ريف حلب الشماليّ، سوريا - قتل 16شخصاً على الأقلّ وجرح 20 آخرون في انفجار سيّارة مفخّخة في 2 تشرين الثاني/نوفمبر استهدف وسط مدينة تلّ أبيض التابعة إلى محافظة الرقّة في شمال شرق سوريا. وكانت تلّ أبيض محوراً رئيسيّاً في العمليّة العسكريّة نبع السلام التي أطلقتها تركيا والجيش الوطنيّ السوريّ ضدّ وحدات حماية الشعب الكرديّة YPG في 9 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي.
وفي 13 تشرين الأوّل/أكتوبر، أعلن الجيش الوطنيّ التابع إلى الجيش السوريّ الحرّ السيطرة على تلّ أبيض، وفي نهاية شهر تشرين الأوّل/أكتوبر، تمّ الإعلان عن تأسيس مجلس محلّيّ لإدارة المدينة، وذلك في 27 تشرين الأوّل/أكتوبر بالتحديد.
التقى "المونيتور" المنسّق الإعلاميّ في الجيش الوطنيّ التابع إلى الجيش السوريّ الحرّ يحيى مايو، حيث قال: "السيّارة المفخّخة انفجرت في السوق وسط مدينة تلّ أبيض، والضحايا هم من المدنيّين، وهم باعة جوّالون ومتسوّقون وأصحاب محلّات تجاريّة ودكاكين، وهم من الفقراء، والسبب في ارتفاع حصيلة الضحايا هو أنّ المدينة شهدت منذ 13 تشرين الأوّل/أكتوبر عودة أبنائها الذين نزحوا عنها مع بدء العمليّة العسكريّة نبع السلام، الجهة التي نفّذت التفجير لا تريد للجيش الوطنيّ التابع إلى الجيش السوريّ الحرّ أن ينجح في إدارة تلّ أبيض، ولذلك تقوم بتفجيرات إرهابيّة لتخويف المدنيّين وإرهابهم، والجهة التي تقف وراء التفجير هي في الغالب وحدات حماية الشعب YPG".
ولم تعلن أي جهة عن الوقوف خلف تفجير السيارة المفخخة حتى الآن.
ويرى رئيس المجلس المحلّيّ في مدينة تلّ أبيض وائل الحمدو أنّ العامل الأمنيّ مهمّ للغاية لتحقيق الاستقرار في منطقة تلّ أبيض التي سيطر عليها الجيش الوطنيّ التابع إلى الجيش السوريّ الحرّ، وتابع وائل حديثه إلى "المونيتور": "حصيلة الشهداء والجرحى الذين سقطوا في التفجير وسط تلّ أبيض صادمة، وسيتمّ التعاون مع الجيش الوطنيّ لتأمين تلّ أبيض من خلال الحواجز ونقاط التفتيش، أرواح الناس أمانة في أعناقنا".
ومع بدء عمليّة نبع السلام في 9 تشرين الأوّل/أكتوبر، نزح الآلاف من المدنيّين من مدينتي تلّ أبيض ورأس العين، وبعد السيطرة على تلّ أبيض من قبل الجيشين الوطنيّ التابع إلى الجيش السوريّ الحرّ، والتركيّ، في 13 تشرين الأوّل/أكتوبر، بدأ النازحون بالعودة إلى ديارهم بعدما أصبحت المعارك مع وحدات حماية الشعب YPG في الريف البعيد عن المدينة، وبدأت الحياة تعود إلى المدينة في شكل تدريجيّ، وحصل النازحون العائدون إلى ديارهم في تلّ أبيض على مساعدات إغاثيّة والطبية قدّمتها منظّمات تركيّة، ومن بينها الهلال الأحمر التركيّ، وهيئة الإغاثة الإنسانيّة وحقوق الإنسان والحرّيّات التركيّة IHH.
قال الناشط الإعلاميّ حسين ناصر، وهو من ريف حلب الشماليّ ومتواجد الآن في تلّ أبيض لـ"المونيتور" : "لقد عادت الأسواق إلى العمل في تلّ أبيض بعد توقّفها لفترة أثناء العمليّات العسكريّة، وتبدو التجارة في أسواق المدينة جيّدة، ويقبل سكّان المدينة على شراء الخبز من أفران الخبز في المدينة والتي أعيد افتتاحها، ويبدو على الناس في تلّ أبيض التفاؤل الحذر بعد توقّف المعارك في المدينة ومحيطها القريب، والعودة التدريجيّة إلى الخدمات الأساسيّة، وينتظرون من المجلس المحلّيّ للمدينة الذي تمّ تأسيسه حديثاً أن يقوم بواجبه بتقديم الخدمات العامّة المتنوّعة، لكنّ الهاجس الأمنيّ لديهم هو الأهمّ، ويأملون أن يتحمّل الجيش الوطنيّ التابع إلى الجيش السوريّ الحرّ مسؤوليّاته الأمنيّة لمنع وقوع تفجيرات".
وقد سيطرت وحدات حماية الشعب YPG على مدينة تل أبيض بعد انسحاب تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" من المدينة الواقعة في ريف محافظة الرقة الشمالي في حزيران/يونيو 2015، وتعتبر التركيبة السكانية في تل أبيض تركيبة فريدة، ويشكل السكان العرب الغالبية في تل أبيض، وفيها بنسب أقل مكونات عرقية سورية أخرى، أكراد وتركمان وأرمن.
التقى "المونيتور" الناطق الرسميّ باسم الجيش الوطنيّ التابع إلى الجيش السوريّ الحرّ الرائد يوسف حمّود الذي قال: "لقد أمّن الجيش الوطنيّ عودة النازحين في شكل آمن إلى منازلهم في تلّ أبيض، حيث قام الجيش الوطني باستقبال النازحين العائدين، وتم نقلهم إلى منازلهم، وغيرها من المساعدات التي تم تقديمها لهم وأسواق المدينة افتتحت بعد أيّام قليلة من سيطرة الجيش الوطنيّ، وتم تشغيل الأفران، وعاد ضخّ مياه الشرب إلى المدينة، الأمور تتّجه نحو الاستقرار في المدينة، ونشهد تحسّناً على المستويات كافّة الاجتماعيّة والخدميّة والإغاثيّة والموضوع الأمنيّ. هناك جهود كبيرة من قبلنا لمنع أيّ اعتداء إرهابيّ كما حصل أخيراً من تفجير سيّارة مفخّخة وسط المدينة من قبل عملاء يتبعون إلى وحدات حماية الشعب YPG كذلك هناك خطر الألغام والمتفجّرات التي زرعتها وحدات حماية الشعب YPG في المواقع التي انسحبت منها ومن مقرّاتها ومن أطراف البلدات التي كانت تسيطر عليها، وهذه المتفجّرات تشكّل خطراً على المدنيّين الآمنين ويجب إزالتها، وتعمل فرق الهندسة على ذلك منذ منتصف شهر تشرين الأوّل/أكتوبر".
وأضاف حمّود: " لقد أثمرت الجهود التي بذلت من قبل الجيش الوطنيّ ولادة مجلس محلّيّ ليدير المدينة ويعتني بالخدمات، فمنذ السيطرة على تلّ أبيض في 13 تشرين الأوّل/أكتوبر، قام القادة في الجيش الوطنيّ بالتقاء وجهاء محلّيّين في المدينة وأجروا لقاءات عدّة، تمهيداً لاختيار من يمثّلهم في المجلس، ونجحنا بالفعل، ونرى أنّ تأسيس إدارات محلّيّة من أبناء هذه البلدات يسرّع عودة النازحين إلى ديارهم ويسهم في عودة الحياة إليها وفي العودة التدريجيّة للمرافق العامّة المختلفة".
وأضاف حمّود: "اللقاءات التي يجريها قادة الجيش الوطنيّ مع وجهاء العشائر وشيوخها في بلدات منطقة تلّ أبيض تهدف إلى إحياء المنطقة وحلّ مشاكلها وتسهيل أمور من يريد العودة من العائلات النازحة وتقديم المساعدة إليها".
قال محمّد جرّاح، وهو من أبناء مدينة تلّ أبيض، لـ"المونيتور": "على الرغم من خروج وحدات حماية الشعب YPG من المدينة، إلّا أنّ القلق والخوف لا يزالان مخيّمين، الناس هنا يخشون استمرار التفجيرات والعمليّات الانتحاريّة ردّاً على سيطرة الجيش الوطنيّ على المدينة، لديّ أقرباء نزحوا إلى الرقّة وهم يخشون العودة خوفاً من الوضع الأمنيّ المتردّي".
أمّا عبدالله ابراهيم، وهو أحد النازحين العائدين إلى المدينة بعد رحلة نزوح استمرّت أسبوعين، فيقول لـ"المونيتور": "كانت رحلة النزوح قاسية، على الرغم من أنّها لم تكن لفترة طويلة، أتمنّى أن تعود الخدمات الأساسية إلى المدينة في أسرع وقت ممكن، وأن تفتح المدارس أبوابها لأطفالنا، نريد أوضاعاَ أمنيّة جيّدة لكي نستأنف حياتنا في شكل طبيعيّ".