الحسكة - خسر سيبان أحمد (33عاماً) أرضه المزروعة بالقطن ومنزله، بعدما استولت فصائل المعارضة السوريّة المسلّحة على حقوله المزروعة بالقطن والتي كان يقوت بها أهله في مدينة سري كانيه أي رأس العين، الواقعة في شمال غرب مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا، بعد عمليّة نبع السلام التي أطلقتها أنقرة، بمؤازرة فصائل سوريّة مسلّحة موالية لها في 9 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي ضدّ قوّات سوريا الديمقراطيّة.
فالضربات الجوّيّة العنيفة التي نفّذتها المقاتلات التركيّة ضدّ سري كانيه تسبّبت في فرار المدنيّين وترك المزارعين محاصيلهم من القطن قبل جنيها، وأرغمت أحمد كغيره من الفلّاحين على الهرب قبل إتمام جني موسمه. ويقول أحمد الذي التقاه "المونيتور" يوم الأربعاء في 18 كانون الأوّل/ديسمبر في مخيّم واشو كاني في ريف مدينة الحسكة: "العمليّة العسكريّة التركيّة جاءت في توقيت بدء جني المرحلة الأولى من محصول القطن".
وأضاف: "فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا نهبت بيوت المدنيّين في سري كانيه، وصوامع القمح، واستولت على منازلنا التي سكنها عوائلهم ونازحون من حلب وإدلب والغوطة وحمص وأخذت حقول القطن فيها، وخسرنا نحن المزارعون مواسمنا وأملاكنا وبيوتنا ونزحنا إلى مخيّمات تفتقر إلى أبسط مقوّمات الحياة".
وفي 19/ كانون الأوّل/ديسمبر كشفت مصادر محلية لمراسل وكالة سانا الناطقة باسم حكومة دمشق في مدينة الحسكة إدخال الدولة التركيّة أكثر من300 ممّن أسمتهم "سانا" بـ"الإرهابيّين" وعائلاتهم إلى مدينة رأس العين عبر حافلات، لإحلالهم في منازل سكّانها الأصليّين، بعد تهجيرهم والاستيلاء على ممتلكاتهم، لإحداث ما وصفته الوكالة بـ"التغيير الديموغرافيّ" في المنطقة.
وكشفت وكالة "نورث برس" المهتمّة بالشأن السوريّ في تقرير نشرته يوم الثلاثاء في 17 كانون الأوّل/ديسمبر عن نهب الجيش التركيّ وفصائل المعارضة السوريّة المسلّحة الموالية لأنقرة صوامع الحبوب في قرية الشركراك بريف مدينة" تل أبيض" ونقلتها عبر شاحنات، ولم تحدّد الوكالة وجهتها.
ويقلق المزارعون البعيدة أراضيهم مسافة كيلومترات قليلة عن الطريق الدوليّ من خسارة أراضيهم الزراعيّة التي توفّر مصدر رزقهم.
محي الدين فيصل، هو أحد المزارعين الواقعة أراضيهم على جانبي الطريق الدوليّ M4 الاستراتيجيّ لمدينة تل تمر الذي التقاه "المونيتور" في 18 كانون الأوّل/ديسمبر، وهو يحرث أرضه لزراعتها بالقمح والشعير ، وتحدّث عن مخاوفه من اقتراب المعارك الدائرة بين الجيش التركيّ وفصائل المعارضة السوريّة من جهة وقوّات سوريا الديمقراطيّة والجيش الحكوميّ من جهة أخرى، وإجباره على النزوح بعد استمرار قصف الطائرات التركية المسيرة لريف مخيم عين عيسى و قرية أم حرملة في ريف زركان / أبو راسين وقريتي كفيفة وقزعلي التابعة لريف "تل ابيض".
وأحصى رئيس هيئة الاقتصاد في الإدارة الذاتية الديمقراطية "سلمان باردو" الذي التقاه "المونيتور" في 19 كانون الأوّل/ديسمبر الخسائر الاقتصاديّة للإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة من جرّاء العمليّة العسكريّة التركيّة، وقال: "دمّرت المنشآت الطبّيّة والمدارس والأسواق والمعامل ومحالج القطن والأفران، جرّاء الغزو التركيّ مع مسلّحي المعارضة لمدينتي تلّ أبيض ورأس العين، واستولى الجيش التركيّ والفصائل السوريّة على ملايين الدونمات من الأراضي الزراعيّة والتي قدّرت بنحو 6 ملايين دونم، و5 آلاف طنّ من الأسمدة وحوالى 131 معملاً و7 محالج للقطن وصوامع الحبوب التي نهبتها في تلك المناطق.
ونقل المرصد السوريّ لحقوق الإنسان، وهو مجموعة رصد مهتمّة بالشأن السوريّ مقرّها المملكة المتّحدة، مواصلة مسلّحي المعارضة السوريّة نقل كمّيّات جديدة من الحبوب من صوامع الشركراك في الريف الشماليّ لمدينة الرقّة إلى تركيا صباح يوم الخميس في 19 كانون الأوّل/ديسمبر، تحت أنظار القوّات الروسيّة المتمركزة في محيط المنطقة، مؤكّداً أنّ قياديّاً يدعى ث.ح في فصيل أحرار الشرقيّة، وهو شقيق رئيس مجلس تلّ أبيض المحلّيّ وأشخاصاً آخرين لم يسمّيهم اشتروا محاصيل القمح والشعير المسروق من صوامع تلّ أبيض وسلوك من قادة فصيل الجبهة الشاميّة وجيش الإسلام وأحرار الشرقيّة، ونقلها إلى مستودعات كانت معدّة مسبقاً عند محطّة وقود "بلو" في تلّ أبيض.
من جانبه، أكّد باردو أنّ الفصائل السوريّة استولت على ما يقارب الـ3 آلاف طنّ من القطن، وهاجمت حقول القمح وسرقت محاصيلها، كما قصفت المقاتلات التركيّة مستودعات القمح في بلدة عين عيسى في شمال الرقّة خلال عمليّتها العسكريّة، وأضاف: "تركيا تمنع المزارعين من زراعة أراضيهم المحاذية للحدود التركيّة في درباسيّة وعين ديوار وكوباني على طول الحدود السوريّة-التركيّة، كما قطعت المجموعات السوريّة المسلّحة الطرق التجاريّة، ممّا تسبّب في خسائر كبيرة في القطاع الزراعيّ".
أوقف فقدان الأمن على الطريق بين كوباني والرقّة والحسكة عمليّات توريد محاصيل القطن وسوقه إلى المحالج التي خرجت عن الخدمة، كما بيّن المدير العامّ للأقطان في شمال شرق سوريا التابعة للإدارة الذاتية "أحمد يونس"، خلال اتّصال هاتفيّ أجراه معه "المونيتور" في 20 كانون الأوّل/ديسمبر، وأضاف: "جاء تنفيذ العمليّة التركيّة مع بدء جني محاصيل القطن الذي يكون عادة في مطلع تشرين الأوّل/أكتوبر من كلّ عام، فتوقّفت 5 محالج عن الخدمة بعد اشتداد المعارك في ريف سري كانية وتل ابيض وعين عيسى وتل تمر، وخرج محلج القطن في رأس العين عن العمل، وعاد فقط محلجا دير الزور والحسكة إلى العمل، والمحلجان يواجهان ضغطاً كبيراً من حيث العمل بعد خروج بقيّة المحالج عن العمل".
ويضطرّ المزارعون إلى الانتظار لأيّام حتّى يتمكّنوا من توريد محصولهم قبل كساده، وكان عبد الرحمن موسى أحد المزارعين الذين التقاهم "المونيتور" في محلج الحسكة في 19 كانون الأوّل/ديسمبر والذي ينتظر منذ أكثر من 5 أيّام حتّى يورد محصوله خوفاً من احتراقه أو كساده، ويقول: "موجة الحرائق المجهولة التي التهمت حقول القمح في أواخر نيسان/أبريل الماضي كبّدتنا أنا وشقيقي خسائر فادحة وكنّا نتأمّل أن نعوّض خسارتنا في محصول القطن".