تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

جدل قانونيّ وسياسيّ حول استبدال محافظ نينوى

رغم السجال الحاصل في شأن شرعيّة عمل مجالس المحافظات العراقيّة، بعد قرار البرلمان بتعطيل أعمالها، قام مجلس نينوى باستبدال المحافظ، وسط أنباء تشير إلى وجود صفقة سياسيّة جديدة أطاحت به.
Mosul.jpg

من جديد يعود الصراع السياسيّ في محافظة نينوى إلى واجهة الأحداث، بعد تصويت مجلس المحافظة على إقالة المحافظ منصور المرعيد واختيار القائد العسكريّ السابق نجم الجبّوري بديلاً له في 24 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وتعود جذور الأزمة الحاليّة في نينوى إلى الاصطفافات السياسيّة، التي خلّفها انتخاب منصور المرعيد، وهو المحسوب على كتلة "عطاء"، التي يتزعّهما رئيس هيئة "الحشد الشعبيّ" في العراق فالح الفيّاض، في أيّار/مايو الماضي، والتي عكست آنذاك طبيعة الخلاف داخل البرلمان العراقيّ.

إنّ كتلة "عطاء"، التي انسحبت من تحالف "الإصلاح والإعمار"، وانضمّت إلى تحالف "البناء"، حصلت على منصب "محافظ الموصل" بتأييد من "سنّة البناء"، وفي مقدّمهم زعيم "المشروع العربيّ" خميس الخنجر ومحافظ صلاح الدين السابق أحمد الجبّوري (أبو مازن)، فيما كان رئيس البرلمان محمّد الحلبوسي يدعم انتخاب حسام العبّار للمنصب بعد إقالة المحافظ الأسبق نوفل العاقوب.

وعلى ما يبدو، فإنّ محمّد الحلبوسي تمكّن خلال الأشهر الماضية من تشكيل تحالف كبير داخل مجلس محافظة نينوى باسم "عراقيّة نينوى" يضمّ 23 عضواً (من أصل 39 عضواً) استطاع أخيراً إقالة المرعيد، بعد أن وصفت عمليّة انتخابه من قبل الجهات المعارضة بأنّها من صنع "يدّ غريبة" تتحكّم بنينوى من الخارج وتفرض إرادتها بقوّة النفوذ، وأنّ جلسة الانتخاب انتابتها فوائت قانونيّة. ولوّح رئيس تحالف "جبهة الإنقاذ والتنمية" أسامة النجيفي بـ"جهد قضائيّ وبرلمانيّ وشعبيّ حول ما حدث”، وقال: "لن نسمح ليد غريبة بأن ترسم مستقبل نينوى".

تلك الأحداث وعمليّة اختيار المحافظ نجم الجبّوري، بدلاً من المرعيد، جاءت بعد قرار للبرلمان العراقيّ في 28 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي أنهى فيه أعمال مجالس المحافظات في محاولة لتحقيق "إصلاحات سياسيّة" استجابة لمطالب الحراك الشعبيّ، الذي انطلق في العراق في الأوّل من تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي، الأمر الذي دفع بالأطراف المؤيّدة للمرعيد إلى الطعن بجلسة اختيار انتخاب نجم الجبّوري، مقابل طعن آخر قدّمته مجالس المحافظات لدى المحكمة الإداريّة في قرار البرلمان.

وأكّد عضو مجلس محافظ نينوى حسام العبّار أنّ "الطعن المقدّم إلى المحكمة الإداريّة يعني أنّ جلسات مجلس المحافظة تبقى قانونيّة إلى حين صدور قرار المحكمة، كما نصّ القانون، وهذا يعني أنّ قرارات المجلس سلميّة ولا يمكن الطعن بها، ومن بينها انتخاب المحافظ الجديد نجم الجبّوري"، وقال لـ"المونيتور": "نعتقد أنّ نجم الجبّوري شخصيّة تحظى بشعبيّة واسعة في الموصل (مركز محافظة نينوى)، وسيستطيع استغلال تلك الشعبيّة في تحقيق الإصلاحات المناسبة وتنفيذ خطّة الإعمار والبناء".

وأشار إلى أنّ "تصويت البرلمان على اختيار الجبّوري كان بصورة ديموقراطيّة، بعيدة عن الصفقات السياسيّة".

الجبوري، ذات 63 عاماً، خدم سابقاً في الجيش العراقي البعثي. وكان رئيس بلدية تلعفر في غرب نينوى من عام 2005 إلى عام 2008، ليلتحق بعد ذلك لمجموعة الباحثين في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن. ويعرف عنه بانه حليف وثيق للولايات المتحدة. وقد عاد إلى العراق في عام 2015 لمحاربة الدولة الإسلامية.

من جهته، اعتبر القياديّ في تحالف "اتّحاد القوى العراقيّة" والنائب في البرلمان محمّد الكربولي في تغريدة عبر "تويتر" أنّ "إقالة المرعيد تعدّ مؤشّراً على تراجع النفوذ الأجنبيّ وضعفه في حماية عملائه بالعراق"، وقال: "إنّ محافظ نينوى تمّ تنصيبه رغماً عن إرادة أبناء المحافظة".

وبيّن أنّ "أعضاء مجلس المحافظة استعادوا قرارهم المختطف والثقة بأنفسهم بعد هذا القرار".

في المقابل، اعتبر النائب عن محافظة نينوى قصيّ عبّاس أنّ "تغيير المحافظ الآن سيعود بآثار سلبيّة على الأوضاع الأمنيّة والاقتصاديّة في المحافظة، ذلك أنّ مجلس محافظة نينوى قام بإقالة المحافظ وتعيين محافظ جديد، رغم قرار البرلمان الاتحاديّ بإنهاء أعمال المجالس المحليّة"، وقال: إنّ كلّ قرار اتّخذته مجالس المحافظات، بعد قرار البرلمان العراقيّ، يعتبر غير قانونيّ وغير شرعيّ وتتمّ مراجعته بعد قرار المحكمة الإداريّة.

ورغم نفي المرعيد الأنباء التي تحدّثت عن تقديمه طلب الاستقالة، وهو ما فتح باب الترشيح لمنصب المحافظ، وتأكيده أنّه لن يغادر المنصب بحجّة عدم قانونيّة جلسات مجلس المحافظة، إلاّ أنّ رئيس الجمهوريّة برهم صالح صادق بالفعل على قرار تعيين نجم الجبّوري محافظاً لنينوى في 28 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بانتظار أن تعلن المحكمة الإداريّة الرأي القانونيّ في الطعون المقدّمة إليها.

وبحسب عضو مجلس محافظة نينوى بركات شمو، فإنّ كتاب الاستقالة الموقّع من قبل المرعيد، الذي وصل إلى المجلس، "حقيقيّ وغير مزوّر. ولذا، قامت رئاسة المجلس بفتح باب الترشيح لمنصب المحافظ".

وأوضح بركات شمو في اتصال مع "المونيتور" أنّ "كتاب الإقالة قديم. وعلى ما يبدو، أنّ الكتل السياسيّة التي وافقت على تعيين المرعيد في منصب المحافظ كانت تحتفظ به كرشط أساسيّ لقبوله على رأس السلطة التنفيذيّة في نينوى، وقدّمته الآن إلى مجلس المحافظة بعد حصول صفقات جديدة بين تلك الكتل".

ورفض شمو الكشف عن طبيعة تلك الصفقات، لكنّه رجّح تأثير الأوضاع في بغداد والمحافظات الجنوبيّة على نينوى، وقال: "إنّ التغيير السياسيّ الذي يحدث في العاصمة يؤثّر على استقرار نينوى، وخصوصاً على الأوضاع الأمنيّة وتغيير التحالفات السياسيّة على خلفيّة استقالة أو تغيير الحكومة الاتحادية".

وكان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي أعلن، في 29 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، تقديم استقالته إلى البرلمان، بعد ساعات من خطبة المرجعيّة الشيعيّة في النّجف، التي طالبت البرلمان بسحب الثقة من الحكومة.

وكما جرت العادة، تتأثّر الحكومات المحليّة في المحافظات بالتحالفات المشكّلة في بغداد، وإذا ما تبدّلت تحالفات الكتل السنيّة، مرّة أخرى، في محاولة تشكيل الكتلة البرلمانيّة الأكبر أو انهيار التحالفات القائمة، فإنّ الخارطة السياسيّة ستتغيّر في نينوى وبقيّة المحافظات، عدا ذلك فإنّ بيان رأي المحكمة الاتحاديّة فقط سيحسم "شرعيّة" انتخاب المحافظ الجديد.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in