أعلن عضو المكتب السياسيّ لـ"حماس" ورئيس دائرتها الإعلاميّة خليل الحيّة، في 29 تشرين الثاني/نوفمبر، خلال لقاء على قناة "الميادين" اللبنانيّة، أنّ "حماس" أبلغت الفصائل الفلسطينيّة - من دون تحديده موعد دقيق لذلك - أنّ الشعب الفلسطينيّ يحتاج إلى شخصيّة وطنيّة توافقيّة للانتخابات الرئاسية، تتوافق عليها الغالبيّة الوطنيّة، وحماس تدفع في هذا الاتّجاه، على أن يكون المرشّح داعماً لبرنامج المقاومة، وليس بالضرورة من "حماس"، وأستبعد أن يكون منها.
هذا الموقف الرسميّ الأوّل من "حماس" في خصوص الانتخابات الرئاسيّة، التي أعلنت مقاطعتها لهذه الانتخابات بدورتيها: الأولى في 20 كانون الثاني/يناير من عام 1996 حين فاز ياسر عرفات، والثانية في 9 كانون الثاني/يناير من عام 2005 حين فاز محمود عبّاس، ورفضت الحركة آنذاك المشاركة فيهما ترشيحاً وانتخاباً.
وقال عضو دائرة العلاقات الوطنيّة في "حماس" محمود مرداوي لـ"المونيتور": "إنّ حماس تنظر إلى الانتخابات الرئاسيّة لتغيير الواقع الفلسطينيّ، وليس للسجال الداخليّ وانقسام جديد، ونأمل أن يضع المرشّحون على سلّم أولويّاتهم مقاومة الاحتلال الإسرائيليّ. رئيس السلطة صلاحيّاته واسعة، الأمر الذي يتطلّب من حماس اختيار شخصيّة وطنيّة جامعة مقبولة، وحماس تقود توجّهاً لاختيار مرشّح توافقيّ. أسماء المرشّحين الوازنين كثيرة، لكن طالما أنّ اختيار المرشّح مسألة توافقيّة بين الفصائل، فلا يصحّ أن يبادر كلّ تنظيم إلى طرح أسماء من عنده".
وفيما دعت "حماس" إلى اختيار مرشّح رئاسيّ توافقيّ، شهدت "فتح" خلافات مبكرة حول مرشّحها للانتخابات الرئاسيّة، إذ أعلن عضو لجنتها المركزيّة حسين الشيخ على "تويتر"، في 15 تشرين الأوّل/أكتوبر، أنّ مرشّحها الوحيد للرئاسة هو الرئيس محمود عبّاس. أمّا أمين سرّ لجنتها المركزيّة جبريل الرجوب فأكّد، في 4 تشرين الثاني/نوفمبر، على تلفزيون "فلسطين"، أنّ عبّاس لن ينافس في الانتخابات.
ومن جهته، أعلن عضو لجنتها المركزيّة ناصر القدوة، في 22 تشرين الثاني/نوفمبر لصحيفة "العربيّ الجديد"، أنّ "فتح" لم تناقش بعد مرشّحها لخوض الانتخابات الرئاسيّة.
وقال عضو رابع في اللجنة المركزيّة لـ"فتح"، أخفى هويّته، لـ"المونيتور": "من السابق لأوانه مناقشة مرشح في هذه المرحلة المبكرة. فتح ذاتها بدأت تعيش هذه التجاذبات بمواقف متباينة حول مرشّحها، وهذا أمر غير سويّ، نريد الانتخابات لطيّ صفحة الانقسام، وليس تعميقها".
علم "المونيتور" من أوساط سياسيّة فلسطينيّة في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة، أنّ مشاورات بدأت تجري خلف الكواليس بين التنظيمات وشخصيّات مستقلّة، ترى نفسها مؤهّلة للترشّح للانتخابات الرئاسيّة، وأعلن أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة "النّجاح" الوطنيّة بنابلس عبد الستّار قاسم، في 24 تشرين الثاني/نوفمبر، عزمه على الترشّح، وهو أحد أقوى الناقدين للسلطة الفلسطينيّة.
وقال عبد الستّار قاسم، والذي كان مؤهلًا لخوض الانتخابات الرئاسة لعام 2005 قبل أن ينسحب لاحقًا، لـ"المونيتور": "سأترشّح للانتخابات، وأرحّب بأن أكون مرشّحاُ توافقيّاً للفصائل. لديّ برنامج سياسيّ، وأرحّب بأيّ دعم فصائليّ غير مشروط، وإلاّ فإنّي سأسعى إلى تحقيق فوز من دونها، فالفلسطينيّون سيدعمون مرشّحين مستقلّين، بعد أن خابت آمالهم من الفصائل".
من جهته، أكّد الإعلاميّ المصريّ أحمد جمعة القريب من دوائر السياسة المصريّة والفلسطينيّة، في 1 تشرين الثاني/نوفمبر على موقع "أمد"، أنّ هناك مرشحّين محتملين للانتخابات الرئاسيّة، هما: مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزيّة لـ"فتح" المعتقل في السجون الإسرائيليّة منذ عام 2002،ـ وشعبيّته واسعة في الضفّة الغربيّة، ومحمّد دحلان عضو المجلس التشريعيّ والقياديّ الفتحاويّ الذي فصله عبّاس في عام 2011، ويترأس التيّار الإصلاحيّ الديمقراطيّ.
وقال عماد محسن، وهو المتحدّث باسم التيّار الذي يقوده دحلان، لـ"المونيتور": "إنّ التوافقات الوطنيّة حول المرشّح الرئاسيّ مقبولة، شرط ألاّ تأتي على حساب ممارسة الحقّ الانتخابيّ، والتوافق ليس فقط لاختيار الرئيس، بل على البرنامج الوطنيّ. دحلان نائب منتخب، وله شعبيّة واسعة، ومن حقّه الترشّح لأيّ موقع. التيّار يدعو إلى تحويل النظام السياسيّ الفلسطينيّ إلى برلمانيّ، بدل يختار الشعب نوّابه، وتشكّل الحكومات من الكتل ذات الأغلبية البرلمانيّة".
مع العلم أن النظام السياسي الفلسطيني الحالي هو رئاسي، استطاع الرئيس عباس بموجبه إحكام سلطته المطلقة على كل مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني برمتها.
التقى السفير القطريّ في فلسطين محمّد العمادي قادة "حماس" بالضفّة الغربيّة، في 1 تشرين الثاني/نوفمبر، برئاسة رئيس المجلس التشريعيّ عزيز دويك، وأكّد لهم ضرورة المشاركة في الانتخابات الرئاسيّة وترشيح شخصيّات مستقلّة.
وقال وزير الصحّة السابق وعضو دائرة العلاقات الدوليّة في "حماس" باسم نعيم لـ"المونيتور": "إنّ حماس قرّرت دعم مرشّح وطنيّ توافقيّ، وليس منها، فذلك يساعدها على اختراق الساحة الدوليّة. استمعت أخيراً إلى ديبلوماسيّين أجانب زاروا غزّة، وأكّدوا أنّ نظرتهم لحماس تغيّرت إيجابيّاً، وزيادة هذه النظرة الإيجابيّة تتطّلب منها دعم مرشّح وطنيّ، بعيداً عن الإيديولوجيّات الحزبيّة. الرئيس المقبل يجب أن يمثّل الكلّ الفلسطينيّ، ويفضل أن يكون من داخل الوطن، وليس خارجه، خشية تأثرّه بالسياسات الإقليميّة إن كان مقيماً في إحدى دول المنطقة".
وأعلن "المركز الفلسطينيّ للبحوث السياسيّة والمسحيّة"، في 22 أيلول/سبتمبر، نتائج استطلاع للرأي بين الفلسطينيّين حول الانتخابات الرئاسيّة، وجاء فيه: لو تنافس البرغوثي ورئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنيّة، سيحصل الأوّل على 62% والثاني على 34%. وإن لم يترشّح عبّاس، فإنّ البرغوثي هو أفضل المرشّحين، حيث تفضّله نسبة 36%، يتبعه هنيّة بـ19%، ثمّ دحلان بـ8%.
وقال عضو المكتب السياسيّ للجبهة الديمقراطيّة لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة لـ"المونيتور": "كلّ خيارات الانتخابات الرئاسيّة قائمة لدى الجبهة، سواء كما حصل في ترشيح تيسير خالد عضو مكتبها السياسيّ بانتخابات 2005، أو البحث عن مرشّح توافقيّ بين الفصائل، لكنّ الانشغال بهويّة المرشّح الرئاسيّ مبكر، ونخشى أن يشتّت الجهود المنصبة على استصدار المرسوم الرئاسيّ بإجراء الانتخابات".
يتضمّن الموقف الجديد لـ"حماس" من الانتخابات الرئاسيّة، رغبة واضحة منها في تحديد هويّة الرئيس الفلسطينيّ المقبل، الأمر الذي يفتح الباب واسعاً أمام أهدافها من ذلك، وتوجّهها إلى دخول النظام السياسيّ الفلسطينيّ هذه المرّة من بوّابته الكبرى الرئاسيّة التنفيذيّة، بعد أن سيطرت على السلطة التشريعيّة في الانتخابات السابقة، بـ25 كانون الثاني/يناير من عام 2006.