القاهرة: وجه المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في 27 أبريل/نيسان الماضي، خطابات لشركات البث والقنوات التلفزيونية التي تمتلك وحدات SNG، يحذرهم فيها من البث من خارج مدينة الإنتاج الإعلامي بالجيزة.
في 24 نيسان/إبريل الماضي، لم يجد المعارض المصريّ والقياديّ في حزب الدستور خالد داود سوى موقع الفيديو "سكايب" لإجراء مداخلة تليفزيونية مع شبكة "دويتشه فيله" الألمانيّة، إذ "رفضت شركة APTN التابعة لوكالة "أسوشيتد برس" ومزود البث الحالي لدويتش فيله من القاهرة، قبول استضافتي لإجراء مداخلة على القناة الألمانيّة من مصر بسبب رفض الأجهزة الأمنيّة منح التصاريح اللاّزمة"، بحسب ما قاله خالد دأود لـ "المونيتور".
منذ عامين، تستهدف الدولة شركات واستوديوهات مزوّد البثّ من مصر لصالح قنوات أجنبيّة، عبر سلسلة من العراقيل القانونيّة والضغوط السياسيّة وعمليّات شراء، أدّت إلى إغلاق هذه الشركات والاستوديوهات بغالبيّتها، بحسب ما قال لـ"المونيتور" مسؤول لدى واحدة من 3 شركات محليّة لا تزال تعمل في مجال البثّ للقنوات الأجنبيّة، اثنتان منها أصبحتا مملوكتين للدولة منذ عام 2018، وهما "وكالة الأخبار العربية ANA والشركة المتحدة للإعلام UNI.
شركات خدمات البثّ، هي شركات متّصلة بالأقمار الصناعيّة عن طريق وحدات SNG، تعمل في مجال الأخبار، وتوفّر للقنوات الأجنبيّة تغطية حدثيّة ومنصّات للضيوف عبر مصر. وظلّت هذه الشركات حتّى عام 2017 تعمل بتصاريح من الاتحاد الدوليّ للاتصالات، الذي يوفّر لها تردّدات من أقمار صناعيّة، تلتقطها القنوات الأجنبيّة التي تتعاقد معها.
حتّى 2017، كانت شركات واستوديوهات بثّ القنوات الأجنبيّة في مصر تبلغ 22 شركة واستوديو، بينها 5 شركات كبرى تحتكر الجزء الأكبر من تزويد خدمة البثّ لوسائل الإعلام العربيّة والأجنبيّة، بحسب نادر جوهر، مدير شركة Cairo News Company للبث لـ "المونيتور".
وفي أيلول/سبتمبر من العام المذكور، شنّت الشرطة المصريّة حملة مداهمة على الكثير من شركات البثّ موجّهة إليها تهم العمل من دون تراخيص والبثّ لصالح قنوات تابعة للإخوان المسلمين، وكذلك العمل ضدّ الأمن القوميّ، بحسب المسؤول في شركة البث.
"فوجئنا بضابط جاء إلى مكتب الشركة، وسأل عن تصاريح العمل، فأظهرنا له تصاريح الاتحاد الدوليّ للاتصالات، فأخبرنا أنّ هذه التصاريح ليست صادرة من الدولة. وبالتالي، فإنّنا نعمل بشكل غير قانوني"، يتابع المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، حتّى لا يواجه مشكلات مع الحكومة.
وفي أكتوبر 2018، وجه المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إنذارات لـ 6 شركات بعدم البث خارج مدينة الإنتاج الإعلامي دون تصريح من المجلس، بحسب الأمين العام للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أحمد سليم. وتبلغ عقوبة تشغيل أو حيازة أجهزة بث غير مرخصة حد مصادرة الأجهزة بإضافة إلى عقوبة سجن قد تصل إلى 5 سنوات، وفقا لقانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لعام 2018.
ومن بين هذه القيود المفروضة وفقا لقانون تنظيم الصحافة والإعلام، منع مصوّري شركات البثّ من استخدام أجهزة "لايف يو" خلال تغطية الأحداث خارج مكتبها، بحسب نادر جوهر. وأسفرت هذه القيود التي يفرضها قانون تنظيم الصحافة والإعلام، عن " غلق جميع الاستوديوهات والشركات الصغيرة، واثنتين من الشركات الكبرى، هما: Video Cairo Sat التي أغلقت مكاتبها في مصر نهائيّاً في أواخر عام 2017، تبعتها شركة ITS Production نهاية عام 2018"، بحسب جوهر
كما اشترت شركة إعلام المصريّين التابعة للدولة شركة ANA التي كانت مملوكة لمجموعة "سي بي سي" الفضائيّة في أيلول/سبتمبر الماضي. واستحوذت شركة إعلام المصريّين أيضاً،- بفضل امتلاكها لمجموعة فيوتشر ميديا- على غالبية الأسهم في الشركة المتّحدة للإعلام UNI.
ورغم أنّ موقع شركة UNI يظهر أنّها تبثّ للعديد من القنوات والمؤسّسات الإعلاميّة المصريّة والخارجيّة منها: "يورونيوز"، "سي إن إن"، "بي بي سي"، "سكاي نيوز"، "سي أن بي سي"، وغيرها، إلاّ أنّ مصدراً من الشركة أوضح لـ "المونيتور"، أنّ الشركة لم تعد تعمل في مجال البث سوى لقناة "العربيّة" السعوديّة.
وكذلك، أشار المصدر إلى أنّ القنوات الأجنبيّة المستقلّة، لا سيّما الأوروبيّة، تميل إلى العمل مع شركات البثّ المستقلّة، وليست المملوكة للدولة، موضحاً أنّه رغم الانفاقات الكبيرة التي أنفقتها شركة إعلام المصريّين على شركة ANA للهيمنة على هذه السوق، إلاّ أنّ القنوات الأجنبية تفضّل عدم التعامل معها.
"القنوات الأجنبيّة لديها بروتوكولات تمنعها من العمل مع شركات تابعة للدولة، والتي لن تكون مزوّد خدمة حياديّ لهذه القنوات"، قال مسؤول آخر في شركة خدمات بثّ بمصر لـ"المونيتور".
وكذلك، قال جوهر: إنّ القنوات الأجنبيّة بدأت تلجأ إلى شركات خدمات إعلاميّة دوليّة مثل APTN بسبب إغلاق شركات البث المحليّة بغالبيّتها.
وأوضح جوهر أنّ شركته لا تقبل باستضافة أعضاء من جماعات محظورة، وفقاً للقانون المصريّ، مثل الإخوان وحركة 6 أبريل، تجنّباً لمخالفة القانون ومواجهة عراقيل في التصاريح الشهريّة التي تعمل بها الشركة.
وبدوره، لفت خالد داود لـ"المونيتور" إلى أنّ شركات البثّ التي كانت تستضيفه على قنوات أجنبيّة، كانت تطلب منه عدم التمادي في الهجوم على الحكومة المصريّة حتّى لا يتسبّب في مشكلات للشركات، موضحاً أنّ تجديد تصريح العمل بشكل شهريّ دفع بالشركات إلى رفض مطالب القنوات الأجنبيّة استضافة بعض الشخصيّات المعارضة، حتّى لا تخسر تصاريحها، وقال: "إنّ الضغوط الممارسة على هذه الشركات هي وسيلة لمنع صوت المعارضة من الوصول إلى الإعلام الخارجيّ، بعد حظر الشخصيّات المعارضة من الظهور في الإعلام المحليّ الذي سيطرت عليه الدولة".