تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

سوريا تنفتح على السلطة الفلسطينيّة وتبقي على قطيعتها بـ"حماس"

وصل وفد رفيع المستوى يمثّل منظّمة التحرير إلى سوريا، وسط رغبة في تنمية علاقاتهما، رغم أنّ الزيارة تأتي عقب زيارة زعيم "حماس" إسماعيل هنيّة لإيران لقطع الطريق على مصالحة بين "حماس" وسوريا... السطور الآتية تناقش أهداف الزيارة المفاجئة، وتحسّن علاقات السلطة بسوريا منذ قطيعة "حماس" معها، وحقيقة رغبتها في إفشال مصالحتهما، وكيف تؤثّر الزيارة على علاقة السلطة بمصر والسعوديّة، ونظرة "حماس" لها، ورفض سوريا وساطات إيران و"حزب الله" لمصالحة "حماس"، وهل نشهد زيارة مفاجئة لإسماعيل هنيّة لدمشق؟
PLOSyria.jpg

في زيارة مفاجئة غير معلنة من قبل، وصل في 15 كانون الثاني/يناير وفد رفيع المستوى يمثّل منظّمة التحرير الفلسطينيّة إلى سوريا.

تأتي هذه الزيارة استمراراً لتطوّر إيجابيّ متنامٍ بعلاقة السلطة الفلسطينيّة و"فتح" مع سوريا، مع غياب "حماس" عنها. 

قبل اندلاع الثورة السورية في 2011، كانت العلاقات متينة بين سوريا وحماس التي انتقل مكتبها السياسي إلى دمشق منذ عام 1999. لكن الخلاف بدأ بعد رفض حماس تأييد النظام بقمع المتظاهرين السوريين، مما أسفر عن خروجها من سوريا وإنتقال المكتب السياسي إلى القاهرة عام 2012. هذا و فشلت محاولات عديدة قامت بها إيران وحزب الله لمصالحة الطرفين.

وقد ترأس الوفد الفلسطيني في سوريا عضو اللجنتين التنفيذيّة لمنظّمة التحرير والمركزيّة لحركة "فتح" عزّام الأحمد، يرافقه عدد من كبار المسؤولين الفلسطينيّين: واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، سمير الرفاعي عضو اللجنة المركزية لفتح، أنور عبد الهادي مدير الدائرة السياسية بمنظمة التحرير، ومحمود الخالدي السفير الفلسطيني في سوريا.

وفي 17 كانون الثاني/يناير، شارك الوفد في احتفال نظّمته "فتح" بدمشق لإحياء ذكرى تأسيسها الـ55. وفي 18 كانون الثاني/يناير، التقى بنائب وزير الخارجيّة السوريّ فيصل المقداد، وناقشا أوضاع فلسطين وسوريا، وتبادلا الآراء والمعلومات، وشكر فيصل المقداد للقيادة الفلسطينيّة وقوفها ضدّ الضغوط الأميركيّة على سوريا.

وفي 22 كانون الثاني/يناير، التقى في دمشق مدير الدائرة السياسيّة لمنظّمة التحرير أنور عبد الهادي برئيس الوزراء السوريّ السابق محمّد ميرو، وأطلعه على تطوّرات القضيّة الفلسطينيّة، ودانا صفقة القرن الأميركيّة.

وفي 16 كانون الثاني/يناير، بحث أنور عبد الهادي مع وزيرة الشؤون الاجتماعيّة السوريّة ريما القادري في أوضاع المخيّمات الفلسطينيّة بسوريا.

وقال الرئيس السابق لدائرة شؤون المغتربين في منظّمة التحرير القياديّ في "فتح" نبيل شعث لموقع "عربي21"، في 17 كانون الثاني/يناير: إنّ سوريا دولة مهمّة، رغم خلافاتنا السابقة، لكنّ اليوم لديها ذات مشاكلنا مع إسرائيل وواشنطن، ومن المهمّ استمرار علاقتنا معها.

من جهته، قال عضو اللجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير واصل أبو يوسف، وهو أحد زوّار سوريا، لـ"المونيتور": "إنّ الزيارة سعت إلى تحقيق 3 أهداف: التنسيق الفلسطينيّ السوريّ لمواجهة صفقة القرن، البحث في أوضاع مخيّمات اللاّجئين الفلسطينيّين بسوريا، وعقد لقاءات بالفصائل الفلسطينيّة. لا نربط تحسين علاقتنا بسوريا مع قطيعتها بحماس. لا يجب أن تغضب منّا دولة عربيّة لتحسّن علاقتنا بسوريا، فقضيّتنا فوق الخلافات العربيّة".

يصعب اعتبار زيارة دمشق التي حصلت بعد 10 أيام من زيارة زعيم "حماس" إسماعيل هنيّة لإيران في 6 كانون الثاني/يناير، مسألة عفويّة.

وقال أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة "النّجاح" بنابلس عبد الستّار قاسم لـ"المونيتور": "إن السلطة معنيّة بحصار حماس، وهذه الزيارة لتحقيق ذلك، وهي تحرّض على الحركة خلال زياراتها لدمشق، كما أبلغتني أوساط فلسطينية في سوريا مطلعة على الزيارات. لا أستبعد زيارة هنيّة لسوريا إن سبقتها ترتيبات عالية، رغم أنّ دمشق تتعنّت بعدم إتمام مصالحتها مع حماس".

هذه الزيارة الخامسة لمنظّمة التحرير لسوريا منذ عام 2013: في تمّوز/يوليو من عام 2019، كانون الثاني/يناير من عام 2019، تمّوز/يوليو من عام 2018، وشباط/فبراير من عام 2013، ويأتي تكرار الزيارات بأوقات متقاربة لرغبة السلطة الفلسطينيّة في ملء الفراغ الذي تركته "حماس" خلفها في سوريا، والتقارب مع الدولة السوريّة للحيلولة دون أيّ مصالحة مع "حماس".

وفي تمّوز/يوليو من عام 2019، أهدى الرئيس السوريّ بشّار الأسد، الرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس كتاب القرآن الكريم مكتوباً بماء الذهب. وفي كانون الثاني/يناير من عام 2019، افتتح تلفزيون فلسطين الرسميّ مقرّاً له في دمشق.

وقال مصدر مسؤول في "حماس"، أخفى هويّته، لـ"المونيتور": "إنّ الحركة لا تفضّل الحديث إلى الإعلام عن موضوع سوريا، لكنّنا نؤكّد عدم وجود علاقة بيننا، ولا نرى أنّ زيارات السلطة هناك لها تأثير بتجديد علاقتنا بسوريا أم لا، أو تؤثّر مستقبلاً عليها. ليس في الأفق زيارة مفاجئة لهنيّة لسوريا، فالعلاقات السياسيّة لا تأتي فجأة".

لا يبدو أنّ علاقة السلطة بمصر والسعوديّة ستتأثّر سلباً عقب زيارة سوريا، فالقاهرة لديها علاقات أمنيّة وعسكريّة بدمشق، ومعاداة الثورات العربيّة باتت قاسماً مشتركاً بين القاهرة ودمشق والرياض، وخرجت إشارات أخيراً برغبة الأخيرتين في التقارب، وعلاقة السعوديّة ومصر بـ"حماس" ليست في أحسن أحوالها.

وقال الباحث في شؤون الحركات الإسلاميّة ساري عرابي لـ"المونيتور": "إنّ خطاب فتح تغيّر تجاه النظام السوريّ بعد انقطاع علاقته بحماس، لمناكفتها. ولذلك، تأتي زيارة دمشق طبيعية، مع أنّ زيارة هنيّة الأخيرة لطهران أقلقت فتح حول إمكانيّة إقناع إيران لسوريا بمصالحة حماس. جرت محاولات سابقة لاستئناف علاقة حماس وسوريا، وجمعتهما لقاءات سريّة بوساطة إيران وحزب الله، لكنّها فشلت بسبب تعنّت سوريا. الآراء في حماس اليوم تؤيّد استئناف العلاقة مع سوريا، لكن الأخيرة تواصل رفض أي جهود للمصالحة".

ليس سرّاً أنّ عودة علاقة "حماس" بسوريا تمتاز بحساسيّة كبيرة داخل الحركة، بين متشجّع ومتريّث ورافض، وهذه مواقف طبيعيّة ومتوقّعة، خصوصاً مع طرح تساؤلات مشروعة عن المصلحة العائدة للحركة من هذه العلاقة، فسوريا باتت مخترقة من الأجهزة الأمنيّة الإقليميّة والعالميّة، وغير قادرة على توفير بيئة آمنة للحركة إن عادت إليها، والأجواء السوريّة مكشوفة للطائرات الإسرائيليّة، الأمر الذي يسهّل عليها اغتيال كوادر "حماس" هناك.

وقال عضو "مجموعة العمل من أجل فلسطينييّ سورية" محمود زغموت لـ"المونيتور": "إنّ تكرار زيارات فتح لسوريا يأتي لإبداء استعدادها للتعاون مع سوريا من دون شروط. ولذلك، شرعت في تفعيل عملها التنظيميّ بمخيّمات اللاّجئين الفلسطينيّين السوريّة، بموافقة النظام. النظام السوريّ بات عبئاً، حتّى على حلفائه، ولا أرى فائدة من عودة علاقات حماس معه، فضلاً عن التبعات السلبيّة المترتّبة. نحن أمام نظام منهار اقتصاديّاً وعسكريّاً، ومعزول سياسيّاً، وفاقد للشرعيّة، ومتّهم دوليّاً بارتكاب جرائم إبادة جماعيّة".

تؤكّد هذه الزيارة أنّ سوريا تدير علاقات متناقضة مع الفلسطينيّين، تتقارب مع "فتح"، وتتباعد مع "حماس"، ويبدو أنّ تأثير إيران و"حزب الله" عليها لم يغيّر موقفها السلبيّ تجاه "حماس"، الأمر الذي يحمل عتباً منهما تجاه دمشق. ولذلك، توقّفت وساطاتهما لمصالحتهما.

كما أنّ وجود روسيا، المؤثّر الأكبر على سوريا، قد يعيق مصالحتها بـ"حماس"، فموسكو غير معنيّة بعلاقتهما، لأنّها تقوّي موقف طهران في دمشق، وتستفزّ إسرائيل، وسوريا لا تستطيع إعادة علاقتها بـ"حماس" من دون ضوء أخضر روسيّ.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in