مدينة غزّة - كشف قياديّ بارز في حركة حماس، رفض الكشف عن هويّته، لـ"المونيتور"، عن أنّ مباحثات جرت أخيراً بين قيادة حماس ودول وسيطة عدّة (لم يحدّدها) زارها رئيس المكتب السياسيّ للحركة اسماعيل هنيّة أخيراً في جولته الخارجيّة التي بدأها في 7 كانون الأوّل/ديسمبر 2019، لوضع خطوط عريضة مبدئيّة للانطلاق من خلالها إلى إبرام صفقة تبادل أسرى جديدة بين الحركة وإسرائيل.
وتقول حركة حماس إنّها تحتفظ بـ4 أسرى إسرائيليّين لديها، هم الجنديّان آرون شاؤول وهدار غولدن، وتقول إسرائيل إنّهما عبارة عن جثمانين إذ قتلا في الحرب الأخيرة على غزّة في عام 2014، فيما ترفض حماس الإفصاح عن مصيرهما، إضافة إلى أبراهام منغستو وهو يهوديّ من أصل إثيوبيّ وهشام السيّد من أصول عربيّة، وكلاهما دخلا إلى قطاع غزّة بأنفسهما في عام 2014.
وقال القياديّ، وهو عضو في المكتب السياسيّ للحركة: "أهمّ بنود هذه الخطوط هي أن تقوم إسرائيل بالإفراج عن الفلسطينيّين كافّة الذين أعادت اعتقالهم بعد الإفراج عنهم بموجب صفقة شاليط والبالغ عددهم 50 أسيراً، وأن توافق إسرائيل على إدراج أسماء أسرى كانت ترفض الإفراج عنهم ضمن صفقة شاليط، مثل عضو اللجنة المركزيّة لحركة فتح مروان البرغوثي، والأمين العامّ للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين أحمد سعدات".
وأوضح القياديّ في حماس أنّ إسرائيل رفضت مطالب حماس، وخصوصاً إدراج البرغوثي ضمن صفقة التبادل المقبلة، الأمر الذي أجبر حماس على وقف المباحثات في هذه القضيّة، مشيراً إلى أنّ الدول الوسيطة تعهّدت بممارسة المزيد من الضغط على إسرائيل لأجل إحداث مرونة في موقفها.
وكان مسؤول ملفّ الأسرى في حماس موسى دودين، قال للمركز الفلسطينيّ للإعلام في 4 كانون الأوّل/ديسمبر 2019، إنّ دولاً عربيّة وغربيّة أهمّها مصر، قطر، تركيا، السويد، وألمانيا، تعمل على إبرام صفقة تبادل جديدة بين حماس وإسرائيل.
وبينما كثر الحديث أخيراً حول من سيخلف محمود عبّاس في رئاسة السلطة الفلسطينيّة وحول ترشّح شخصيّات تسير على نهج عبّاس ذاته المؤيّد للتنسيق الأمنيّ مع إسرائيل والمتفرّد بالقرار الفلسطينيّ، مثل رئيس جهاز المخابرات العامّة ماجد فرج وأمين سرّ حركة فتح جبريل الرجوب، تصرّ حماس على الإفراج عن البرغوثي وإعادته إلى المشهد السياسيّ في الضفّة الغربيّة.
وقال القياديّ في حماس: "إصرار حماس على الإفراج عن البرغوثي يعود لاعتباره الشخصيّة الفتحاويّة الأقرب إليها، كونه يحمل مواقفاً سياسيّة قريبة من مواقف حماس، خصوصاً في ما يتعلّق بممارسة المقاومة بأشكالها كافّة ضدّ إسرائيل، ونبذ التنسيق الأمنيّ".
ويعتبر البرغوثي الشخصيّة الأكثر شعبيّة بين قيادات حركة فتح، إذ نال العدد الأكبر من أصوات أعضاء مؤتمر حركة فتح السابع الذي عقد في كانون الأوّل/ديسمبر 2016 في رام الله، بـ930 صوتاً من أصل 1400 صوت للأعضاء الذين شاركوا في المؤتمر.
ويقضي البرغوثي حكماً بالسجن المؤبّد 5 مرّات وأربعين عاماً منذ 15 نيسان/أبريل 2002 بعدما اتّهمته إسرائيل بالوقوف وراء عمليّات مسلّحة نفّذتها كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكريّ لحركة فتح، وأدّت إلى إصابة عشرات الإسرائيليّين ومقتلهم، في بداية الانتفاضة الفلسطينيّة التي اندلعت في 28 أيلول/سبتمبر 2000.
وقال عضو المجلس الثوريّ لحركة فتح حاتم عبد القادر لـ"المونيتور": "إنّ البرغوثي لديه توجّه إلى الترشّح إلى الانتخابات الرئاسيّة المقبلة، فموقعه الوطنيّ والتنظيميّ أيضاً يؤهّله لهذا الأمر".
وبينما أشار عبد القادر إلى عدم وجود أيّ حراك للسلطة الفلسطينيّة للضغط على إسرائيل للإفراج عن البرغوثي، قال: "نحن نعوّل الآن على صفقة تبادل أسرى جديدة تفضي إلى الإفراج عن البرغوثي".
ويقول الكاتب والباحث في مركز الدراسات الإقليميّة-فلسطين في غزّة أيمن الرفاتي لـ"المونيتور": "إنّ إسرائيل غير جاهزة الآن لخوض مباحثات جادّة لعقد صفقة تبادل جديدة مع حماس، خصوصاً في ظلّ عدم وجود حكومة إسرائيليّة مستقرّة والتجهيز لعقد انتخابات ثالثة في إسرائيل".
وأضاف: "أعتقد أنّ رئيس الحكومة الإسرائيليّة وزعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو يحاول تحريك هذا الملفّ مع قرب عقد الانتخابات الثالثة، من أجل كسب المزيد من النقاط لصالحه للتفوّق على غريمه زعيم حزب أزرق-أبيض بيني غانتس، إذ أظهرت نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة في إسرائيل تفوّقه على نتنياهو".
واعتبر الرفاتي أنّ الرفض الإسرائيليّ للإفراج عن البرغوثي يعبّر عن رغبة إسرائيليّة في أن يبقى عبّاس أو إحدى الشخصيّات المقرّبة منه رئيساً للسلطة الفلسطينيّة من دون وجود منافس معارض لسياسات السلطة الهادفة إلى ضمان أمن إسرائيل، مثل إحباط العمليّات الفلسطينيّة ضدّ أهداف إسرائيليّة في الضفّة الغربيّة.
بالنسبة إلى عبد القادر، فيقول إنّ هناك اختلافاً في وجهات نظر قادة حركة فتح البارزين في مسألة ترشّح البرغوثي إل الرئاسة، رافضاً الحديث عن مزيد من التفاصيل حول هذا الأمر.
وكانت فدوى البرغوثي زوجة مروان البرغوثي، اتّهمت في تصريحات إلى موقع "نون بوست" في 20 نيسان/أبريل 2017، حركة فتح بـ"تدبير مؤامرة لزوجها لإخراجه منها، وعدم توكيله بأيّ منصب في الحركة، على الرغم من حصوله على أعلى النتائج في انتخابات الحركة الأخيرة".
يقول أستاذ العلوم السياسيّة في الجامعة الإسلاميّة في غزّة وليد المدلّل لـ"المونيتور": "إنّ عودة البرغوثي إلى الحياة السياسيّة داخل حركة فتح، يمكن أن تطيح بالعديد من قادة فتح المقرّبين من عبّاس الذين يحاولون الصعود إلى رئاسة السلطة في مرحلة ما بعد عبّاس".
وأضاف: "أعتقد أنّ هناك من يحاولون طمس دور البرغوثي في الحركة، ولعلّ لقاء عبّاس بزوجة البرغوثي في مقرّ الرئاسة في رام الله في 31 كانون الأوّل/ديسمبر 2019، في حضور ماجد فرج ووزير الشؤون المدنيّة حسين الشيخ، يأتي في إطار التخفيف من حدّة الخلافات بين البرغوثي الأسير وقيادات فتح التي تسعى إلى رئاسة السلطة بعد عبّاس".