مدينة غزة، قطاع غزة: تواصل الحكومة الفلسطينية خطواتها للانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل، وجاءت آخر تلك الخطوات في طلب وزير الاقتصاد الفلسطيني خالد العسيلي في 9 أكتوبر الجاري، جمهورية مصر العربية بدعم ملف فلسطين للانضمام بشكل نهائي لاتفاقية "أغادير" الاقتصادية.
وحصل الفلسطينيون في 23 مارس 2017، على الموافقة المبدئية من لجنة خارجية الدول الأطراف في تلك الاتفاقية للانضمام إليها وهي المغرب وتونس ومصر والأردن، وأوصت اللجنة بأن يتم استكمال بروتوكولات الانضمام خلال مدة أقصاها 6 أشهر ليتم رفع توصيات لجنة كبار مسؤولي التجارة الخارجية إلى وزراء الخارجية للاعتماد والتوقيع، وينتظر الفلسطينيون اجتماع وزراء خارجية تلك الدول -والذي لم يحدد تاريخه بعد- بهدف الموافقة النهائية على الانضمام.
اتفاقية أغادير والتي وقعت في فبراير 2004، أفسحت المجال في مادتها الأولى بانضمام أي دول عربية لها، وتهدف تلك الاتفاقية إلى إنشاء منطقة تبادل حر بين تلك البلدان من أجل تطوير النشاط الاقتصادي ودعم التشغيل، وزيادة الإنتاج، وتحسين المستوى المعيشي داخل الدول الأطراف.
ويهدف الفلسطينيون من الانضمام لتلك الاتفاقية في توسيع تجارتهم مع الدول العربية على حساب إسرائيل، والتي تذهب غالبية الصادرات الفلسطينية إليها، بالإضافة إلى استفادتهم من الإعفاء الجمركي للكثير من السلع المصدرة أو المستوردة للبلدان الموقعة على الاتفاقية وهو ما ينعكس إيجاباً على الصناعات في تلك البلدان.
وزير الاقتصاد الفلسطيني خالد العسيلي أكد في حديث مع "المونيتور" أنه طلب من وزير التجارة والصناعة المصري عمرو نصار في 9 أكتوبر الجاري، الحصول على دعم مصر في سرعة حصول فلسطين على الموافقة النهائية للانضمام لاتفاقية "أغادير"، مشيراً إلى الوزير المصري وعد بالتوجه للمستوى السياسي المصري لتسريع انضمام فلسطين للاتفاقية من خلال طلب عقد اجتماع وزراء خارجية الدول الموقعة على الاتفاقية.
وتنص المادة الثلاثون من الاتفاقية على أنه "يمكن لكل دولة عربية عضو في جامعة الدول العربية ومنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى (..) طلب الانضمام إلى هذه الاتفاقية، ويتم ذلك بموافقة جميع الدول الأطراف في لجنة وزراء الخارجية".
المدير العام للإدارة العامة للتخطيط والسياسات في وزارة الاقتصاد الفلسطينية عزمي عبد الرحمن ذكر لـ"المونيتور" أن الفلسطينيين يعولون كثيراً على الانضمام للاتفاقية، كخطوة مهمة في خطة الحكومة الفلسطينية الاستراتيجية بالانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل.
وأوضح أن جهود الحكومة الفلسطينية في الآونة الأخيرة انصبت باتجاه عقد اتفاقات اقتصادية ثنائية مع العديد من الدول العربية وفي مقدمتها الأردن والعراق والمغرب ومصر، والانسحاب بشكل تدريجي من العلاقة الاقتصادية مع إسرائيل، والتي اتهمها بوضع الكثير من العراقيل أمام نمو الاقتصاد الفلسطيني.
وقدر عبد الرحمن حجم الصادرات الفلسطينية لدول العالم بأكثر من مليار سنوياً، مشيراً إلى أن 15 بالمائة من تلك الصادرات تذهب للأسواق العربية، والـ 85 بالمائة تذهب للسوق الإسرائيلية وبعض الأسواق العالمية، فيما تستورد فلسطين سلع بقرابة 5.8 مليار دولار سنوياً، 55 بالمائة من تلك السلع والبضائع يتم استيرادها من إسرائيل.
وشدد على أن برتوكول باريس الاقتصادي الموقع بين إسرائيل والفلسطينيين عام 1994، كبل نمو الاقتصاد الفلسطيني ويكبده خسائر فادحة تقدر بـ 7 مليارات دولار سنوياً، جراء منع إسرائيل للفلسطينيين من استغلال المناطق المصنفة (ج) أو استغلال مواردهم الطبيعية، ناهيك عن منع إسرائيل لعشرات السلع من دخول السوق الفلسطينية بحجة الاستخدام المزدوج.
البنك الدولي وفي تقرير صادر عنه في 17 أبريل الماضي، ذكر أن تخفيف القيود المفروضة على السلع ذات الاستخدام المزدوج من شأنه أن يضيف 6 بالمائة إلى حجم الاقتصاد في الضفة الغربية و11 بالمائة إلى الاقتصاد في قطاع غزة في حلول عام 2025.
رئيس اتحاد الصناعات الفلسطينية بسام ولويل أوضح لـ"المونيتور" أن القطاع الخاص الفلسطيني ينتظر بفارغ الصبر حصول دولة فلسطين على الموافقة النهائية للانضمام للاتفاقية وبدء الإجراءات الفعلية من أجل توسيع تجارتهم الخارجية باتجاه الدول العربية، وتحديداً تلك التي تعفي السلع والمنتوجات الفلسطينية من الضرائب الجمركية.
وأوضح أن المعيقات الإسرائيلية في طريق نمو الاقتصاد الفلسطيني تحتم عليهم البحث عن أسواق جديدة، مشيراً إلى أن أبرز تلك المعيقات تتمثل في الضرائب الجمركية الباهظة، وكذلك عمليات التفتيش للسلع على المعابر التجارية مع إسرائيل والتي تؤدي في كثير من الأحيان إلى فساد المنتوجات وتحديداً الغذائية أو الزراعية.
وكانت الحكومة الفلسطينية قد قامت مؤخراً بزيارات للعديد من البلدان العربية ومنها الأردن بداية يوليو الماضي، والعراق منتصف يوليو الماضي، ومصر في أكتوبر الجاري، بهدف إحلال البضائع العربية على حساب البضائع الإٍسرائيلية في السوق الفلسطينية.
من جانبه، تمنى المدير العام لمجموعة "الحداد" للاستثمار والتعدين في الخليل نظمي الحداد خلال حديث مع "المونيتور" أن تنجح خطوات الحكومة الفلسطينية بالانضمام لاتفاقية "أغادير"، منوهاً إلى أن فتح الأسواق العربية أمام الصناعات الفلسطينية تساهم بشكل أكبر في نمو الاقتصاد الفلسطيني.
وبين أن شركته تصدر حالياً منتوجات الحديد والصلب للأردن فقط، وذلك بسبب المعيقات الإسرائيلية من جانب، وغياب الاتفاقيات الثنائية الفلسطينية مع الكثير من البلدان العربية من جانب آخر، لافتاً إلى أن حجم تصدير شركته للأردن يبلغ 3 ملايين دولار سنوياً.
وقال الحداد: "أستطيع أن أقوم بتصدير أضعاف ما أقوم بتصديره الآن للأردن، ولكن الضرائب الإسرائيلية التي تفرض على الصادرات الفلسطينية أدت إلى عزوف الكثير من الشركات الأردنية عن استقبال ما أقوم بصناعته، فإسرائيل تأخذ ضريبة تقدر بـ 200 دولاراً على كل شاحنة".
وتوافق مدير العلاقات العامة والتسويق في شركة "الوفاء" للصناعات البلاستيكية بالخليل طارق أبو الفيلات في حديث مع "المونيتور" مع سابقه في أن أي اتفاقية تسهل دخول البضائع الفلسطينية للأسواق العربية مهمة وتساهم في انعاش الاقتصاد الفلسطيني وخلق المزيد من فرص العمل للعاطلين.
الخطوات الفلسطينية للانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل واحلال البضائع العربية بدل الإسرائيلية بدأت تجد معارضةً إسرائيلية، وكان آخرها تهديد إسرائيل في 12 أكتوبر الجاري، بوقف إدخال المنتوجات الزراعية الفلسطينية للسوق الإسرائيلية إذا ما استمر الفلسطينيون في منع إدخال السلع الإسرائيلية للسوق الفلسطينية.