تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كيف يتدبّر الأهالي في كردستان سوريا معيشتهم

يعاني الأهالي في مدينة قامشلو من الفقر وعدم تمكّنهم من شراء حاجاتهم اليوميّة، بسبب غلاء المعيشة نتيجة انخفاض سعر الليرة السوريّة مقابل الدولار، حيث وصل سعر الصرف إلى أكثر من ألف ليرة سوريّة لقاء دولار واحد فقط، وذلك عدا عن تأثيره على سعر شراء المواد الغذائيّة والبضائع الآتية من دمشق أو إقليم كردستان العراق وشحنها.
GettyImages-1197704542.jpg

يعاني الأهالي في مدينة قامشلو من الفقر وعدم تمكّنهم من شراء حاجاتهم اليوميّة، بسبب غلاء المعيشة نتيجة انخفاض سعر الليرة السوريّة مقابل الدولار، حيث وصل سعر الصرف إلى أكثر من ألف ليرة سوريّة لقاء دولار واحد فقط، وذلك عدا عن تأثيره على سعر شراء المواد الغذائيّة والبضائع الآتية من دمشق أو إقليم كردستان العراق وشحنها، والتي ارتفعت بين 35 و45% عن السعر المتعارف عليه، وفق ما صرّح به أحد كبار تجار الجملة لمواد التجميل، من قامشلو بختيار رسول الذي قال لـ"المونيتور": "انخفضت حركة البيع إلى أكثر من النصف، وانحصرت المشتريات بالمواد الغذائيّة فحسب، ولم تعد المواد الأخرى كمواد التجميل والألبسة والإكسسوارات الرجّاليّة والنسائيّة تشهد إقبالاً مثل السابق". وانخفضت حركة الأعمال والمهن اليدويّة بسبب ارتفاع سعر شراء الإسمنت والحديد المسلّح، وهما المادّتان الرئيسيّتان في عمليّة البناء. لكنّ الأصعب هو ارتفاع سعر المواد الغذائيّة للسبب ذاته، وهو ما يؤثّر على حياة الناس ومعيشتهم وإمكان اقتناء الأنواع المطلوبة للتغذية والطعام. ويقول رسول: "نحن كتجّار في النهاية مواطنون نشتري باقي السلع من أغذية وألبسة، ونتضرّر لرفع سعر المواد التي نبيعها كي نؤمّن حاجاتنا،

والتقى "المونيتور" جميل السيد، وهو صاحب محلّ صرافة في قامشلو، حيث قال للمونيتور: "لم يعد الناس يصرفون العملات الأجنبيّة بكثافة كما قبل، فقط بحسب حاجتهم، الارتفاع والهبوط في قيمة الليرة السوريّة مقابل الدولار ضربا القوّة الشرائيّة في الأسواق، ولم يعد الناس يشترون إلّا الأساسيّات من الحاجات لا غير، وبسبب حاجتهم إلى الطعام والمواد الغذائيّة، فإنّه القطاع الوحيد الذي بقي نشطاً، لكن بأقلّ من نصف ما كان عليه قبل هبوط الليرة السوريّة. أراقب حركة الأسواق من نافذة محلّي، للأسف أحياناً نجد الأسواق فارغة أو في حركة بطيئة جدّاً، التجّار الكبار أصحاب رؤوس الأموال الضخمة، والأرصدة الضخمة من العملة الأجنبيّة لا يتأثّرون بأيّ شيء، وحدهم من يقبضون بالليرة السوريّة هم من تضرّروا كثيراً".

ويقول التاجر خالد أمين لـ"المونيتور" إنّ "هبوط الليرة السوريّة لدرجة انهيارها أمام الدولار أدّى إلى ضعف القوّة الشرائيّة وضعف قدرة المواطن على تلبية متطلّباته، وهذه كارثة إنسانيّة للمنطقة كلّها، فالليرة السوريّة انخفضت قيمتها قرابة 20 مرّة عمّا كانت عليه قبل بداية الحدث السوريّ". وبحسب أمين، فإنّ الجميع متضرّر، البائع والمشتري يعانيان من هذا الوضع، فالمواطن لا يستطيع تدبّر أموره ما لم يحصل على مساعدات من أقربائه اللاجئين في أيّ دولة، ولجأت الحكومة السوريّة في دمشق إلى رفع رواتب الموظّفين بزيادة تقريبيّة هي 20/25 ألف ليرة سوريّة، سعياً منها إلى مواجهة العقوبات الاقتصاديّة المفروضة عليها، لكنّ المتضرّر الوحيد هو المواطن السوريّ. وهو أيضاً ما لجأت إليه الإدارة الذاتيّة برفع رواتب الموظّفين لديها بنسبة قريبة ممّا فعلته الحكومة السوريّة".

وتعتبر الشريحة الأكثر تضرّراً وتعرّضاً للظلم الماديّ في ظلّ الحرب السوريّة شريحة الموظّفين والعمّال الذين بقيت رواتبهم بالليرة السوريّة، ويبلغ متوسّط رواتب موظّفي الإدارة الذاتيّة قرابة الـ80 ألف ليرة سوريّة، ما يعادل قرابة الـ65 دولاراً، بينما رواتب الموظّفين لدى الدولة السوريّة لا تتجاوز الـ60 ألف ليرة سوريّة أي قرابة الـ45 دولاراً.

ويرجع الأكاديميّ الاقتصاديّ حسن طاهر للمونيتور أسباب الانخفاض المخيف للّيرة السوريّة إلى أسباب عدّة، لكنّ السبب الرئيسيّ "يعود إلى دخول سوريا في الأزمة منذ عام 2011 وجملة النتائج المترتّبة عليها، مثل انخفاض قوّة الإنتاج وجملة الإنتاج والناتج المحلّيّ ودخل الفرد القوميّ، إضافة إلى توقّف التصدير، وقلّة الاستيراد، والحصار الإقليميّ والدوليّ على الاقتصاد السوريّ، وعدم تمكّن الدولة من تحصيل الضرائب والرسوم التي كانت تدرّ إلى خزينة الدولة، بسبب خروج بعض المناطق عن سيطرة الدولة عسكريّاً وإداريّاً، وتوقّف السياحة بسبب الوضع الأمنيّ الصعب، والكلفة الباهظة للحرب في سوريا، فكلّ ما كان يساهم في رفع واردات خزينة الدولة توقّف أو انخفض، ممّا أثّر مباشرة على احتياط النقد الأجنبيّ ومخزون الذهب لدى البنك المركزيّ السوريّ، حيث أنّ البنك كان يقوم بدور الضابط والمتحكّم برصد حركة الدولار في الأسواق وضخّ الكميّات اللازمة للدولار في الأسواق أو شرائها، بحيث يكون هناك توازن بين العرض والطلب على الدولار، لكنّ دور البنك انعدم وتحوّل العملة السوريّة والدولار إلى بورصة في الأسواق، حيث يزداد الطلب على الدولار فتنخفض قيمة الليرة السوريّة". ويضيف طاهر: "انخفاض الليرة يؤدّي إلى زيادة الأسعار ويؤثّر على المستهلك، وتنخفض القيمة الشرائيّة للمستهلك، ممّا يولّد الفقر والعوز والحاجة، مقارنة بمدخولاته بالليرة السوريّة والأسعار العالية للمواد المحتاج إليها، الحلّ يتعلّق بالاستقرار الأمنيّ والسياسيّ، ومن دونه لا تنمية اقتصاديّة".

من جهتها، تقول سميرة أم جوان من مدينة الحسكة حول الوضع الاقتصاديّ الحاليّ في المنطقة للمونيتور "العقوبات الاقتصاديّة الدوليّة على سوريا، نحن شريحة الفقراء من الشعب من ندفع ثمنها. لا أستطيع تزويج ولدي الوحيد، فسعر غرام الذهب وصل إلى قرابة الـ50 ألف ليرة سوريّة، أيّ قرابة/40-50$/، عدا عن الكلفة الباهظة للأعراس، ونحتار يوميّاً كيف نتدبّر أمورنا الحياتيّة. ابنتي طالبة هندسة زراعيّة في جامعة الفرات-فرع الحسكة، وهي تحتاج شهريّاً إلى قرابة الـ40 ألف ليرة سوريّة/30-40$/ كمصروف شخصيّ ومواصلات، عدا عن مصاريفها الأخرى من كرّاسات ومحاضرات، وما شابه، وراتب زوجي هو 80 ألف ليرة سوريّة لا غير، /70-80$/ لولا أخ زوجي الذي يعيش ويعمل في كُردستان العراق الذي يرسل لنا شهريّاً مئة دولار، لا أعرف كيف كنّا سنعيش، ربّما حان وقت الهروب والهجرة النهائيّة".

في النقطة الحدوديّة بين طرفي كردستان العراق وسوريا، في معبر سيمالكا، التقى "المونيتور" الشابّ الذي طلب تسميته بـ"فقير حال"، من مدينة ديرك وهو استعدّ للهجرة النهائيّة إلى كردستان العراق، ومنها إلى أوروبّا، ويقول: "لديّ إقامة في هولير، سأهاجر نهائيّاً من هذا البلد، لم تعد العيشة تطاق أو تحتمل، الفقر عنواننا الدائم، لم يهتمّ أحد بنا، الوطن الذي لا أستطيع أن أعيل أهلي ونفسي فيه، سيبقى غريباً عنّي، الهجرة أفضل الحلول في هذه الظروف. كنت أعمل في إحدى الشركات الخاصّة في ديرك، وتقدمت باستقالتي، راتبي مئة ألف ليرة سوريّة /90-100$/، ونحن 4 أشخاص في المنزل، في بضعة أيّام، ينتهي الراتب، وفي الوقت الباقي من الشهر، ننتظر الفرج من المساعدات والخيّرين ، لن أندم على الهجرة أبداً".

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in