ريف حلب الشماليّ، سوريا- قالت وزارة التنمية والشؤون الإنسانيّة في حكومة الإنقاذ السوريّة المعارضة في إدلب إنّها تفاعلت بإيجابيّة مع أزمة النزوح الأخيرة التي شهدتها مناطق ريف إدلب الجنوبيّ، بسبب قصف قوّات النظام للمدن والقرى المدنيّة، وعملت الوزارة على استقبال النازحين في مراكز إيواء موقّتة وأخرى دائمة، وقد جاء ذلك في بيان صحافيّ للمتحدّث الرسميّ باسم الوزارة ماهر صليبي، في 21 كانون الأوّل/ديسمبر 2019، وهو البيان الصحافيّ الأوّل للوزارة التابعة إلى حكومة الإنقاذ السوريّة في تشكيلتها الجديدة، والتي أعلن عنها في 12 كانون الأوّل/ديسمبر برئاسة علي كدة.
الحقائب الوزاريّة في تشكيلة حكومة الإنقاذ الجديدة في دورتها الثالثة هي 10حقائب.
وكان مجلس الشورى العامّ، هو واجهة تشريعية يضم وجاء عشائر ووجهاء محليين وهو مقرب من هيئة تحرير الشام، قد منح الثقة لعلي كدة لتشكيل حكومة جديدة في 18 تشرين الثاني/نوفمبر، بعد استقالة الحكومة السابقة برئاسة فوّاز هلال، التي تشكّلت في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، وعلي كدة مهندس من قرية حربنوش في ريف محافظة إدلب، وهو من مواليد عام 1973، ولديه 5 أولاد. وتعهّد كدة في بيانه الوزاريّ، بالوصول إلى وطن بلا خيمة، عبر العمل على حلّ مشكلة النزوح والمخيّمات.
ويعرف عن حكومة الإنقاذ في إدلب بأنّها مقرّبة من هيئة تحرير الشام، وبأنّها ذراعها المدنيّة لإدارة مناطق محافظة إدلب ومحيطها من أرياف حلب وحماة واللاذقيّة الخاضعة إلى سيطرة المعارضة، وقد أعلن عن تأسيسها في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 من قبل المؤتمر السوريّ العامّ الذي تمّ عقده في معبر باب الهوى على الحدود السوريّة-التركيّة في 16 أيلول/سبتمبر 2017. ومنذ الإعلان عن تأسيس حكومة الإنقاذ، ساد الجدل في أوساط المعارضة، وبدا الناس غير راضين عن أدائها، وبعضهم ربط عدم رضاه عن الحكومة بتبعيّتها إلى هيئة تحرير الشام وقربها منها.
قال مسؤول في حكومة الإنقاذ، رفض الكشف عن اسمه، لـ"المونيتور" إنّ الدورة الثالثة الجديدة للإنقاذ تضمّ بالفعل شخصيّات وانتماءات معارضة متنوّعة، بعض الوزراء محسوب على هيئة تحرير الشام، وهناك شخصيّات مستقلّة، ونطمح إلى تحسين الأداء الحكوميّ والإداريّ في الدورة الجديدة، وتقديم الخدمات في شكل أفضل والعمل في شكل جدّيّ على تطوير المؤسّسات التابعة إلى الحكومة".
وكانت مدينة إدلب قد شهدت تظاهرات ضدّ هيئة تحرير الشام، وتظاهرات مندّدة بممارسات حكومة الإنقاذ وأدائها الإداريّ، وطالبت بإسقاطها، آخرها كانت في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، حيث هتف المتظاهرون ضدّها نتيجة أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائيّة والمحروقات، في ظلّ الاحتكار وفرض الضرائب والإتاوات من قبل الوزارات التابعة إليها على المدنيّين.
التقى "المونيتور" عبد الكريم عكيدي، ناشط مدني من ريف حلب الغربيّ، حيث قال: "حكومة الإنقاذ لا تتوقّف عن فرض الضرائب على المدنيّين، منذ إدارتها للمنطقة، على الرغم من سوء الأحوال المادّيّة والمعيشيّة التي تواجهنا، ولن يختلف أداء التشكيلة الحكوميّة الجديدة عن سابقتها، ولا أعتقد أنّها ستحظى بتأييد شعبيّ، الناس هنا يعانون من قسوة الظروف المعيشيّة، فقراء لا يمكنهم تحمّل الضرائب، يريدون خدمات أساسيّة رخيصة، مياه وكهرباء ومواصلات سهلة المنال".
وأضاف عكيدي: "أنا شخصيّاً لا أثق بحكومة الإنقاذ التي تهتمّ بالضرائب، بينما آلاف العائلات تعاني من قصف قوّات النظام والطيران الروسيّ، وتعيش ظروفاً إنسانيّة غاية في الصعوبة في المخيّمات، لن تنجح حكومة الإنقاذ في تجميل نفسها، ولا يمكن أن تخدم المدنيّين طالما أنّها تمثّل هيئة تحرير الشام".
من جهته، قال الناشط الإعلاميّ محمّد الحسين وهو من ريف إدلب، لـ"المونيتور": "من بين العوامل التي أفقدت المدنيّين ثقتهم بحكومة الإنقاذ تردّي الوضع الأمنيّ في إدلب، فحكومة الإنقاذ غير جادّة في اتّخاذ التدابير اللازمة لحماية الناس وممتلكاتهم، وهي غير قادرة أصلاً على ضبط الأمن في إدلب".
وأضاف: "حكومة الإنقاذ تنفّذ ما تريده هيئة تحرير الشام، وكانت سياستها سبباً في توقّف عمل عدد من المنظّمات الإنسانيّة في إدلب، وهو ما انعكس في شكل سلبيّ على حياة الناس بسبب انقطاع الدعم عنهم".
وتحتكر حكومة الإنقاذ التجارة في إدلب وتتحكّم في استيراد عدد كبير من السلع الغذائيّة التي يحتاجها الناس وتسويقها، وذلك من خلال تجّار وشركات تجاريّة يملكها أشخاص مقرّبون منها ومن هيئة تحرير الشام، وتحتكر حكومة الإنقاذ أيضاً بعض الخدمات، ومن بين المواد التي يتمّ احتكار تجارتها، المشتقّات النفطيّة عبر شركة وتد للبترول التي تمّ تأسيسها في بداية عام 2018.
قال سلطان البليغ، وهو ناشط إعلاميّ يقيم في ريف إدلب، لـ"المونيتور": "انعدمت الثقة بين حكومة الإنقاذ والمدنيّين، لأنّها لم توفّر الحدّ الأدنى من الخدمات، التي يجب أن تقدّمها أيّ حكومة، ومنذ تشكيلها، ينظر المدنيّون إليها كأداة تتحكّم بها هيئة تحرير الشام".
قال المنسّق الإعلاميّ في الجيش الوطنيّ التابع إلى الجيش السوريّ الحرّ يحيى مايو لـ"المونيتور": "التشكيلة الجديدة هي عبارة عن إجراء شكليّ لن يحسّن أداء حكومة الإنقاذ ولن يجعلها قريبة من الناس في إدلب ولن تحوز على رضاهم، فلا يسمح بدخول شخصيّات لا تتبنّى وجهة نظر هيئة تحرير الشام، كما أنّ فصائل الجيش السوريّ الحرّ غير ممثّلة فيها، وبالتالي ستكون فاشلة حتماً، وغير قادرة على الاستمرار".
اكّد الناشط الإعلاميّ عبد الفتّاح الحسين، الذي يتنقّل بين ريف حلب وإدلب، لـ"المونيتور" أنّ حكومة الإنقاذ تجني مواردها الماليّة من فرض الضرائب على الناس، ومن خلال المعابر التي تتحكّم بها مثل معبر باب الهوى والمعابر الداخليّة الواصلة بين إدلب ومناطق سيطرة النظام، مثل معبر العيس في ريف حلب الجنوبيّ ومعبر المنصورة في ريف حلب الغربيّ والمعابر الأخرى التي تفصل مناطق إدلب عن منطقة عفرين في ريف حلب الشماليّ، مثل معبر الغزّاويّة.