أجرى مراسل "المونيتور" في العراق مصطفى سعدون حواراً مع وزير الكهرباء العراقيّ لؤي الخطيب الذي تحدّث عن وضع العراق في مجال الطاقة في ظلّ التوتّر الأميركيّ-الإيرانيّ، وما هو السقف الزمنيّ للاستثناءات التي تمنحها واشنطن لبغداد لشراء الغاز الإيرانيّ، وتحدّث أيضاً عن مخاوفه من تسييس قطاع الطاقة في العراق من أطراف لمّح على أنّها دوليّة.
صوّت على الخطيب في 25 تشرين الأوّل/أكتوبر 2018 وزيراً للكهرباء في حكومة عادل عبد المهدي. وقبل أن يتمّ تكليفه بإدارة وزارة الكهرباء، كان الخطيب مديراً لمعهد الطاقة العراقيّ، وعمل مهندساً في شركات عالميّة عدّة، منها الغاز البريطانيّ، و"شيل" الهولّنديّة، وشركة النفط الوطنيّ الإندنوسيّة.
المونيتور: هل لدى العراق أيّ مخاوف في مجال الطاقة بسبب التوتّر الأميركيّ-الإيرانيّ؟
لؤي الخطيب: أخذنا استعدادتنا لهذا الأمر، وتحديداً في فصل الصيف من خلال وضع خطط أكثر تفاؤلاً في الإنتاجيّة مقارنة بعام 2018، والدليل على ذلك أنّنا قمنا بزيادة الإنتاج لشهر أيّار/مايو بحدود 3500 ميغاواط مقارنة بمستويات إنتاج الطاقة للعام السابق. ما يخصّ التحدّيات في خضمّ الصراع السياسيّ الدائر في المنطقة، فهي موجودة، لكن من خلال التفاهمات مع أميركا، شرحنا لهم أنّ العراق يجب ألّا يكون معنّياً بصراعات إقليميّة أو عالميّة.
حاجتنا لاستيراد الكهرباء موقّتاً من إيران قد لا تتجاوز الـ6 أشهر أو أكثر بقليل، لكنّ حاجتنا للغاز ستكون لفترة بين عامين و3 أعوام إلى حين النهوض بواقع منظومة الغاز العراقيّة.
المونيتور: ماهي مخاوفكم وخططكم إذا رفضت واشنطن منح بغداد أيّ استثناءات جديدة في خصوص استيراد الغاز من طهران؟
لؤي الخطيب: لدينا استثناءات من أميركا بما يخصّ الغاز والكهرباء، وما يتعلّق بالغاز، هم يعرفون حاجتنا ومتفهّمون. تعريض العراق للتحدّيات لن ينفع المجتمع الدوليّ ولا أميركا. لدينا أولوّياتنا، وكنّا حليفاً قويّاً للولايات المتّحدة الأميركيّة في الحرب ضدّ الإرهاب، وخرجنا منتصرين بكلفة بشريّة واقتصاديّة. الاستثناءات مقسّمة إلى فترات وقابلة للتمديد، وأتصوّر أنّها ستستمرّ لأنّ وضع العراق يختلف عن وضع البلدان الأخرى وليس لدينا بديل.
المونيتور: هل هناك دولة أخرى يمكنكم الاستيراد منها، خصوصاً وأنّ هناك معلومات تشير إلى أنّ إيران تبيع لكم الغاز بأسعار مرتفعة؟
لؤي الخطيب: نحن منفتحون على إيجاد أفضل العروض، لا نريد أن نكون طرفاً في الصراع، ولا أن يكون لدينا تفضيل لجهة على أخرى، ولدينا علاقات استراتيجيّة مع كلّ دول الجوار وأميركا، ولا نريد ان نكون ندّاً لدولة على أخرى. قلنا لدول الجوار إنّنا نرغب في استلام أيّ عروض تخصّ الكهرباء أو الغاز. كانت هناك عروض لكنّها غير منافسة للغاز الإيرانيّ.
عندما نتحدّث عن العروض، نتحدّث عن كمّيّة الغاز والكهرباء مجتمعين. الآن الكهرباء في حدود الـ1100 ميغاواط نستوردها من إيران والغاز تصل كمّيّته إلى 2800 ميغاواط، والكمّيّة كلّها مجتمعة تصل إلى 4 آلاف ميغاواط. الـ4 آلاف ميغاواط لم نجد لها عروضاً أفضل من ناحية الكمّيّة والسرعة والأسعار، إضافة إلى ذلك، نحتاج إلى بنية تحتيّة وربط مع بلدان أخرى، لذا خيارنا المتاح حاليّاً إيران فقط.
المونيتور: هل تعتقد أنّ العراقيّين سيخرجون في احتجاجات خلال الصيف بسبب الكهرباء؟
لؤي الخطيب: ما قمنا به خلال الفترة الماضية أنتج زيادة في الطاقة، ووضعنا اليوم أفضل من ذي قبل، على الرغم من أنّ الوضع ليس مثاليّاً لكنّه الأفضل. الوصول إلى حلول جذريّة يحتاج إلى اتّفاقيّات كبرى. نأمل أن يكون هناك تفهّم من قبل الناس بأنّنا وقّعنا اتّفاقيّات مع "سيمنس" ومستمرّون بعقودنا مع "جنرال إلكتريك". الحلول الجذريّة ستكون في عام 2020 لأنّ السعات التوليديّة ومشاريع النقل الكبرى ستدخل الخدمة في الربع الأخير من عام 2019، وصولاً إلى منتصف عام 2020.
المونيتور: هل أجبرتم على الشراكة مع "سيمنس" و"جنرال إلكتريك" سويّة، وهل عقدا الشركتين جزء من المحاصصة الدوليّة في العراق؟
لؤي الخطيب: الإدارة السابقة لوزارة الكهرباء وقّعت على خارطتين لإعمار الكهرباء، الأولى خارطة طريق "سيمنس"، والثانية خارطة طريق "جنرال إلكتريك"، والخارطتان غير ملزمتين. ما قمنا به في الإدارة الحاليّة هو مراجعة عمل هذه الشركات، كما استعرضناها وعملنا على إعداد خارطة طريق عراقيّة وليس خارطة طريق للشركة.
الاتّفاق مع "سيمنس" كان ملياراً و650 مليون يورو، ومع "جنرال إلكتريك"، لم نوقّع أيّ شيء حتّى الآن بما يخصّ خارطة الطريق، لكن هناك عقود تجهيز وتطوير بحدود المليار والـ500 مليون يورو وقّعت خلال الـ6 أشهر الماضية، لكن في ما يخصّ خارطة الطريق، لم يكن هناك أيّ شيء حتّى الآن. السقف الزمنيّ للخارطة 4 سنوات بدأ في 1 أيّار/مايو 2019 وسيكون على 3 مراحل. التنافس بين "سيمنس" وجنرال إلكتريك" يجب أن يكون تنافساً صحّيّاً وإيجابيّاً ويخدم إعادة إعمار العراق وتحديداً ملفّ الطاقة.
المونيتور: ماهي مؤشّرات حديثك عن تسييس قطاع الطاقة؟
لؤي الخطيب: كلّ شيء في العراق مسيّس. ما أرجوه هو عدم التييس. نحن في وزارة الكهرباء ننصح جميع الأطراف التي لها اهتمام في الشأن العراقيّ ألّا تعتمد لغة الفرض. نحن دولة مستقلّة ولدينا كياننا، والعراق اليوم أقوى من العراق في عام 2003. قد تفرض هکذا مطالب على دولة ضعية٬ ولکن لیس على العراق. هنالك سفارات ترغب في الترويج لشركاتها وهذا شيء مرحّب به، لكنّنا نرفض الضغط.
المونيتور: ما هو وضع الشركات الإيرانيّة المتعاقدة معكم في ظلّ العقوبات الأميركيّة؟
الخطيب: تعمل في شكل طبيعيّ، وهي معدودة جدّاً وندفع لها بالدينار العراقيّ. عددها لا يتجاووز أصابع اليد الواحدة، ومقاولاتها بسيطة.
المونيتور: هل ستعمّمون خصخصة الكهرباء أم أنّها تجربة فشلت؟
لؤي الخطيب: الاعتماد على دور الحكومة في كلّ شيء له تداعيات خطيرة ويقود إلى الفشل. نحن لم نعد دولة اشتراكيّة، بل دولة تعتمد على اقتصاد السوق وخلق فرص العمل. نعمل على خلق بيئة واعدة وجاذبة للأموال الصعبة لخلق قطاع خاصّ محلّيّ قويّ. نعمل على دراسة إمكان إدخال القطاع الخاصّ في الاستثمار في قطاع الإنتاج والتوزيع، لكن بشروط عالميّة رصينة ترفد خزينة الدولة بالواردات.
المونيتور: هل عرضت السعوديّة بيع الكهرباء والغاز بأسعار أقلّ كلفة من إيران؟
لؤي الخطيب: ما يخصّ العروض من السعوديّة، فهي أبدت تعاوناً مع العراق، لكنّنا لم نستلم أيّ عروض في ما يخصّ شراء الطاقة. الاتّفاقيّة التي حصلت مع السعودية تتعلّق بدخول الشركات السعوديّة للاستثمار في مجال الطاقة في العراق. هناك تعاون إيجابيّ مع السعوديّة والفترة المقبلة ستشهد دخول شركات خليجيّة للاستثمار في قطاع الطاقة العراقيّ.
المونيتور: هل لديك مخاوف من أن تكون ضحيّة إذا كانت هناك احتجاجات على واقع الكهرباء وتتمّ إقالتك؟
لؤي الخطيب: الاحتجاج حقّ دستوريّ ومشروع، ومسؤوليّتنا في الحكومة مسؤوليّة تضامنيّة والكلّ مسؤول. على الجميع الالتزام بالواجبات التي عليهم. من حقّ المواطن الخروج بتظاهرة لكن عليه أن يدفع الفاتورة.
المونيتور: أعود إلى سؤالي، ليس لديك كتلة سياسيّة داعمة، فهل ستتمّ التضحية بك؟
لؤي الخطيب: الشعب كتلتي البرلمانيّة، وأؤدّي ما عليّ. القرار للبرلمان. تمّت استضافتي خلال 6 أشهر 4 مّرات. أنا لست من المتشبّثين بالكرسي جئت هنا بتكليف لأداء واجبي، وسأخرج منه عندما ينتهي تكليفي.