عمّان- "من الشمال إلى الجنوب نرفض الغاز المنهوب"... هتافات لمحتجّين أردنيّين تردّدت الجمعة في مسيرات جابت شوارع مدن أردنيّة: الزرقاء، إربد، الكرك، والعقبة، رفضاً لاستيراد بلادهم الغاز من إسرائيل.
لقد رفع المشاركون في مدينة الزرقاء (25 كلم شرق العاصمة) صوراً لجنود أردنيّين استشهدوا في معركة الكرامة 1968، التي وقعت بين الجيش الأردنيّ وفصائل فلسطينيّة من جهة، والجيش الإسرائيليّ من جهة أخرى، وكتب المحتجّون على صور الجنود الأردنيّين: "لا تجعلوا دمي غازاً".
الاحتجاجات تأتي، بعد بدء الضخّ التجريبيّ للغاز الإسرائيليّ لتغذية شركة الكهرباء الأردنيّة مع بداية العام، ضمن اتفاقيّة وقّعت في عام 2016 مع شركة "نوبل إنيرجي" الأميركيّة صاحبة الامتياز في التنقيب عن الغاز مع تحالف شركات إسرائيليّة من حقل "ليفياثان" للغاز الطبيعيّ في البحر المتوسّط.
وأشار معارضو الاتفاقيّة إلى أنّهم يرفضونها لأسباب أخلاقيّة واقتصاديّة. وفي هذا الإطار، أشار أحد الناشطين السياسيّين في مدينة إربد جمال جيت خلال حديث لـ"المونيتور" إلى أنه خرج يوم الجمعة ليقول: "نرفض الغاز المنهوب من فلسطين المحتلّة. لن تجبرنا حكومتنا على التطبيع مع الاحتلال الإسرائيليّ من خلال إضاءة منازل الأردنيّين بهذا الغاز".
أمّا محمّد العبسي، الذي ينشط في حملة لمناهضة اتفاقيّة الغاز، فرأى أنّ " الأردن ليس في حاجة إلى ربط مصير الطاقة بيدّ الاحتلال، بسبب توافر فائض من الغاز في ميناء العقبة للغاز المسال إلى جانب إمكانيّة الاعتماد على الطاقة البديلة".
وبالتوازي مع هذا الحراك، يقود نوّاب أردنيّون محاولة للضغط على الحكومة من أجل التراجع عن اتفاقيّة الغاز، من خلال التلويح بحجب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء عمر الرزّاز، الأمر الذي دفع بـ29 نائباً إلى جمع تواقيع على مذكّرة لحجب الثقة عن الحكومة، استناداً إلى المادّة 54 من الدستور الأردنيّ، التي تنصّ على الآتـي: "إذا قرّر مجلس النوّاب عدم الثقة بالوزارة بالأكثريّة المطلقة من مجموع عدد أعضائه (50 نائباً)، وجب على الحكومة الاستقالة".
وقال النائب مصطفى العسّاف، الناطق باسم "كتلة الإصلاح" (15 نائباً)، وهو أحد الموقّعين على مذكرة حجب الثقة، لـ"المونيتور": "نحن ماضون في مذكّرة حجب الثقة عن الحكومة، التي لم تستمع إلى مطالب النوّاب بإلغاء هذه الاتفاقيّة التي نرفضها منذ توقيعها في عام 2016، هذه الاتفاقيّة مرفوضة كونها لصالح الاحتلال الإسرائيليّ".
أضاف: "حاولنا عقد جلسة عاجلة لمناقشة بدء ضخّ الغاز الإسرائيليّ، إلاّ أنّ رئاسة مجلس النوّاب لم تقرّ ذلك، لتؤجّل مناقشة اتفاقيّة الغاز إلى الأسبوع بعد المقبل، وأتوقّع أن تكون الجلسة حادّة، حتّى مناقشات موازنة الدولة التي تبدأ الأحد وتنتهي الخميس لن تكون سهلة بالنّسبة إلى الحكومة، كون هذه الموازنة تتضمّن مبالغ مخصّصة لأمور لوجستيّة في اتفاقيّة الغاز".
وحاولت الحكومة الأردنية شراء الوقت مع مجلس النواب، من خلال طلب رئيس الحكومة عمر الرزاز، في 5\يناير من النواب تأجيل مناقشة اتفاقية الغاز مع اسرائيل ليوم الأحد 19\يناير حيث وافق مجلس النواب، الذي أقر موازنة الدولة لعام 2020 يوم الأربعاء 15\يناير بعد نقاش دام لأسبوع تعرضت الحكومة فيه لنقد كبير من النواب على خلفية اتفاقية الغاز.
خطوة وصفتها المعارضة الأردنيّة، بمثابة "إضاعة الوقت"، اذ دعت حملة "غاز العدو احتلال"، وهي تحالف قوى معارضة، مجلس النوّاب إلى عدم الموافقة على موازنة الدولة 2020 وسحب الثقة من حكومة الرزّاز.
ولفتت عضو حملة "غاز العدو احتلال" حليمة الدرباشي العبسي خلال حديث لـ"المونيتور" إلى أنّ "مجلس النوّاب يستطيع تعطيل الاتفاقيّة من خلال عدم الموافقة على الموازنة التي تتضمّن مخصّصات مباشرة تتعلّق بتنفيذ هذه الصفقة الكارثيّة. هناك مخصّصات ماليّة لتعويضات استملاكات الأراضي المخصّصة لأنبوب الغاز شمال الأردن، ومخصّصات غير مباشرة تتعلّق بمخصّصات حماية خطّ الأنبوب، والاستشارات القانونيّة وأجور الموظّفين الحكوميّين في وزارتيّ الطاقة والماليّة العاملين على هذا الملف"، وقالت: "أيضاً، يملك مجلس النوّاب إمكانيّة طرح الثقة بحكومة عمر الرزّاز وسحبها منه وإسقاط حكومته، باعتبارها الجهة صاحبة الولاية الدستوريّة والمسؤولة المباشرة عن إنفاذ صفقة الخيانة والإجرام، صفقة دعم الإرهاب الصهيونيّ بأموال دافعي الضرائب الأردنيّين، ورهن الأردن وأمنه ومستقبله للصهاينة".
واعتبر عضو حزب الوحدة الشعبيّة عبد المجيد دنديس (يساري) في حديث لـ"المونيتور" أنّ موقف النوّاب لا يعبّر عن إرادة الشعب، "رغم ما تحدّثوا به تحت القبّة، من رفضهم اتفاقيّة الغاز، إلاّ أنّ هذا المجلس مغيّب تماماً لا يملك دوراً بعد أن سيطرت عليه السلطة التنفيذيّة وأصبحت تسيّره كيفما تشاء".
مدير عام شركة شركة الكهرباء الوطنية (نيبكو) أمجد الرواشدة لوكالة الانباء الأردنية بترا في 5\يناير إن “التعاقد مع شركة نوبل جوردان لتوريد الغاز للمملكة، كان الخيار الأخير بعد انقطاع الغاز المصري، حيث تم دراسة خيارات التزويد من البلدان المجاورة عبر الأنابيب ونظراً للظروف المحيطة فكان ذلك هو المصدر المتوفر الوحيد
وقال “استيراد الغاز الطبيعي عبر الأنابيب يعتبر أكثر موثوقية، وهو الخيار الأمثل ويكون تأثيره بتغير أسعار النفط عالميا هامشيا، إضافة إلى أهمية خيار تنويع المصادر المتمثل بالإبقاء على مشروع الغاز المسال والغاز المصري في حال توفر كميات لديه”.