تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

ڤيرا تماري تشكّل سيرة المحاربين الذين مرّوا فوق فلسطين

بعد غياب طويل، افتتحت الفنّانة التشكيليّة ڤيرا تماري معرضها الفنّيّ "وكم من محارب مرّ من هنا" الذي قدّمت فيه أعمالاً نحتيّة من السيراميك وأخرى تركبييّة ورسوماً، حيث شكّل المعرض نقطة تحوّل في مسيرة تماري الفنّيّة الممتدّة على مدى 5 عقود لإدخالها الرسم للمرّة الأولى في عملها الفنّيّ.
veramlh2.jpg

رام الله ، الضفة الغربية - وضعت أحد عشر خوذة عسكرية وأقنعة من السيراميك المزجج على قضبان حديديّة وكأنّها خوازيق إعدام، على جدار كجزء من عمل ڤيرا تماري "وكم من محارب مرّ من هنا"، كلّ خوذة تمثّل جيش إمبراطوريّة مرّت على فلسطين.

غالبًا ما تصور أعمال الفنّانة التشكيليّة الفلسطينيّة ڤيرا تماري (74 عاماً) طبيعة فلسطين وشعبها وتاريخها. تعمل بشكل رئيسي مع الطين لصنع التماثيل والنقوش البارزة واللوحات المنحوتة التي تستخدم فيها منحنيات الجسد الأنثوي كرمز للطبيعة. كانت تماريالتي ولدت في مدينة القدس قد أصبحت في عمر الثلاثين أول فنانة تفتتح استوديو للسيراميك في الضفة الغربية. ويقع الاستوديو في البيرة بالقرب من رام الله.

مزجت في معرضها الفنّيّ الذي ضمّ قرابة الـ40 عملاً فنّيّاً جديداً في مركز خليل السكاكيني في مدينة رام الله، بين أعمالها النحتيّة من السيراميك، وهو النوع الذي اشتهرت فيه وميّزها فنّيّاً خلال العقود الماضية، وأعمال تركيبيّة، والعديد من اللوحات المرسومة بالألوان المائيّة، ممّا جعل هذا المعرض بمثابة نقطة تحوّل في مسيرتها الفنّيّة.

تماري فنّانة متخصّصة في مجال الفنون البصريّة وتاريخ الفنّ والعمارة الإسلاميّة، وهي محاضرة جامعيّة وقيمة للمعارض الفنّيّة، وقد حصلت على الشهادة الجامعيّة من كلّيّة بيروت للبنات في عام 1966، وتخصّصت في السيراميك من المعهد الوطنيّ لفنون الخزف في مدينة فلورنسا الإيطاليّة في عام 1974، ونالت شهادة الماجستير في الفنّ والعمارة الإسلاميّة من جامعة أكسفورد في عام 1984.

شغلت تماري منصب أستاذة الفنّ والعمارة الإسلاميّة وتاريخ الفنّ في جامعة بيرزيت في محافظة رام الله لأكثر من 20 عاماً، وأسّست متحف المقتنيات التراثيّة والفنّيّة بين عامي 2005 و2010 وأدارته، وقد شاركت منذ عام 1974 في العديد من المعارض الفنّيّة في فلسطين والعالم العربيّ والعالم.

تقول تماري لـ"المونيتور": "حين بدأت أرسم المناظر الطبيعيّة المخبّأة في ذاكرتي، فوق الورق اليابانيّ الناعم، شعرت بأنّ في اللوحات شاعريّة ومثاليّة عالية جدّاً، تخالف ما كنت أعبّر عنه في أعمالي الفنّيّة السابقة، والتي كنت أسلّط الضوء فيها على الطبيعة المدمّرة وما يعتريها من تخريب لطبيعتها وتاريخها وذكرياتها، ممّا دفعني إلى التفكير أنّ هذه الأرض المثاليّة المقبلة من الذاكرة، تعرّضت إلى الكثير من الحروب والاحتلالات والغزو من جيوش عدّة، لذلك أردت تجسيد هذا التاريخ وإظهاره من خلال صناعة هذه الخوذ العسكريّة، فكلّ خوذة تمثّل إمبراطوريّة ودولة وجيش".

وأضافت تماري: "لقد أجريت بحثاً طويلاً حول الإمبراطوريّات التي مرّت على فلسطين من العصر البرونزيّ والحضارة الرومانيّة واليونانيّة، وصولاً إلى الانتداب البريطانيّ والاحتلال الإسرائيليّ، من أجل معرفة شكل خوذة كلّ جيش، قبل البدء بصناعتها من مادّة الخزف (الفخّار)، ومن ثمّ تزجيجها (إضفاء طبقة رقيقة من الخامات المكوّنة للزجاج على سطح العمل الفخّاريّ)"، لافتة إلى أنّها تعمّدت تنفيذ الخوذ بالفخّار كمادّة هشّة ضعيفة، على الرغم من أنّ خوذ الجنود تكون صلبة ومن الحديد، في إشارة إلى أنّها ستندثر وتتكسّر وتتحطّم مع الزمن، وتبقى الأرض".

وكان لافتاً اختفاء صورة الإنسان من معرضها الفنّيّ، كما كان سابقاً في معارضها، وغاصت أكثر في التجريد في أعمالها الفنّيّة، فقدّمت منحوتات أسمتها جسماً أو جذعاً أنثويّاً، تماهت معه بطريقة أخرى في أعمال تركيبيّة على القماش حوّلت من خلاله قطعاً مأخوذة من جذوع شجر الزيتون في شكل تجريديّ إلى شكل أنثويّ، إضافة إلى تصويرها تلال فلسطين ومناطقها الجبليّة الوسطى.

شهد افتتاح المعرض الفنّيّ الذي نظّمته جاليري 1 حضوراً جيّداً من قبل الفلسطينيّين، وهو ما أسعد تماري، وهو مفتوح أمام الزائرين حتّى 12 كانون الثاني/يناير 2020، حيث أعربت مديرة الجاليري (منظّمة المعرض) سمر مارثا عن سعادتها لهذا المعرض الفنّيّ لتماري.

 وقالت مارثا إنّ تماري تعدّ من أهمّ الفنّانين التشكيليّين في فلسطين، وتنبع أهمّيّته الفنّيّة من كونه جاء بعد 19 عاماً على غياب تماري عن إقامة معارض فنّيّة خاصّة بها، على الرغم من إنتاجها المتواصل، إضافة إلى أنّ كلّ أعمالها الفنّيّة في المعرض جديدة ولم تعرض سابقاً، كما أنّه يكشف لنا عن تجربة جديدة خاضتها تماري هي والرسم، وهي التي امتازت بالنحت بالسيراميك وأجادته.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in