تفتقر التظاهرات التي تشهدها إيران حاليّاً إلى دعم الإصلاحيّين. لقد حظيت التظاهرتان الكبيرتان الأخيرتان في إيران، وهما التظاهرات الطلابيّة سنة 1999 والتظاهرات الانتخابيّة سنة 2009 بدعم شخصيّات إصلاحيّة. لكنّ الإصلاحيّين خسروا الكثير من نفوذهم السياسيّ في كلّ من هاتين التظاهرتين، وأصبحوا بالتالي يتوخّون الحذر في ما يتعلّق بفعالية هذا النوع من التظاهرات وإمكانيّة تحوّل الاحتجاجات إلى أعمال عنف.
وفي بيان وقّعته 16 شخصيّة إصلاحيّة، يبدو أنّ بعض الأفراد في المعسكر الإصلاحيّ يحاولون إيجاد حلّ للتظاهرات التي لم تشملهم حتّى هذه اللحظة. ووقّع الرسالة عدد من الشخصيّات الإصلاحيّة الأكثر صراحة ونفوذاً، بما في ذلك سعيد حجاريان، الذي غالباً ما يشار إليه بكبير المنظّرين الإصلاحيّين، ومصطفى تاج زاده، وفيض الله أرابسورخي، ومحمد رضا خاتمي، وهو شقيق الرئيس السابق محمد خاتمي والأمين العامّ السابق لحزب جبهة المشاركة الإسلاميّة، الذي كان في السابق مجموعة إصلاحيّة نافذة.
وجاء في البيان ما يأتي: "ما زال الناس يشعرون بالاستياء، وإن لم يتمّ اتّخاذ خطوات أساسيّة لحلّ مشاكل الاحتجاجات، ولم تتمّ معالجة الشكاوى المحقّة بشكل مناسب، فستتكرّر هذه الأحداث وسيكون ثمنها أغلى. إنّ المشاكل ومشاعر الاستياء الموجودة في المجتمع لديها أبعاد مختلفة. تعاني نسبة كبيرة من الناس بسبب العجز الاقتصاديّ والبطالة والرواتب المنخفضة. ويتظاهر بعضهم أيضاً ضدّ القيود السياسيّة والاجتماعيّة".
وتطرّق البيان أيضاً إلى دور الانتخابات في التظاهرات. فجاء فيه أنّ "الشعب شارك مرّات متعدّدة في الانتخابات بنزاهة وتفاؤل ومنح الحكومة مصادقة دستوريّة وشعبيّة، لكنّ تحرّكه المدنيّ لم يلقَ للأسف استجابة مدروسة وسريعة".
وتابع البيان أنّ عدم وجود مؤسّسات لحلّ الشكاوى والخلافات وعدم الاعتراف بحقّ التظاهر القانونيّ أدّيا إلى تظاهرات في الشارع وإلى استمرار التظاهرات. وجاء فيه ما يأتي: "ندافع عن حقّ المواطنين من أيّ فئة كانت في التظاهر". وأضاف البيان أنّ التظاهرات والتعبير عن السخط والاستياء لا تشكّل خطراً على الحكومة، بل الخطر هو "اليأس وغياب الثقة، والغضب والعنف بدلاً من... الحوار". واستنكر البيان أيضاً العنف، واصفاً إيّاه بأنّه خسارة للجميع، وكلّ شكل من أشكال التدخّل الخارجيّ.
وبما أنّ الإصلاحيّين لم يشاركوا في البداية في التظاهرات، ولم يعبّروا عن دعمهم للتظاهرات، وبما أنّ أصواتهم مسموعة في الإدارة بفضل تأييدهم للرئيس حسن روحاني، لم يرحّب بعض الإيرانيّين على مواقع التواصل الاجتماعيّ بخبر البيان الصادر عن الإصلاحيّين. فانتقد بعضهم البيان لأنّه زعم أنّ التصويت منح الحكومة الشرعيّة فيما الواقع هو أنّ بعض الناخبين يختار بين "السيئ والأسوأ". وانتقد بعضهم الآخر البيان لأنّه لم يذكر الأشخاص الـ 21 الذين قُتلوا في التظاهرات. وأشار البعض على مواقع التواصل الاجتماعيّ إلى أنّه فيما دعا 16 إصلاحيّين إلى حوارمفتوح ودافعوا عن حقوق المتظاهرين، أدلى ثلاثة من الموقّعين في السابق بتصاريح انتقدوا فيها التظاهرات.
ودعا البيان أيضاً إلى الإفراج عن الطلّاب الجامعيّين الذين اعتقلوا خلال التظاهرات. ومع أنّ الطلّاب لم يشاركوا في الاحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد الأسبوع الماضي، أفادت تقارير عن اعتقال العشرات منهم. وقال أمين الاتّحاد الإسلاميّ للطلبة، محمد رهبري، في 7 كانون الثاني/يناير إنّه تمّ الإفراج عن عدد من الطلّاب الجامعيّين، ومن المتوقّع الإفراج عن المزيد قريباً. وأشار رهبري إلى أنّ الطلّاب المعتقلين لا ينتمون إلى حزب سياسيّ معيّن، لكنّهم يتابعون قضاياهم مع الجامعات ووزارة العلوم والنوّاب.