قطاع غزّة - مدينة غزّة: كشفت شبكة "كان" الإعلاميّة الإسرائيليّة، عبر موقعها الإلكتروني على الإنترنت، الثلاثاء في 23 كانون الثاني/يناير الحاليّ، عن أنّ حركة "حماس" تسعى إلى تشكيل قوّة عسكريّة في الجولان السوريّ، بحيث تكون قادرة على إطلاق قذائف صاروخيّة على إسرائيل. وقالت الشبكة نقلاً عن مصادر أمنيّة إسرائيليّة: إنّ إيران أوعزت إلى "حماس" بتشكيل قوّة في الجولان من أجل إطلاق الصواريخ على إسرائيل من الشمال.
ولم يصدر أيّ تعليق من حركة "حماس" على هذا الأمر، لكنّ خبراء أمنيّين ومحلّلين سياسيّين فلسطينيّين رأوا أنّ توقيت إعلان ذلك يحمل رسائل سياسيّة تحاول إسرائيل تمريرها إلى عدد من الأطراف الدوليّة، مثل روسيا والولايات المتحدة.
وقد رفض المتحدث باسم حماس، حازم قاسم، أثناء حديث مع مراسل "المونيتور"، التعليق على هذا الموضوع.
ويأتي هذا الإعلان الإسرائيليّ بعد أيّام قليلة من تصريح وزير الدفاع الإسرائيليّ أفيغدور ليبرمان في مقابلة مع موقع "ميكور ريشون" بـ19 كانون الثاني/يناير الحاليّ أنّ "حركة حماس تواجه صعوبات في تنفيذ هجمات من قطاع غزّة. ولذا، تحاول القيام بذلك عبر الضفّة الغربيّة، وتعكف على تطوير بنى تحتيّة في جنوب لبنان واستهداف إسرائيل من هناك".
ورأى الخبير الأمنيّ الدكتور هشام المغاري، عميد كلية العودة الجامعية في غزة، أنّ "ادعاء إسرائيل أنّ حماس تعمل على تشكيل قوّة عسكريّة في الجولان، يتنافى مع السياسة المعلنة لدى الحركة في شأن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي"، وقال لـ"المونيتور": "إنّ حماس تعلن بشكل واضح أنّها تقاتل إسرائيل من داخل فلسطين. ولا يملك الاحتلال في المقابل أيّ دليل يتعلّق بهذا الادعاء".
وكان ممثّل حركة حماس في لبنان "علي بركة" أعلن في تصريح صحافي في 16 يناير الحالي، أن "الحركة لن تنجرّ إلى أيّ معارك خارجية مع إسرائيل، وأن معركتها ستبقى داخل فلسطين".
وأشار المغاري إلى أنّ إسرائيل تحاول في هذا التوقيت خلق ذرائع لأمرين: إمّا توجيه ضربة لحماس وإمّا إرسال رسائل لها بأنّه "في حال خوض مواجهة قتاليّة جديدة، فإنّ مبرّراتها لدينا كثيرة، منها ذريعة عمل حماس من خارج الأراضي الفلسطينية"، وقال: "إسرائيل تدرك أنّ لدى حماس قدرة عالية على ضبط النفس في ظلّ الظروف الصعبة التي يعيشها قطاع غزّة. وبناء عليه، فإنّها تحاول إيجاد مبررات يكون غرضها إعلانيّاً فقط، عبر الترويج بأنّ حماس تحضّر نفسها لعمل عسكريّ من خارج حدود فلسطين".
وفي المقابل، لفت الخبير في الشؤون الإسرائيليّة محمّد مصلح، مدير عام وزارة الداخلية الفلسطينية الأسبق، إلى أنّ إعلان إسرائيل عن سعي "حماس" إلى تشكيل قوّة عسكريّة في الجولان هدفه التمهيد لضربة عسكريّة تجسّد فكرة أنّ الجولان أصبح مسرحاً لعمل معاد لإسرائيل بشكل مباشر، في ظلّ وجود "حماس" و"حزب الله" في إطار محور المقاومة، وقال لـ"المونيتور": "تحاول إسرائيل إرسال رسائل إلى الولايات المتّحدة الأميركيّة وروسيا والغرب بأنّ الجولان أصبح يشكّل خطراً عليها، وأن تُظهر أنّ هناك تحالف مقاومة بين حماس وحزب الله اللبنانيّ في سوريا، بدعم من إيران"؛ بهدف التمهيد لعملية عسكرية هناك، وحثّ الولايات المتحدة على تقديم الدعم لها في حال نشوبها.
ويذكر أنّ أفيغدور ليبرمان قال في المقابلة مع موقع "ميكور ريشون" في 19 كانون الثاني/يناير الحاليّ: "إنّ إسرائيل تراقب عن كثب علاقات الصداقة المستجدّة بين نائب رئيس المكتب السياسيّ لحماس صالح العاروري والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله". وأكّد أنّ أيّ تطوّر في هذا المجال سيلاقي ردّاً مناسباً.
وكان اجتمع الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصر الله بنائب رئيس المكتب السياسيّ لـ"حماس" القياديّ صالح العاروري في بيروت بتشرين الثاني/نوفمبر من عام 2017، وكان اللقاء الأوّل من نوعه بينهما بعد الخلاف بين "حماس" و"حزب الله" بشأن الأزمة في سوريا.
وكانت قيادة حماس، التي كانت تتخذ من دمشق مقرّاً أساسياً لها، قد غادرت سوريا بعد اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، بعدما رفضت تأييد نظام الرئيس بشار الأسد.
وأشار محمّد مصلح إلى أنّ إسرائيل تعزّز فكرة أنّ إيران هي عدوّها المركزيّ في المنطقة، وتحاول صرف الأنظار عن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، إضافة إلى تثبيت صورة "حماس" بأنّها "حركة تواصل ممارسة الإرهاب".
من جهته، قال الكاتب والمحلّل السياسيّ ياسين عزّ الدين: "لا يسمح الوضع الميدانيّ على الحدود مع الجولان والمعارك بين المعارضة والنظام السوريّ لحماس بالتحرّك بحرّية، حتّى لو وافق النظام".
وأشار في حديث مع "المونيتور" إلى أنّ "الحديث الإسرائيليّ عن أنّ حماس تعمل على بناء قوّة صاروخيّة لها جنوب سوريا، فاقد للمصداقيّة"، ويذكر أنّ موقع "هيئة البثّ الإسرائيليّ" كان قد نشر في 1 كانون الثاني/يناير الحاليّ تقريراً استراتيجياً أعدّه معهد "أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ"، أورد فيه أنّ أخطاراً ستكون محدقة بإسرائيل في العام الحاليّ، من بينها خطر نشوب حرب على الجبهة الإسرائيليّة الشماليّة ضدّ 3 قوى أساسيّة، هي: إيران، "حزب الله"، والحكومة السوريّة. وجاء في التقرير أنّ "طهران تواصل تسليح منظّمات تسير في فلكها وتدعمها ماديّاً، وتنشط على الحدود مع إسرائيل"، مثل حزب الله جنوب لبنان.
وبالتّالي، فإنّ إعلان إسرائيل عن أنّ "حماس" تعمل على بناء قوّة عسكريّة في الجولان السوريّ قد يندرج في سياق ما حذر منه تقرير معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي؛ الأمر الذي ينذر باحتمال نشوب حرب على الجبهة الشماليّة لإسرائيل.