أنهى اتفاق بين نقابة المعلمين الأردنيين والحكومة إضرابًا دام أربعة أسابيع في 5 أكتوبر ، بعد أن وافقت الحكومة على رفع رواتب المعلمين الأساسية بين 35٪ و 60٪ ، نسبة لدراجتهم المهنية، اعتبارًا من العام المقبل.
على وقع إضراب المعلّمين الأردنيّين، الذي بدأ في 8 أيلول/سبتمبر، تتّجه عيون حراكيّين أردنيّين إلى مصر، التي تشهد دعوات إلى مظاهرات حاشدة كلّ جمعة دعا إليها الفنّان والمقاول محمّد علي للمطالبة برحيل الرئيس المصريّ عبد الفتّاح السيسي. يشعر الحراكيّون الأردنيّون بأنّ ما يحدث في مصر من تحرّك شعبيّ قد يحفّر ويحيي آمالهم للمطالبة بالإصلاح السياسيّ والاقتصاديّ، على قاعدة انتقال عدوى الحريّات، على غرار المسيرات التي جابت المملكة في عام 2011 إبان الربيع العربيّ، الذي انطلقت شرارته من تونس.
ورأى الناشط في الحراك الأردنيّ هشام الحيصة أنّ "التحرّك الحاصل في مصر مؤشّر للأنظمة والشعوب على أنّ موجة الربيع العربيّ لم تنته، وأنّ الشعوب العربيّة ما زالت تتعطّش لحريّة وديموقراطيّة حقيقيّة والعيش بكرامة، ومناهضة الفساد والاستبداد"، وقال في حديث لـ"المونيتور": "إنّ ما يحدث في مصر، رغم أنّه غير واضح المعالم حتّى الآن، لكنّه يحيي آمال الشعوب بالتغيير وكسر جدار الصمت، إذ تسعى مجموعة من الحراكيّين الأردنيّين إلى إعادة تنظيم أنفسها، ونتج من ذلك تأسيس المكتب التنفيذيّ للحراك الأردنيّ. كما ينشط الحراكيّون في مناصرة القضايا العادلة، منها قضيّة معلّمي الأردن المضربين".
ويتابع الأردنيّون، بشكل محموم، ما يجري في مصر والدعوات إلى رحيل عبد الفتّاح السيسي، من خلال التفاعل عبر شبكات التواصل، على اعتبار أنّ ما يجري في مصر قد يتطوّر إلى تغيير تنتقل عدواه إلى دول أخرى، إلاّ أنّ وجهة النظر الرسميّة تعتبر أنّ ما يجري في مصر هو "شأن داخليّ مصريّ، مع الأمنيات بحفظ استقرار مصر"، كما قال مصدر رسميّ لـ"المونيتور".
أمّا المعارض الأردنيّ واللاّجئ السياسيّ الأردنيّ الأوّل علاء الفزّاع، المقيم في السويد، والذي ينشط من خلال البثّ المباشر عبر "فيسبوك" على دعوة الأردنيّين إلى الاعتصام كلّ جمعة للمطالبة بإصلاحات، فتحدّث لـ"المونيتور"، فتحدث لـ"المونيتور" قبل الإتفاق الذي أنهى الإضراب:، فتحدث لـ"المونيتور" قبل الإتفاق الذي أنهى الإضراب: قبل الإتفاق الذي أنها الإضراب، وقال: "إنّ الفكرة ليست محاكاة لنموذج محمّد علي، ولا محاولة استنساخ تجربة مستوردة، الفكرة وليدة من داخل الأردن، ولمن يخشى أن تؤثّر الدعوة إلى الاعتصامات على المعلّمين أقول له لا تخش عليهم لأنّهم منظّمون ويعرفون كيف يتحرّكون، هذا التحرّك الشعبيّ سيجعل الحكومة في موقف أضعف ويجبرها على استرضاء المعلّمين لتجزئة المشاكل".
وحاول حراكيّون في الفترة الأخيرة إعادة تنظيم صفوفهم من خلال إطلاق ما يسمّى بـ"المكتب التنفيذيّ للحراك الأردنيّ" المكوّن من 22 حراكيّاً يمثّلون 800 حراكيّ من حراكات مختلفة في المملكة، وأطلق الحراكيّون في أيلول/سبتمبر الماضي ميثاقاً أخلاقيّاً ووثيقة سياسيّة حصل "المونيتور" على نسخة منها.
ويهدف ميثاق الحراك إلى "تغيير النهج السياسيّ وتكريس حقّ الشعب في استعادة سلطاته ومقدّراته وتفعيل مشاركته في صناعة القرار، من خلال ترسيخ المبادئ الدستوريّة: الشعب مصدر للسلطات، والفصل بين السلطات الثلاث".
وقال الناطق الإعلاميّ باسم "المكتب التنفيذيّ للحراك الأردنيّ" جمال جيت لـ"المونيتور": "إنّ توحيد الحراك الأردنيّ في جسم واحد، جاء بعد حملة الاعتقالات التي طالت عدداً من الناشطين أخيراً".
ورأى أنّ الأجواء السائدة في الأردن من إضراب واعتصامات المعلّمين، إلى جانب المظاهرات في مصر، تحفّز العمل الحراكيّ في الأردن، إذ يدعم الحراك مطالب المعلّمين المهنيّة، بعيداً عن تسييسها، وقال: "هناك تواصل مع المعلّمين من باب الدعم، ويجب على الحكومة قراءة تضامن الأهالي مع إضراب المعلّمين والدعوات للنزول إلى الشارع يوم الجمعة التي تطلق على شبكات التواصل. كما أضافت الأحداث في مصر بعداً آخر هو تأثير فيديوهات البثّ المباشر على المشهد الأردنيّ، كما هي حال الفيديوهات التي أطلقها المقاول محمّد علي، ولا ننسى تاريخيّاً اعتصام 24 آذار/مارس الذي كان في عام 2011 انعكاساً للحالة المصريّة في حينها".
أمّا الكاتب والمحلّل السياسيّ بسّام بدارين فقلّل من انعكاس ما يجري في مصر على الساحة الأردنيّة، إذ قال لـ"المونيتور": "أنّ تأثير ما يجري في مصر على المشهدين الأردنيّ والعربيّ سيكون محدوداً جدّاً، والمبالغة في الحديث عن هذا التأثير ينطلي على وهم، ولكن ما يجري في مصر يمكن أن يقلق الأنظمة العربيّة، ولكن أعتقد أنّ ظروف الشارع العربيّ ليست مهيّأة لربيع عربيّ جديد أو عدوى حراك وثورات شعبيّة".
وعن واقع الحراك الأردنيّ، قال بسّام بدارين: "إنّه حراك غير موحّد، ولا يمكن توحيده، كونه مليئاً بالأجندات والتناقضات، فهناك حراك عشائريّ، مناطقيّ، وجهويّ، فلم نشهد حتّى هذه اللحظة حراكاً وطنيّاً سياسيّاً عابراً للهويّات. أمّا الجزء المطلبيّ والمعيشيّ وما نشهده من إضراب للمعلّمين من المستحيل أن يتطوّر إلى حراك وطنيّ سياسيّ، فهذه المسألة لها علاقة بالوضع المعيشيّ".
كذلك، ما انفكّ المعلّمون الأردنيّون، الذين اضربوا لمطالب عمالية، التأكيد أنّ مطالبهم مهنيّة بعيدة عن أيّ أجندات سياسيّة أو فصائل حزبيّة. وفي هذا الإطار، قال الناطق الإعلاميّ باسم نقابة المعلّمين نور الدين نديم لـ"المونيتور": "إنّ مطالب المعلّمين مهنيّة، وهي المطالبة بعلاوة 50 في المئة، ولن يكون هناك تسييس، ولا نسمح بذلك".
من جهته، وصف الكاتب والمحلّل السياسيّ الدكتور عامر سبايلة أجواء الاحتجاجات في الأردن من قبل المعلّمين بتلك المناخات المتشكّلة قبيل هبّة نيسان/إبريل من عام ١٩٨٩، والتي جاءت على خلفيّة تراكمات كبرى لسوء الإدارة السياسيّة والخيارات الخاطئة، وقال في مقال بصحيفة "رأي اليوم" بـ1 تشرين الأوّل/أكتوبر: "بدأ حراك المعلّمين منحسراً بمطلب طبيعيّ يتمثّل بزيادة موعودة على الراتب الأساسيّ، إلاّ أنّه سرعان ما أخذ بالتحوّل من حراك مطلبيّ إلى مشهد وطنيّ تتّسع دائرة مناصريه ومؤيّديه بشكل فريد في ظاهرة جديدة على الداخل الأردنيّ".
واستطاع المعلمون الالتفاف على قرار المحكمة الإدارية العليا 2 أكتوبر\تشرين أول، الذي دعا المعلمين لوقف الإضراب فورا، وأعلنت النقابة يوم الخميس 3 أكتوبر وقف الإضراب، واعلان إضراب جديد بنفس المطالب يوم الأحد 6 أكتوبر\تشرين أول.
ورغم أنّ لا تبلور لحالة حراك أردنيّ متماسك على الأرض على غرار ما شهدته المملكة في عام 2011 والمظاهرات التي أطاحت بالحكومة السابقة في عام 2018، تبقى الظروف الاقتصاديّة وحالة الإحباط الجماعيّ لدى الأردنيّين مقلقتين، ويمكن رصد تململ الأردنيّين من الحالة الاقتصاديّة على شبكات التواصل الاجتماعيّ نتيجة حقبة طويلة من معاناتهم المعيشيّة والاقتصاديّة.