تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

إعلان البنك المركزيّ الفلسطينيّ تعيقه إشكاليّات سياسيّة واقتصاديّة

كشف محافظ سلطة النقد الفلسطينيّة عزّام الشوّا أنّ الترتيبات جارية لتأسيس بنك مركزيّ لحماية الأوضاع المصرفيّة الفلسطينيّة ودعم البنوك والمصارف المحليّة، مع أنّ البنوك الفلسطينيّة في الأشهر الأخيرة قدّمت قروضاً متواصلة إلى السلطة التي تعاني أزمة ماليّة. كما تشكو البنوك من عدم استقرار السوق المصرفيّة، خصوصاً مع توتّر الأوضاع السياسيّة مع إسرائيل.
RTR4EQXZ.jpg

كشف محافظ سلطة النقد الفلسطينيّة عزّام الشوّا، في 14 كانون الثاني/يناير، خلال تصريح للتلفزيون الفلسطينيّ الرسميّ، أنّ الترتيبات جارية لتأسيس بنك مركزيّ فلسطينيّ لحماية الأوضاع المصرفيّة في الأراضي الفلسطينيّة، ودعم البنوك المحليّة، من دون كشف التفاصيل.

وكان عزّام الشوّا أعلن، في 23 كانون الأوّل/ديسمبر من عام 2019، في حوار مع موقع "مباشر" - السعوديّة، أنّ تحوّل سلطة النقد إلى بنك مركزيّ هو حلم كلّ فلسطينيّ، وهو حصيلة جهود استمرّت 10 سنوات، ستتوّج قريباً باعتماد الرئيس محمود عبّاس لقانون البنك لعام 2015 الخاص بالبنك المركزي الفلسطيني.

يسلّط هذا الإعلان الضوء على التوجّه الفلسطينيّ الجديد إلى إنشاء بنك مركزيّ والحاجة إليه والمقصود به، ونظرة البنوك الفلسطينيّة إليه، ومدى خشيتها من سيطرة السلطة الفلسطينيّة على القطاع المصرفيّ، وتأثير الأوضاع السياسيّة على نجاح البنك أو فشله، والعقبات التي قد تحول دون تأسيسه.

وقال مصدر مسؤول في سلطة النقد برام الله، أخفى هويّته، لـ"المونيتور": "إنّ إقامة البنك المركزيّ بدأت منذ اعتماد استراتيجيّة سلطة النقد خلال عام ٢٠٠٦، وشرعت سلطة النقد في وضع مسودّة قانون البنك خلال عام 2015، وإجراء مناقشات معمّقة له مع الجهات المحليّة والدوليّة، مثل كليات الاقتصاد في الجامعات الفلسطينية، والبنوك الفلسطينية المحلية والبنوك العربية، وصندوق النقد الدولي. توقّعنا مصادقة الرئيس عليه في أواخر عام 2017، لكنّ القرار يحتاج إلى إرادة سياسيّة، ويرتبط باعتبارات سياسيّة وسياديّة واقتصاديّة معقّدة. المقرّ الرئيسيّ لسلطة النقد برام الله ما زال حتّى اليوم من دون لافتة بانتظار القرار النهائيّ: فهل نكتب سلطة النقد أم البنك المركزيّ".

يعتقد الفلسطينيّون أنّ الإعلان العمليّ، وليس الإعلاميّ، عن البنك المركزيّ، يتطلّب التنسيق المسبق مع إسرائيل عبر المجتمع الدوليّ، خشية ممارستها أيّ عقوبات بحقّهم ذات طابع اقتصاديّ، لأنّ إسرائيل قد ترى في هذه الخطوة الماليّة مقدّمة لإعلان الدولة الفلسطينيّة، كجزء من التهديدات الفلسطينيّة بإلغاء العمل بالاتفاقيّات الموقّعة مع إسرائيل، لا سيّما اتفاقيّة باريس الاقتصاديّة لعام 1994.

ربّما ينسجم إعلان بنك مركزيّ فلسطينيّ بكامل الصلاحيّات، مع متطلّبات استقلال الدولة الفلسطينيّة وبناء المؤسّسات الوطنيّة، وهو ما لن توافق عليه إسرائيل، على الأقلّ إن لم يكن بالتنسيق معها.

وقال أستاذ الاقتصاد في الجامعة الإسلاميّة بغزّة سيف الدين عودة لـ"المونيتور": "إنّ إقامة البنك المركزيّ تتطلّب من السلطة الفلسطينيّة استمرار التشاور مع البنك الدوليّ وصندوق النقد الدوليّ واللجنة الرباعيّة الدولية. سلطة النقد جاهزة لوجستيّاً وفنيّاً من الناحية الداخليّة للتحوّل إلى بنك مركزيّ، لكنّ الإعلان عنه يحتاج إلى تنسيق مدروس كي لا يقع صدام مع إسرائيل، التي ستخلق مشكلات للجهاز المصرفيّ تنعكس سلباً على الفلسطينيّين".

بلغ إجماليّ الاحتياطيّ النقديّ للأراضي الفلسطينيّة في نهاية تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2019، 1.155 مليار دولار، وتخطّى إجماليّ أصول مصارفها الـ16.733 مليار دولار، وإجماليّ محفظة ودائعها تجاوزت 13.044 مليار دولار، وبلغ إجماليّ التسهيلات الائتمانيّة المقدمة من مصارفها إلى السلطة الفلسطينية 8.862 مليار دولار، وبلغ عدد البنوك الفلسطينيّة 14 مصرفاً و368 فرعاً.

وباتت البنوك الفلسطينيّة، في الأشهر الأخيرة، تقدّم قروضاً إلى السلطة الفلسطينيّة التي تعاني أزمة ماليّة. وأعلن وزير الماليّة الفلسطينيّ شكري بشارة، في أيلول/سبتمبر من عام 2019، أن السلطة الفلسطينية اقترضت الحدّ الأقصى من البنوك المحليّة بقيمة 450 مليون دولار منذ شباط/فبراير من عام 2019 لتوفير رواتب الموظّفين الحكوميين، الأمر الذي أثّر سلباً على وفرة السيولة لدى المصارف، ويصل الحد الأقصى للمبلغ الذي تقرضه البنوك للسلطة الفلسطينية 500 مليون دولار.

فريد غنّام وكيل وزارة المالية الفلسطينية برام الله، كشف يوم 24 نيسان/أبريل 2019 في ندوة نظّمها الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة- أمان، وهي مؤسسة غير حكومية برام الله، أن عدد موظفي السلطة وصل 133200، منهم 33800 في قطاع غزة، و99400 في الضفة الغربية، وبلغت فاتورة رواتبهم السنوية 1.77 مليار دولار.

وقال رئيس تحرير صحيفة "الاقتصاديّة" الصادرة في غزّة محمّد أبو جياب لـ"المونيتور": "إنّ الحديث عن إنشاء البنك المركزيّ يفتقر إلى أدوات بنائه الحقيقيّ: أوّلها غياب العملة المحليّة، ثانيها معاناة الاقتصاد الفلسطينيّ من التشويه الهيكليّ، ثالثها غياب القدرة على التحكّم بالمنافذ الفلسطينيّة البريّة والجويّة والبحريّة، ورابعها خشية البنوك المحليّة من الهدف الخفيّ للبنك المركزيّ الفلسطينيّ بالسيطرة والاستحواذ عليها".

أثارت دعوة عزّام الشوّا إلى إعلان البنك المركزيّ آراء متباينة لخبراء اقتصاديّين فلسطينيّين استبعدوا، في 19 كانون الثاني/يناير خلال أحاديث منفصلة لموقع "النّجاح" الإخباريّ، موافقة إسرائيل على هذه الخطوة لأنّها تتطلّب استقلالا ًسياسيّاً فلسطينيّاً في البداية. وفي حال أعلن عن البنك المركزيّ من دون عملة وطنيّة فلسطينيّة، فسيكون بنكاً ولد ميتاً، وسيقتصر الأمر على إعلان سياسيّ ديبلوماسيّ ليس أكثر.

مع العلم أنّ الجهاز المصرفيّ الفلسطينيّ يتعامل بـ4 عملات فقط، هي: الدينار الأردنيّ، الدولار الأميركيّ، الشيكل الإسرائيليّ، والجنيه المصريّ.

وقال وزير التخطيط الفلسطينيّ السابق وكبير باحثي "معهد أبحاث السياسات الاقتصاديّة الفلسطينيّ - ماس" سمير عبد الله لـ"المونيتور": "إنّ التوجّه إلى إعلان البنك المركزيّ يعود لسنوات طويلة، ولا أدري إن كانت إعادة طرحه مجدّداً مرتبطة بمفاوضات مع إسرائيل، لأنّه يصعب أن يكون الإعلان الفلسطينيّ عنه أحاديّاً. مهمّة البنك الأساسيّة هي إصدار العملة الوطنيّة، وأنا أتوقّع أن ترفض إسرائيل إصدار العملة الفلسطينية، فهناك 4 مليارات شيكل إسرائيليّ في السوق الفلسطينيّة، فوائدها السنويّة لإسرائيل 50 مليون دولار. وإن لم تحصل السلطة الفلسطينيّة على موافقة إسرائيليّة على إعلان البنك أو عدم معارضتها له، فعلى الأقلّ، سنكون أمام عقوبات اقتصاديّة لن يتحمّلها الفلسطينيّون، فكلّ تحويلاتهم الماليّة تمرّ عبر إسرائيل".

يعلم الفلسطينيّون جيّداً أنّ التوقيت السياسيّ الحاليّ قد لا يكون مناسباً لإعلان البنك المركزيّ، فضلاً عن المعوقات الاقتصاديّة، في ظلّ قطيعة كاملة مع إسرائيل وتوتّر متزايد مع الولايات المتّحدة، الأمر الذي قد يفسّر أنّ زيادة التصريحات حول قرب إعلانه قد تحمل تهديداً ضمنيّاً لإسرائيل، بعدم انتظار موافقتها. وفي هذه الحال، سيدخل الجانبان أزمة سياسيّة جديدة تستدعي تدخّل المجتمع الدوليّ، وهو ما ترمي إليه السلطة الفلسطينيّة بتدخّل دوليّ بجانب الولايات المتّحدة وسيطاً بينها وبين إسرائيل.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in