يبدو أن المقابلة المتلفزة الأولى التي أطلّ بها الرئيس الإيراني حسن روحاني بعد موجة الاحتجاجات الأخيرة، فشلت في تبديد الجزء الأكبر من مشاعر الغضب لدى الجمهور الإيراني.
فقد وقع اختيار التلفزيون الرسمي الإيراني لأوّل مرة على المذيع التلفزيوني الذائع الصيت، رضا رشيدبور، وهو من الإصلاحيين، لإجراء مقابلة مع روحاني. وفي حين وعد رشيدبور المشاهدين بمقابلة صعبة يضع فيها الرئيس أمام التحدّي، لم يتحقّق ذلك، وقد وجّه الرأي العام والمحلّلون انتقادات لاذعة للمذيع وروحاني على السواء.
في المقابلة المتلفزة التي أجريت في 22 كانون الثاني/يناير، أجاب روحاني المعتدل عن أسئلة وشائعات مستفيضة عنه وعن البلاد، فإذا بالمشاهدين أمام المقابلة الرئاسية الأولى التي تنتهي من دون أن يتحدّث روحاني – المعروف بـ"الشيخ الديبلوماسي" – عن السياسة الخارجية أو يأتي على ذكر الاتفاق النووي.
رداً على سؤال عن تراجع قيمة الريال الإيراني مؤخّراً، قال روحاني: "لا نملك احتياطياً من العملات الأجنبية، وهذه التقلّبات لن تستمر في المدى الطويل". كذلك نفى الشائعات بأن الحكومة تسعى إلى معالجة عجز الموازنة عبر الامتناع عمداً عن ضخ كمية كافية من العملات في السوق بغية الإفادة من المراجحة بين أسعار الصرف الرسمية وأسعار الصرف في السوق المفتوحة.
وقال روحاني متحدّثاً عن الاضطرابات الأخيرة على الرغم من أن مُحاوره لم يطرح الموضوع: "الاحتجاج ضمن إطار القانون مقبول، لكن التشنّجات والاضطرابات غير المبرّرة تثير المخاوف لدى الناس".
رداً على سؤال عن التعثّر الائتماني – وعجز المؤسسات المالية عن إعادة أموال المودعين – أجاب روحاني: "عمدت بعض [المؤسسات المالية] إلى خداع الناس بإطلاق وعود فارغة عن تقديم [معدلات] فوائد [مرتفعة]، لكننا سنعمل على حل المشكلة بصورة كاملة".
وعن موضوع التلوّث الغباري في جنوب غرب إيران، أشار روحاني إلى أن الحكومة باشرت العمل على خطة شاملة لمعالجة المصادر الداخلية للغبار، مضيفاً: "تلوّث الهواء من أبرز الهموم التي تشغل الناس، ولن أنسى أبداً لطف أبناء خوزستان ومحافظات أخرى".
وتحدّث الرئيس أيضاً عن المأزق الأخير على خلفية الحجب المؤقّت لموقع "تلغرام"، مشيراً إلى أن الحكومة تكبّدت مشقّة من أجل إعادة العمل بالتطبيق الرائج عبر الهواتف الذكيّة. أضاف روحاني أن المحاولات التي بذلها لرفع الحظر عن موقع "تويتر"، باءت بالفشل حتى تاريخه.
لم تؤدِّ المقابلة إلى النتيجة التي يبدو أن روحاني والتلفزيون الرسمي الإيراني كانا يتوخّيانها منها. بعد انتهاء المقابلة، غرّد المحلل الإصلاحي المرموق صادق زيبا كلام: "ليت الرئيس روحاني يدرك أنه في كل مرة يُخاطب فيها الناس، يخسر جزءاً إضافياً من الـ24 مليون صوت التي اقترعت لصالحه. ليته يدرك أنه يُهين ذكاء الناس بـ[تركيزه على] الهراء المصطنَع والأسئلة والأجوبة السطحية بدلاً من معالجة المسائل والمشكلات الجدّية والحقيقية في المجتمع".
وقد وجّه محمد هاشمي، وهو شخصية معتدلة، انتقادات حادّة إلى التلفزيون الرسمي على خلفية الأسئلة التي طُرِحت على الرئيس، مشيراً في تصريح إلى وسيلة إعلامية محلية: "المشكلة الأساسية تمثّلت في الأسئلة التي أُعطيت إلى المذيع [التلفزيوني]. هذه الأسئلة [وضعَها] التلفزيون الرسمي – الذي ينتقد الرئيس – وكان الهدف منها حمله على قطع وعود [للناس] وإلحاق الأذى به".
تابع: "الأسئلة السطحية والمسهبة خلال [البرنامج] كان من نتائجها – مثلاً – أن الرئيس لم يُقدّم تقريراً [عن أداء حكومته] في الأشهر الأربعة الأخيرة".
كذلك لجأ الإيرانيون إلى موقع "تويتر" للتعبير عن آرائهم حول المقابلة. فقد غرّد مستخدم تحت اسم "ماجد أزاربي": "المفارقة هي أن روحاني تطرّق إلى [مسألة] الاحتجاجات [الأخيرة] في معرض ردّه على أسئلة أخرى، لكن [المذيع التلفزيوني] رشيدبور لم يفعل [لم يطرح أي سؤال عن هذه الأحداث]".
وغرّد إيراني آخر تحت اسم "شايان فاليبور": "المشكلة لدى المذيعين [في التلفزيون الرسمي الإيراني] أنهم يحاولون التصرّف كصحافيين، لكنهم يفشلون. لدينا صحافيون عظماء [آخرون] في إيران يستطيعون تحدّي الرئيس بأسئلتهم".
وغرّد مستخدمٌ يعرّف عن نفسه باسم "بوريوا": "يسعى روحاني إلى درء التشنّج بين المجتمع والمنظومة الحاكمة. إنه يفعل عين الصواب، لكن الأسلوب [الذي اختاره للقيام بذلك] سيودي به وبحكومته إلى دفع كل الأثمان المترتّبة عن الأمر".