تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الأردن وإسرائيل... سلام بارد على وقع الخلافات

توتّر غير مسبوق في العلاقات الأردنيّة-الإسرائيليّة بعد ربع قرن من السلام بين الطرفين، إلّا أنّ عمّان تشعر بأنّ تحالفاً يمينيّاً أميركيّاً-إسرائيليّاً ينقضّ على عمليّة السلام ويجهز على آمال قيام الدولة الفلسطينيّة، الأمر الذي زاد من الضغط الشعبيّ على النظام في الأردن لإلغاء معاهدة السلام.
Israeli Konstantin Kotov stands in the defendants's cage next to a translator (R) during his trial in Amman on December 2, 2019. - Kotov,  was arrested in neighbouring Jordan a month ago, is on trial for "illegal entry into the territory of the kingdom (Jordan) and possession of drugs for consumption," officials said. Illegal entry into Jordan is punishable by up to one year in prison, while possession of drugs carries a penalty of up to three. Kotov's arrest comes amid a cooling of ties between Israel and

عمّان: في مشهد لم يره الأردنيّون من قبل، إسرائيليّ خلف القضبان الأردنيّة، بعدما بدأت محكمة أمن الدولة في 2 كانون الأوّل\ديسمبر، بمحاكمة أكونستانتين كوتوف الذي تسلّل إلى الأراضي الأردنيّة في تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي.

جرت العادة حين يتجاوز فيها إسرائيليّون الحدود تجاه الأردن أو العكس، أن يسلّم المتسلّل إلى بلده، وسلّمت إسرائيل في حزيران/يونيو الماضي مواطناً أردنيّاً تجاوز الحدود بالخطأ، بينما سلّم الأردن في كانون الثاني/يناير 2019 إسرائيل مواطناً دخل عبر قارب من مدينة إيلات إلى مدينة العقبة، ضمن ما يشبه اتّفاقاً ضمنيّاً بين الطرفين.

وتأتي هذه المحاكمة في سياق رسائل عدّة وجّهتها الأردن إلى إسرائيل، في ظلّ توتّر العلاقة بين الطرفين، على خلفيّة تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيليّ بنيامين نتنياهو، حول عزمه ضمّ أراضٍ فلسطينيّة في غور الأردن، وتكرار الاقتحامات الإسرائيليّة للمسجد الأقصى، والانتقاص من السيادة الهاشميّة على المقدّسات، والتوسّع الاستيطانيّ، واعتقال مواطنين أردنيّين إداريّاً لا تهم عليهم في إسرائيل.

لم تقتصر الرسائل على محاكمة المتسلّل، فقد أجرى الجيش الأردنيّ أيضاً مناورات عسكريّة في 26 تشرين الثاني/نوفمبر تحاكي "غزواً إسرائيليّاً"، تحت اسم "سيوف الكرامة"، نسبة إلى معركة الكرامة التي انهزمت فيها إسرائيل أمام الجيش الأردنيّ وفصائل فلسطينيّة في عام 1968، وقد حضر الملك عبد الله الثاني وقيادات أمنيّة ونوّاب المناورات.

وكان الملك نفسه قد صلّى ببزّته العسكريّة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر بعد يوم واحد من استعادة الأردن أراضي الباقورة بعد انتهاء انتفاع إسرائيل بها لمدّة 25 عاماً، حسب اتّفاقيّة السلام بين البلدين ورفض الأردن تجديد عقد الانتفاع.

وقد دفع التوتّر الملك عبد الله الثاني خلال مقابلة مع المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى روبيرت ساتلوف إلى القول إنّ "علاقات الأردن مع إسرائيل في أدنى مستوياتها على الإطلاق"، خلال استضافته من قبل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط في مدينة نيويورك 23 تشرين الثاني/نوفمبر.

لكن ما سرّ هذا التوتّر غير المسبوق؟ السرّ، حسب محلّلين تحدّثوا إلى "المونيتور" أبعد من حدود الشرق الأوسط، وهو في الإدارة الأميركيّة التي طرحت خيار صفقة القرن، بانحياز كبير لإسرائيل على حساب عمليّة السلام، التي تقضي على خيار حلّ الدولتين الذي يراه الأردن حلّاً عادلاً يتماشى مع مصلحته العليا.

يقول مؤسّس مركز الدراسات الإسرائيليّة في عمّان الباحث الدكتور عبد الله صوالحة لـ"المونيتور" إنّ "شرعنة المستوطنات والتوجّه إلى ضمّ غور الأردن ليسا قراراً إسرائيليّاً، بل هو قرار أميركيّ، حيث لا تستطيع إسرائيل الإقدام على هذه الخطوة من دون موافقة أميركيّة، فبالتالي الخلاف الحقيقيّ بالنسبة إلى الأردن مع أميركا".

وحسب الصوالحة، "لا توجد لدى الأردن استراتيجيّة للتعامل مع التحالف اليمينيّ الإسرائيليّ-الأميركيّ، إضافة إلى أنّ موقف الأردن يتناقض مع موقف السلطة الفلسطينيّة التي تقاطع الإدارة الأميركيّة، بينما يرى الأردن أنّ لا حلّ للقضيّة الفلسطينيّة من دون أميركا، المطلوب من الأردن الآن، تحديد موقفه من هذا التحالف اليمينيّ وفتح حوار مع إسرائيل ووضع كلّ الأوراق الجدليّة على الطاولة".

لم يمنع هذا التوتّر الأردن وإسرائيل من الاستمرار في مشاريع اقتصاديّة كبيرة، فمن المتوقّع أن تبدأ إسرائيل بتصدير الغاز إلى الأردن حسب اتّفاقيّة بين الطرفين في بداية عام 2020، على الرغم من المعارضة الشعبيّة، كما يعتزم الطرفان البدء بمشروع إقامة منطقة اقتصاديّة حرّة على الحدود الشماليّة لنقل البضائع إلى الخليج العربيّ، كما صرّح مسؤول حكوميّ لم يكشف عن اسمه لموقع عمون المحلّيّ.

وقد دفع ذلك الصوالحة إلى القول إنّ "الأردن يقسّم تعامله مع إسرائيل حسب ملفّات سياسيّة واقتصاديّة، فهو على خلاف مع إسرائيل في ما يتعلّق بالقضيّة الفلسطينيّة، لكن في ما يتعلّق بالمشاريع الاقتصاديّة، فهو ماضٍ بها".

أمّا وزير الدولة لشؤون الإعلام الأسبق سميح المعايطة، فيرى أيضاً أنّ "الدعم غير المسبوق من قبل الإدارة الأميركيّة لإسرائيل دفعت نتنياهو إلى أن يتمادى بسياسته العنجهيّة ضدّ الأردن وفلسطين، في قضايا تمسّ الأمن القوميّ الأردنيّ، ومنها عزمه ضمّ غور الأردن، وقتل إمكان قيام دولة فلسطينيّة، وتعزيز سيناريوهات الفدراليّة مع الأردن والوطن البديل للفلسطينيّين".

وحول الرسائل الأردنيّة الأخيرة، يقول لـ"المونيتور" إنّ " الأردن بات يتعامل بندّيّة وحزم مع إسرائيل وتجاوزاتها".

تربط الأردن علاقة قويّة بأعضاء الكونغرس الأميركيّ، على خلاف العلاقة مع إدارة دونالد ترامب الذي لم يلتقه الملك عبد الله الثاني سوى مرّة واحدة، بسبب المواقف المنحازة إلى الاحتلال الإسرائيليّ، إذ زارت رئيسة مجلس النوّاب الأميركيّ نانسي بيلوسي وأعضاء كبار آخرون في الكونغرس الأردن في تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي، ليؤكّد الملك موقفه من حلّ الدولتين.

يعتقد مقرّر لجنة فلسطين في البرلمان الأردنيّ أحمد الرقب أنّ ما يحكم شكل العلاقة بين إسرائيل والأردن هو عوامل البراجماتيّة ونقاط القوّة والضعف، إضافة إلى "البلطجة الأميركيّة".

ويقول لـ"المونيتور": "ما طرح على الطاولة من نتائج صفقة القرن فيه غبن شديد للأردن، ومساس بخطوطه الحمراء مثل السيادة الأردنيّة على المقدّسات، وقضم إسرائيل للأراضي الفلسطينيّة بدعم أميركيّ، إلى جانب ملفّ عودة اللاجئين، والأردن هو المتأثّر سلباً، فمن الطبيعيّ أن تتوتّر العلاقة".

بعد ربع قرن من توقيع اتّفاقيّة السلام بين الأردن وإسرائيل (26 تشرين الأوّل/أكتوبر 1994)، لا تزال العلاقة باردة، وسط مطالب شعبيّة ونيابيّة تضغط على النظام الأردنيّ لإلغاء السلام مع إسرائيل، إلّا أنّ المملكة تراهن على عامل الوقت وحدوث تغييرات في خصوص الإدارة الأميركيّة، وإلى ذلك الوقت، يحاول الأردن كسب ودّ الاتّحاد الأوروبّيّ في إدانة تجاوزات الاحتلال ومواجهة الانحياز الأميركيّ لإسرائيل.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in