عن وزارة الخارجيّة المصريّة عقب الجولة الأخيرة في واشنطن بـ31 كانون الثاني/يناير، أنّ الجانب الأميركيّ أعدّ وثيقة اتفاق حول خطّة الملء وإجراءات التعامل مع الجفاف والجفاف الممتدّ خلال فترات الملء والتشغيل، وقامت مصر فقط بتوقيعها في نهاية الجلسة.

وفسّر توقيع مصر المنفرد على الوثيقة الأميركيّة المتحدّث باسم وزارة الموارد المائيّة والريّ محمّد السباعي خلال حديث لـ"المونيتور" قائلاً: "إنّ توقيع مصر دلالة على الالتزام السياسيّ بالتوصّل إلى حلّ عادل ومنصف يرعى مصالح الدول الثلاث".

وبرّر عدم توقيع إثيوبيا بالقول: "قد تكون لديها رغبة في التوقيع على وثيقة الاتفاق في شكلها النهائيّ".

ومنذ نهاية اجتماع واشنطن في 31 كانون الثاني/يناير، بدأت الحكومة الإثيوبيّة بتحرّكات مكثّفة لتهدئة الرأي العام الإثيوبيّ وطمأنته إلى حماية حقوقه في استغلال مياه النيل واستكمال بناء سدّ النهضة وتشغيله، وزار رئيس الوزراء الإثيوبيّ آبي أحمد علي موقع سدّ النهضة، في 1 شباط/فبراير، ونشر صوراً له من موقع السدّ على مواقع التواصل الاجتماعيّ تظهر التقدّم في الإنشاءات والأعمال المدنيّة. كما حضر جلسة استجواب في البرلمان الإثيوبيّ، في 3 شباط/فبراير، أكّد خلالها أنّ "إثيوبيا لن تدخل في أيّ اتفاق قد يؤذي مصالحها القوميّة".

 وعقد وزير المياه الإثيوبيّ سيلاشي بيكيلي عدداً من اللقاءات الصحافيّة واجتماعات مع مراكز الفكر والدراسات لإطلاعها على مستجدّات المفاوضات التي تجرى في واشنطن. وحملت لقاءاته رسائل إلى الرأي العام الإثيوبيّ أكّدت في مجملها أنّ مفاوضات سدّ النهضة قائمة على مبدأ الاستخدام العادل والمنصف لمياه النيل ولا تساوم على المصالح الإثيوبيّة المستدامة في مياه النيل.

وعن الموقف الإثيوبيّ في المباحثات التي تجرى تحت رعاية واشنطن، قال رئيس بحوث السودان ودول حوض النيل في مركز الأهرام للدراسات السياسيّة والاستراتيجيّة هاني رسلان خلال حديث لـ"المونيتور": "آبي أحمد يواجه مصاعب وتوتّراً سياسيّاً على الصعيد الداخليّ. ولذا، فهو يحتاج إلى قضيّة قوميّة تجمع كلّ القوميّات والإثنيّات على هدف واحد، وسدّ النهضة هو القضيّة المثاليّة لتحقيق مكاسب سياسيّة وكسب قاعدة شعبيّة كمشروع إنمائيّ قوميّ".

أضاف: "زيارة آبي أحمد لموقع السدّ والتصريحات الإثيوبيّة المتكرّرة عن تمسّك إثيوبيا المطلق بمصالحها رسائل موجّهة إلى الداخل الإثيوبيّ من أجل التعبئة الشعبيّة، خصوصاً أنّه يبدو أنّ هناك بعض المصاعب الفنيّة أو الماديّة للبدء في توليد الكهرباء".

وتابع: "إنّ تعنّت الموقف الإثيوبيّ في المفاوضات قد يعبّر عن الرغبة في رفع سقف المكاسب سواء مساعدات فنيّة أم اقتصاديّة من البنك الدوليّ أو واشنطن".

وتبقى الأنظار معلّقة على واشنطن حتّى نهاية شباط/فبراير الجاري، إلى حين التوصّل إلى اتفاق فنيّ نهائيّ يرضي مصالح الدول الثلاث ويقلّل مخاطر السدّ وأضراره على دولتيّ المصبّ من جهة، ويحقّق التطلّعات الاقتصاديّة من توليد الكهرباء لإثيوبيا من جهة أخرى، لكن تبقى الضغوط الداخليّة الشعبيّة على الحكومات عاملاً رئيسيّاً في حسم مواقف الدول من التوقيع على الاتفاق الشامل المتوقّع التوصّل إليه برعاية أميركيّة.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in