كأي مدينة كبيرة تواجه مدينة القدس العديد من المشاكل اليومية والتحديات. ولكن بصورة مغايرة لاية مدينة كبيرة أخرى، فجزء لا يستهان به من هذه المدينة يعاني من فراغ هائل لعدم وجود قيادة مختارة من الشعب.
فسكان القدس العرب وعددهم 350 ألف يواجهوا المشكلة تلوى الأخرى بسبب غياب القيادة المحلية التي يمكنها ان تعالج تلك المشاكل اليومية.
فالأسبوع الذي بدأ في 24 كانون الثاني مثال على ذلك .حيث بدأ الأسبوع بقرار جريء لسكان هذه المدينة المقدسة وفي مواجهة الاستفزازت الإسرائيلية ضد المسجد الأقصى المبارك. القيادات المحلية الإسلامية دعت المؤمنين للتواجد في الأقصى والمشاركة في صلاة الفجر صباح الجمعة 24 كانون الثاني. ورغم الشتاء والطقس البارد وصل عدد كبير تم تقديره ب 50 الاف للبلدة القديمة وشاركوا في صلاة الفجر. التي شهدت توترا واضحا بعد قيام المصلين بالهتاف الله اكبر عقب الصلاة مما حثى بالقوات الإسرائيلية الى اقتحام المسجد وإخراج المصلين وفي صلاة الجمعة توجه الالاف للمسجد من بينهم كان الشيخ عكرمة صبري وعمرة 81 عاماً وهو رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في القدس وواعظ في المسجد الأقصى منذ عقود.
قبل أسبوع كانت السلطات الإسرائيلية قد استدعت الشيخ عكرمة صبري وأمرته شفويا بعدم دخول الأقصى لأنه وحسب ادعاء السلطات الإسرائيلية يقوم الشيخ بالتحريض للعنف في وعظاته.
ولكن بما ان الطلب لم يكن مكتوبا، قرر الشيخ صبري مشاركة الجماهير في الصلاة في ثالث اهم مسجد في الإسلام. وبعد نفاش مع الحراس الإسرائيليون والذين لم يستطيعوا إبراز أي امر مكتوب دخل الشيخ محمولا على اكتف المصلين والذين كانوا مصريين ان يشاركهم الشيخ الصلاة.
في نفس اليوم وفي الفجر قام متطرفون يهود بالدخول خلسة للمسجد في جنوب المدينة واحرقوه. المهاجمون كتبوا شعارات على حائط المسجد الكائن في حي بين صفافا بالعبرية يدعوا ل "الموت للعرب" و "الموت للفلسطينيين."
كذاك في نفس اليوم كانت مأساة تجري في حي بيت حنينا شمال القدس. فقد اختفى الطفل قيس أبو رميلة ولم يستطيع أهل إيجاده .
سكان بيت حنينا والذين كانوا يخشون ان يتكرر حادث محمد أبو خضير وذهبت افكارهم فوراً لإمكانية ان الطفل المفقود ربما تم خطفه من قبل المتطرفين اليهود. وكون بيت حنينا ملاصقة لحي شعفاط والتي شهدت قبل ستة أعوام خطف وحرق الشاب محمد أبو خضير لعب دوراً في تخوفهم.
ان تراكم الأحداث في تلك الأيام واختفاء الطفل حول الحي الهادئ الى تجمع غاضب. فقد تجمهر في الشوارع آلاف الفلسطينين وهم يبحثوا عن الطفل المفقود رغم سوء الحالة الجوية. وفي لحظة معينة قررت الجماهير محاولة دخول المستوطنة الإسرائيلية القريبة (نفي يعقوب) الا ان الشرطة الإسرائيلية منعتهم من ذلك مم أدى إلى احتكاكات بين الطرفين.
بعد أربعة عشر ساعة من اختفاء الطفل تم اكتشافه في حوض مليء بالماء. وكانت تلك الحفرة قد نجمت عن عمليات بناء الجدار الإسرائيلي العازل. وقد تبادل الإسرائيليون من بلدية القدس والإدارة المدنية الإسرائيلية المسؤولة عن المناطق ج في الضفة الغربية المسؤولية حول عدم معالجة تلك الحفرة رغم ان الحفرة تقع في قلب الحي المقدسي .
وفي الساعة الثانية من صباح يوم السبت 25 كانون الثاني وصل أفراد من الشرطة الإسرائيلية الى منزل الشيخ عكرمة صبري وسلموه قرار محكمة يمنعه من دخول المسجد الأقصى ولمدة أربعة أشهر صبري قال لصحيفة اراب نيوز السعودية ان قرار المنع جاء انتقامًا بسبب تداول صورة وهو محمول على الاكتاف في اليوم الذي سبق بسبب تحدي الشيخ والمصلين القرار الشفوي الأمر الذي يبدوا انه أغضب الإسرائيليين.
الحالات الثلاث تمت خلال فترة 48 ساعة. فالمعروف ان إسرائيل تحرم الفلسطينيين في القدس من الحصول على حقوقهم السياسية لاختيار قادة محليين الأمر الذي اجبر المواطنين على التشبث بقياداتهم الدينين وفي نفس الوقت يرفض سكان القدس العرب الثقة بالمحتل الإسرائيلي والذي يحاول فرض نفسه عليهم رغم عنهم.
إن خطورة الوضع تزداد بسبب عدم قيام إسرائيل بضبط المتطرفين اليهود الذين يحرقون المساجد ويحاولون بكافة الطرق السيطرة على المدينة المقدسة والأماكن الإسلامية فيها. ان خليط تلك الأمور خلقت جوًا مسممًا حول المدينة تحول الى قنبلة موقوتة يمكن ان تتفجر من أي شرارة.
ان سكان القدس أصبحوا ايتاما سياسيين يشعروا ان عليهم الدفاع عن وجودهم وحقوقهم في المدينة بأيديهم.