تباينت مواقف الاطراف السياسية حول قانون الانتخابات الجديد الذي صادق عليه البرلمان العراقي يوم 24 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، على الرغم من اعتماده الدوئر المتعددة والانتخاب الفردي المباشر، الامر الذي يمكن اعتباره منجزا من منجزات الاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ نحو ثلاث شهور.
وينص القانون الجديد على اعتماد النظام الفردي في الترشيح، ويعني الاول كل ناخب لمرشح واحد اول اكثر دون ان يصوت قائمة. كاملة وبدوائر انتخابية متعددة التي تسمح بان يكون الانتخاب فرديا، على ان يكون كل قضاء دائرة انتخابية يتشرح عنها نواب بحسب الكثافة السكانية ووفقا للدستور، فاذا كان القضاء يضم 400 الف مواطن مثلا سيكون له 4 نواب في البرلمان العراقي.
الا ان بعض الاطراف السنية والكردية قاطعت جلسة التصويت احتجاجا على اعتماد "القضاء" كدائرة انتخابية، على اعتبار ان هذه الاطراف ستخسر الكثير من اصوات ناخبيها في المناطق المختلطة طائفيا وعرقيا، وهو ما كان يوفره القانون القديم بصغية اعتمتد كل محافظة دائرة انتخابية وبنظام القائمة شبه المغلقة، وتعتقد الكتل الكردية انها ستفقد مقاعدها البرلمانية في المناطق المتنازع عليها بين العرب والتركمان والاكراد، لاسيما في المناطق ذات الغالبية الشيعية، واعلن نواب اكراد يوم 26 كانون الاول / ديسمبر خلال مؤتمر صحافي ان جلسة التصويت كانت "غير قانونية" بسبب عدم اكتمال النصاب وعدم اجراء عد الكتروني للتصويت على فقرات القانون.
ومن ابزر الاعتراضات على القانون الجديد هو اعتماده العد والفرز الالكتروني الامر الذي اثار مخاوف من احتمال تزوير الانتخابات المقبلة، كما لم ينص على استنثاء مزوجي الجنسية من الترشيح كما يوجب الدستور، وتطالب ساحات الاحتجاج.
لكن تبقى المشكلة الاكبر هي كيفية تحدد ورسم الدوائر الانتخابية بعد ان ترك القانون هذه المهمة الى البرلمان، بمعنى ان الكتل البرلمانية ستجري مفاوضاتها وربما صفقات سياسية لتحديد عدد الاقضية (الدوائر) الانتخابية، ودمج الصغير منها (عدد سكانها اقل من 100 مواطن) مع اقرب قضاء كبير.
فبحسب اللجنة القانونية في البرلمان فان الاقضية غير متساوية من ناحية العدد ولاي يمكن اعتبارها دوائر انتخابية من الناحية القانونية وكذلك الحال بالنسبة لمقترح تشكيل دوائر جديدة بعدد نواب البرلمان كما نص الدستور لكل 100 الف ناخب نائب واحد في البرلمان بسبب غياب الاحصاء السكاني.
وبحسب رئيس مجموعة "المورد للدراسات السياسية" نجم القصاب فان "تنسيقات التظاهرات كانت قد طرحت بعض الافكار بالنسبة لقانون الانتخابات، وأبرزها ان يكون الانتخاب فردي بالكامل ويفوز المرشح الذي يحصل على اعلى الأصوات والقانون الجديد يلبي بعض من مطالب المتظاهرين".
وقال القصاب لـ"المونيتور" انه يتواجد باستمرار في ساحات التظاهر وعقد عدة ندوات بخصوص القانون الانتخابي "لكن لا يوجد رأي موحد بهذا الخصوص ولا توجد مسودة مقترحة من قبل المتظاهرين لكنهم ضد القوائم المغلقة (التي لا تسمح للناخب التعديل عليها او استثناء بعض المرشحين داخلها، بل اخيتارها كاملة) لانها كانت السبب في ايصا شخصيات غير مرغوبة الى البرلمان، ويرفضون اي نظام اخر يسمح بترشيح الأحزاب". واشار القصاب الى ان ابرز الاعتراضات على القانون الجديد هي "اعتماده القضاء كدائرة انتخابية وكان المطلب ان تتشكل الدوائر على اساس كل 100 الف مواطن دائرة انتخابية".
ويقترب هذا الطرح من موفق الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، وكتلته في البرلمان "سائرون" حيال قانون الانتخابات حيث اعلن الصدر تاييده للقانون الجديد وقال في صفحته على "تويتر" "قانون الإنتخابات الذي تم التصويت عليه، سيقصي كل الأحزاب الفاسدة. وأردف "تم تحقق مطلب آخر من مطالب الشعب بعد أن وقفت معه المرجعية والعقلاء والأصلاء وكل وطني شريف من النواب وغيرهم".
فيما تطالب بعض الاطراف الكردية وفي مقدمتها الحزب "الديمقراطي الكردستاني" بان يكون العراق دائرة انتخابية واحدة، تسمح بجمع اصوات الاكراد في عموم مناطق البلاد وعدم تشتتها في الدوائر الصغيرة، وفقا للنائب عن الحزب ريبين سلام الذي اكد في تصريح الى "المونيتور" رفض الاكراد لفكرة الغاء انتخابات الخارج كونها تحرم ملايين العراقيين من حقهم في اختيار ممثليهم في البرلمان، بحسب تعبيره، واشار الى وجود "صعوبات كبيرة" في جعل الاقضية دوائرة انتخابية، بسبب غياب الاحصاء السكاني وعدم تساوي عدد الاقضية وتداخلها احيانا.
وراى ائتلاف "الوطنية بزعامة اياد علاوي ان القانون الجديد سيؤدي الى اطالة امد المرحلة الانتقالية لان العمل على تشكيل دوائر انتخابية سيتغرق الكثير من الوقت كما اكد في بيان على ان "قانون الانتخابات الذي مُرِر أخيرًا مليء بالألغام والعُقد التي ستُجهض حلم الانتخابات المبكرة - التي ينبغي ان تتميز بقدر عالٍ من الشفافية والنزاهة - كما ستُكرّس هيمنة الأحزاب الحالية فضلاً عن مخالفته بعض بنود الدستور وهو ما يُعتبر التفافاً على ارادة العراقيين".
الجدير بالذكر ان الانتخابات السابقة في العراق كانت تجري بنظام القائمة شبه المغلقة، مع اعتبار كل محافظة دائرة انتخابية، ويتم اتباع طريقة "سانت ليغو" لتوزيع اصوات القائمة على المرشحين الذين لم يتمكنوا من الوصل الى العتبة الانتخابية، (والعتبة هي عدد الاصوات اللازم لفوز المرشح في كل دائرة)، والقانون الجديد يمثل نقلة نوعية كبيرة ستؤدي في كل الاحوال، وبصرف النظر عن عيوبه، الى تغيير شكل البرلمان المقبل وتفتت الكثير من الكتل التقليدية، لكن تطبيقه بصورة صحيحة امر يحتاج الى توفر اجواء امنة تمنع سيطرة الميليشيات والعشائر على الدوائر الصغير ضافة الى تفعيل القوانين الرقابية اللازمة مثل قانون الاحزاب الذي يمنع تسليح الاحزاب والكتل السياسية ويكشف عن مصادر تمويلها.