مدينة غزة، قطاع غزة — إثر إخفاق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتشكيل الحكومة الجديدة صوت الكنيست على حل نفسه في 30 مايو/أيار، والذهاب لانتخابات جديدة، بعد أقل من شهرين على إجراء الانتخابات العامة في التاسع من نيسان/ أبريل الماضي.
وفاز نتنياهو الذي يترأس حزب الليكود اليميني في الانتخابات الأخيرة التي أجريت، ولكن دون الحصول على مقاعد كافية لتشكيل حكومة، وهذا ما أجبره على التوجه لتشكيل ائتلاف يميني لكنه فشل في ذلك بسبب خلافات مع الأحزاب الأخرى.
وتعتبر هذه المرة الأولى في تاريخ إسرائيل التي يخفق فيها رئيس وزراء منتخب في تشكيل ائتلاف.
ويثير الذهاب لانتخابات إسرائيلية من المقرر أن تعقد في السابع عشر من سبتمبر/أيلول القادم، تساؤلات حول مصير اتفاق التهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية بقيادة حركة حماس في قطاع غزة .
وأبرم آخر اتفاق في 6 مايو/ آيار الماضي بين الفصائل الفلسطينية بقيادة حركة حماس وإسرائيل برعاية مصرية وقطرية والأمم المتحدة، بعد جولة تصعيد بدأت في 3 أيار\مايو وانتهت في 6 أيار\مايو من الشهر ذاته، وأسفرت عن سقوط 31 شهيداً فلسطينياً وتضرر830 وحدة سكنية، فيما سقط 4 قتلى إسرائيليين وأصيب العشرات جراء الصواريخ التي أطلقتها الفصائل الفلسطينية على جنوب إسرائيل.
وينص الاتفاق الذي ابرم في 6 مايو/ آيار الماضي على تنفيذ التفاهمات التي وقعت بين الجانبين نهاية أكتوبر 2018، وسماح إسرائيل بإدخال 30 مليون دولار شهرياً من الأموال القطرية لقطاع غزة، وفتح المعابر الحدودية لقطاع غزة مع إسرائيل، وتوسيع مساحة الصيد حتى 15 ميلا بحريا، مقابل وقف الفصائل الفلسطينية إطلاق البالونات الحارقة تجاه جنوب إسرائيل وإبعاد المتظاهرين الفلسطينيين عن المنطقة الحدودية بين قطاع غزة وإسرائيل ووقف الفعاليات الليلية بالقرب من الحدود .
المحلل العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي توقع في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت وترجمه موقع "عربي21"، "أن يزيد يحيى السنوار قائد حماس في غزة من درجة تحديه لنتنياهو، مرجحًا أن يتجاهل الأخير البالونات الحارقة والفعاليات الليلية قرب السياج الفاصل شرق القطاع، طالما تم تجنب جولة جديدة من الهجمات الصاروخية".
وأضاف بن يشاي "أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي كانتا تتوقعان عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة ضد غزة بعد تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة،" "لذا فإن فشل تشكيل الحكومة يُعد أمرا مفيدا للحركتين،"بحسب الموقع. وتابع أنه "بغض النظر عن نوايا الجيش الإسرائيلي للقتال في غزة، أو الأهداف الإسرائيلية الإستراتيجية لمثل هذه العملية، فإن السنوار كان على يقين حتى ليلة 30 مايو الماضي أنه يجب أن يحرص على عدم استفزاز الإسرائيليين، وممارسة الضغط على الفصائل، للالتزام بالهدوء والسماح للمحادثات بالاستمرار".
ولفت إلى أنه "بعد التصويت على حل الكنيست والتوجه لإجراء انتخابات جديدة، أعتقد أن السنوار جلس على كرسيه وأخبر نفسه، أنه لن يحدث شيء خلال الصيف المقبل، لأن نتنياهو لن يخاطر بهجوم بري من شأنه أن يتسبب في وقوع خسائر وغضب العالم، ما قد يؤثر على الأصوات التي يحتاجها في الانتخابات المقبلة".
وذكر بن يشاي أن "الإسرائيليين الذين يعيشون على طول حدود غزة، سيدفعون الثمن مع استمرار حرق حقولهم والصواريخ التي تطير باتجاههم، فالانتخابات الجديدة لا تبشر بخير بالنسبة لهم".
من جانبه، قال الناطق باسم حماس حازم قاسم لـ"المونيتور": "يجب على الوسطاء (مصر والأمم المتحدة وقطر) متابعة تنفيذ التفاهمات التي جرت مع الاحتلال بغض النظر عن وضع الحكومة الإسرائيلية وفشل نتنياهو في تشكيل حكومة".
وأضاف:" أن شعبنا وبمواصلته لمسيرات العودة والفعاليات المختلفة وقدرته على الصمود قادر على إجبار الاحتلال على كسر الحصار عن القطاع والإيفاء بالتزاماته المتعلقة بتفاهمات التهدئة".
وحذر قاسم، من أن أي اعتداء إسرائيلي جديد ضد الشعب الفلسطيني سيواجه بكل مرة برد يتناسب مع الجريمة التي يرتكبها.
بدوره توقع عضو الهيئة العليا لمسيرات العودة طلال أبو ظريفة لـ"المونيتور": "أن لا يقدم نتنياهو أي تنازلات أو تسهيلات من شأنها التخفيف من الحصار عن قطاع غزة لما تأثر عليه سلبا في الانتخابات الإسرائيلية القادمة وتفقده أصوتا كثيرة".
وقال: "إن نتنياهو قد يفتح عدوانا جديدا على غزة ويتهرب من تنفيذ تفاهمات التهدئة مع الفصائل الفلسطينية في إطار الدعاية الانتخابية الجديدة، لذلك على المجتمع الدولي والوسيط المصري أن يتدخل لإلزام إسرائيل بإيفاء بالتزاماته برفع الحصار عن القطاع".
وذكر أبو ظريفة، أن عدم إيفاء إسرائيل بالتزاماتها التي جرت بوساطة قطرية ومصرية وأممية يعني عودة مسيرات العودة بفعالية و زخم أكبر وبكافة أشكالها على حدود قطاع غزة.
فيما يعتقد المحلّل السياسيّ الفلسطينيّ طلال عوكل لـ"المونيتور":" أن إسرائيل لن تلتزم بتفاهمات التهدئة وستتهرب منها، في الفترة القادمة بسبب فشل نتنياهو في تشكيل حكومة جديدة، ومن المتوقع أن تشهد الأيام القادمة تصعيدا عسكريا محدودا بين الطرفين".
ويتوقع عوكل، "أن تفعل الهيئة العليا لمسيرات العودة مسيراتها بشكل أكبر على الحدود مع إسرائيل ردا على عدم إيفاء إسرائيل بالتزاماتها تجاه قطاع غزة ضمن اتفاق التهدئة، وهذا خيار يجبرها على العودة لتفاهمات مع حماس".
وأشار إلى أن قطاع غزة سيشهد خلال الفترة القادمة "توافد للوسطاء سواء القطرين أو المصريين أو الأمميين في سعيهم لضمان الهدوء على حدود قطاع غزة حتى انقضاء فترة الانتخابات الإسرائيلية الجديدة".
من جانبه قال المحلّل السياسيّ ورئيس تحرير صحيفة "فلسطين" اليومية سابقًا مصطفى الصوّاف لـ"المونيتور":" لا أعتقد أن الاحتلال سوف يلتزم باتفاق التهدئة مع حماس، ومن المتوقع أن تشهد الأيام القادمة تصعيدا بين غزة والجيش الإسرائيلي سواء في مسيرات العودة أو عسكريا بشكل محدود".
ويرى الصواف، أن مصر وقطر والأمم المتحدة سيحاولون خلال الفترة القادمة الحفاظ على الهدوء بين إسرائيل وقطاع غزة، لكن أولا عليهم أن يلزموا إسرائيل برفع الحصار عن قطاع غزة.
وذكر أنه في حال عدم قدرة الوسطاء على إلزام إسرائيل بتفاهمات التهدئة مع الفصائل الفلسطينية فانه سيكون هناك تفعيل لمسيرات العودة بشكل أكبر على حدود غزة وبأدواتها الخشنة، وكذلك أن الأذرع العسكرية للفصائل سترد على أي هجوم إسرائيلي على القطاع.