مدينة غزّة - قطاع غزّة: تواصل الحكومة الفلسطينيّة خطواتها للنهوض بالاقتصاد الفلسطينيّ وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأقرّت في 26 آب/أغسطس الجاري، قراراً قضى بفتح باب المنافسة أمام البنوك الفلسطينيّة لتحصيل الإيرادات الماليّة من مديريّات وزارة النقل والمواصلات في الضفّة الغربيّة.
وتهدف تلك الخطوة، التي من المقرّر أن تتنافس عليها البنوك الفلسطينيّة المرخّصة كافّة، والتي يصل عددها إلى 14 بنكاً في الأراضي الفلسطينيّة، إلى تقديم خدمة أفضل للمواطن وتسهيل عمليّة دفع الأموال التي تتمّ مقابل المعاملات الحكوميّة في العديد من المديريّات التابعة لوزارة النقل والمواصلات، ناهيك عن فتح باب المنافسة للبنوك في تقديم أفضل ما لديها من خدمات إلى المواطنين.
لأن وزارة النقل والمواصلات تعد من أكثر الوزارات التي تورد الأموال لخزينة الحكومة، أيضاً الحكومة تخطط لتطبيق الأمر على الوزارات الأخرى لاحقاً.
وكشف الناطق باسم الحكومة الفلسطينيّة إبراهيم ملحم لـ"المونيتور" أنّ تلك الخطوة جاءت للحيلولة دون احتكار بنك دون آخر لتلك الخدمة، وفتح المجال أمام المواطن لدفع الرسوم الماليّة في أيّ من البنوك الفلسطينيّة.
وبيّن أنّ الحكومة أعطت وزارة النقل والمواصلات مدّة أسبوعين من تاريخ 26 آب/أغسطس الجاري، بهدف تجهيز خطّة لتطبيق القرار، وإبلاغ البنوك من خلال الحكومة بشكل رسميّ كي تبدأ بعمليّة الجباية.
من جهته، أكّد المدير العام للشؤون الماليّة في وزارة النقل والمواصلات برام الله وائل راشد لـ"المونيتور" أنّ من ضمن أهداف ذلك القرار، تحسين عمليّة الجباية وخلق نوع من التدقيق والشفافيّة في التعامل بين المواطن والجهات الحكوميّة، وقال: "إنّ مجموع ما تتمّ جبايته من خلال المديريّات التابعة للنقل والمواصلات المنتشرة في الضفّة الغربيّة، والتي يبلغ عددها: 13 مديريّة رئيسيّة واثنتان فرعيّتان، يصل إلى 300 مليون شيكل سنويّاً (85.7 مليون دولار)، أيّ ما يعادل 25 مليون شيكل شهريّاً (7.1 مليون دولار)".
إنّ الحكومة الفلسطينيّة، ومنذ عام 1997، وقّعت اتفاقيّة مع بنك الأردن – فرع فلسطين، يقوم بموجبها البنك بجباية الإيرادات الماليّة من مديريّات النقل والمواصلات في المحافظات الفلسطينيّة من خلال موظّفين منتدبين في 14 فرعاً رئيسيّاً.
وإنّ قرار الحكومة الفلسطينيّة، جاء رغم لقاء عقد بين وزير النقل والمواصلات الفلسطينيّ عصام سالم والمدير التنفيذيّ لبنك الأردن حاتم فقهاء في 11 حزيران/يونيو الماضي، والذي تمّ التباحث فيه بزيادة عدد موظّفي البنك داخل مديريّات النقل والمواصلات وتمديد ساعات الدوام للتخفيف عن المواطنين.
وأوضح مدير العمليّات المركزيّة في بنك الأردن محمود درس خلال حديث لـ"المونيتور" أنّهم لم يتبلّغوا بشكل رسميّ القرار من قبل الحكومة بفتح باب المنافسة أمام البنوك لجباية أموال وزارة النقل والمواصلات، لافتاً إلى أنّ الاتفاقيّة الموقّعة بين البنك والحكومة الفلسطينيّة منذ عام 1997 في هذا الخصوص والتي تجدّد سنويّاً، ما زالت سارية المفعول حتّى اليوم.
وأبدى محمود درس ترحيب بنك الأردن بفتح باب المنافسة أمام البنوك الفلسطينيّة الأخرى لتحصيل الأموال من وزارة المواصلات أو غيرها من المعاملات الحكوميّة الأخرى، مشيراً إلى أنّ المنافسة تفسح المجال أمام البنوك كافّة لتقديم خدمة أفضل إلى المواطن الفلسطينيّ.
وكانت وزارة النقل والمواصلات في الضفّة الغربيّة رفعت في آب/أغسطس من عام 2014، قيمة عمولة بنك الأردن على كلّ معاملة يقوم بها موظّفو البنك في مديريّات النقل من 1 شيكل (0.28 دولار) إلى 3 شواكل (0.85 دولار)، علماً بأنّ آلاف المواطنين يراجعون تلك المديريّات بشكل يوميّ لإجراء معاملاتهم.
ورحّب رئيس نقابة النقل والمواصلات في الضفّة الغربيّة أحمد جابر خلال حديث لـ"المونيتور" بالقرار الحكوميّ الفلسطينيّ، متوقّعاً أن يساهم ذلك القرار في تقديم خدمة أفضل إلى أصحاب سيّارات التاكسي العموميّة والخاصّة، وإن كانت بشكل محدود.
وشدّد على أنّه في المقابل ستشكّل تلك الخطوة فائدة أكبر للبنوك الفلسطينيّة، مشيراً إلى أنّ الضفّة الغربيّة تضمّ قرابة 228 ألف سيّارة، منها 9488 سيّارة تاكسي ما بين عموميّة وخاصّة، وتقوم تلك السيّارات بإجراءات معاملاتها بشكل سنويّ أو نصف سنويّ، وتسدّد رسومها عبر بنك الأردن الذي يحتكر عمليّة الجباية في مديريّات النقل والمواصلات.
وبيّن أحمد جابر أنّ الحكومة رفعت رسوم المعاملات التي تقدّم للبنك في مديريّات النقل والمواصلات إلى ثلاثة أضعاف، وقال: "إنّ المشكلة الأكبر التي تواجهنا تتمثل في قيمة ما تفرضه الحكومة الفلسطينيّة من ضرائب على ترخيص السيّارات في الضفّة الغربيّة". 660 شيكل سنوياً (188 دولار أمريكي) للسيارة العمومي.
كما يترافق القرار مع الخطّة الوطنيّة التي أقرّتها الحكومة الفلسطينيّة في حزيران/يونيو من عام 2018، لتعزيز استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ في التعاملات اليوميّة وشراء السلع، وقيام البنوك بتقديم العديد من العروض مثل نقاط وجوائز لمن يستخدم بطاقات الدفع الالكتروني في التعاملات المالية اليومية والإغراءات إلى المواطنين لاستخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ.
من جهته، رأى أستاذ الاقتصاد في جامعة "النّجاح الوطنيّة" بكر اشتيّة خلال حديث لـ"المونيتور" أنّ المستفيد الأوّل من القرار الحكوميّ هو البنوك الفلسطينيّة التي تبحث عن العمولة الماليّة التي يدفعها المواطن، مشيراً إلى أنّ الأخير هو آخر المستفيدين من ذلك القرار في الجانب المالي.
وبيّن أن تحصيل البنوك تلك الإيرادات وتوريدها إلى الحكومة بشكل شهريّ على الأقلّ يمكّن تلك البنوك من الاستفادة من تلك الأموال عبر تشغيلها بشكل شهريّ، من دون أن يكون للخزينة الحكوميّة أيّ نسبة من المبالغ الإضافيّة التي تجنيها البنوك بفعل تشغيلها تلك الأموال.
ودعا بكر اشتيّة الحكومة إلى التحرّك باتّجاه رفع الخدمات المقدّمة إلى المواطن وليس إلى البنوك، وتحديداً لجهة تخفيض ما تتمّ جبايته على المعاملات الحكوميّة المختلفة.
يبدو أنّ القرار، الذي من المتوقّع أن يدخل حيّز التنفيذ خلال الأسابيع القليلة المقبلة، سيشعل حالة من التنافسيّة الكبيرة بين البنوك الفلسطينيّة، لا سيّما في ظلّ قيام بعض تلك البنوك بتقديم بعض الخدمات الإضافيّة بهدف جذب المراجعين ليسدّدوا من خلالها.