تونس — انتقدت كتلة الحزب الدستوريّ الحرّ، في بلاغ بـ6 كانون الثاني/يناير من عام 2020، ما اعتبرته صمت رئاسة الجمهوريّة وضبابيّة الموقف التونسيّ إزاء تطوّر الأوضاع في ليبيا، مستنكرة الزيارة غير المعلنة التي قام بها الرئيس التركيّ رجب طيّب أردوغان في 25 كانون الأوّل/ديسمبر من عام 2019 لتونس، وذلك بعد أن أعلن أردوغان في مؤتمر صحفي يوم 26 ديسمبر 2019 أنّه اتفق مع الرئيس التونسي قيس سعيد على دعم حكومة الوفاق الوطني الشرعية في ليبيا، وأن تركيا سترسل قوات عسكرية إلى ليبيا إذا وافق البرلمان التركي على ذلك.
وأكّدت الكتلة، في البلاغ نفسه، أنّها تقدّمت بطلب إلى مكتب مجلس نوّاب الشعب لعقد جلسة عامّة استثنائيّة ودعوة وزيريّ الشؤون الخارجيّة والدفاع الوطنيّ للاستماع إليهما ومعرفة خفايا ما يحصل وإطلاع الشعب التونسيّ على الموقف الرسميّ التونسيّ والتدابير المتّخذة لحماية تراب الوطن، معتبرة أنّ انطلاق التحرّك التركيّ تجاه ليبيا من شأنه أن يمس بالأمن القوميّ التونسيّ.
وحذّر النائب المستقلّ في البرلمان التونسيّ صافي سعيد لدى حضوره في برنامج "ميدي شو"، الذي يبث على إذاعة "موزاييك أف أم" الخاصّة، بـ7 كانون الثاني/يناير من عام 2020، الديبلوماسيّة التونسيّة من عاقبة الصمت الذي تتّبعه، معتبراً أنّ الأمن القوميّ التونسيّ يبدأ من "طبرق الليبيّة إلى طبرقة التونسيّة"، وأنّ الحرب في ليبيا من الممكن أن تمتدّ إلى تونس.
وشدّد صافي سعيد، في التصريح نفسه، على أنّ تونس يجب أن تسعى إلى فرض وإثبات نفسها في الفترة المقبلة، لأنّ الملف الليبيّ له علاقة مباشرة بكلّ دول المغرب العربيّ، مشيراً إلى أنّ الأطراف المتناحرة في ليبيا لا تريد سوى مصالحها.
وأشار مدير مركز الدراسات الاستراتيجيّة حول المغرب العربيّ عدنان منصر في تصريح لـ"المونيتور" إلى أنّ هناك "إغماء ديبلوماسيّاً تونسيّاً" في الملف الليبيّ، منتقداً تواصل إغلاق السفارة التونسيّة بليبيا منذ 19 تموز / يوليو 2015، على خلفية إخلال الجانب الليبي بتعهداته بتأمين المقر وسلامة البعثة التونسية هناك، وما سبّبه ذلك من أزمة بالنّسبة إلى البلدين.
ودعا عدنان منصر، في التصريح نفسه، تونس إلى ضرورة انتهاز فرصة تحرّك البلدان المجاورة لليبيا مثل الجزائر، للبحث في الأزمة التي تسبّب بها التدخّل التركيّ فيها، وتصعيد قوّات خليفة حفتر ضدّ حكومة الوفاق الشرعيّة للعودة إلى الواجهة ولعب دور فعّال في بحث حلول سلميّة، وتغليب لغة الحوار في هذا البلد الذي نتقاسم معه مصالح وحدوداً مشتركة.
من جهته، اعتبر القياديّ في حزب "حراك تونس الإرادة" عماد الدايمي بتدوينة نشرها في صفحته الرسميّة على "فيسبوك" بـ6 كانون الثاني/يناير من عام 2020، أنّ الوضع خطير جدّاً في المنطقة، وينذر بحرب إقليميّة على التراب الليبيّ، وهو ما يتطلّب زيارة فوريّة يؤدّيها رئيس تونس قيس سعيّد للجزائر لتنسيق المواقف والاستعدادات لمختلف السيناريوهات.
واستنكر الإعلاميّ التونسيّ علاء زعتور، في تدوينة نشرها على "فيسبوك" بـ6 كانون الثاني/يناير من عام 2020، صمت الرئاسة التونسيّة عن كلّ ما يحدث في الملف الليبيّ، في الوقت الذي يتطلّب زيارة عاجلة للجزائر لتنسيق المواقف.
في هذا السياق، رأى الموظّف السامي السابق بوزارة الخارجيّة عبد الله العبيدي، خلال تصريح لـ"المونيتور"، أنّ الموقف الذي اتّخذته تونس بالحياد في القضيّة الليبيّة هو محاولة لمراعاة مصالحها واتفاقاتها مع مختلف الأطراف الدوليّة لضمان استقرارها، لافتاً إلى أنّ تونس، ليست لديها تحالفات دوليّة وازنة ولا قوّة كافية لمجابهة خصوم دوليّين لها كالتحالف الإماراتي-المصري، وإنّ موقفها نابع من موقعها الجيوستراتيجيّ، الذي يعتبر محطّ أنظار القوى الدوليّة الكبرى.
وكان الاتحاد العام التونسيّ للشغل أصدر بياناً، في 26 كانون الأوّل/ديسمبر من عام 2019، دعا فيه السلطات كافّة إلى رفع حالة اليقظة والحذر والحيلولة دون تحويل تونس ممرّاً للأسلحة ومعبراً للدّواعش نحو ليبيا أو ملاذاً لهم. وشدّد على أنّ السياسة الخارجيّة التونسيّة يجب أن تحتلّ فيها مصلحة البلاد المحلّ الأرفع مع احترام حقّ الأخوّة والجيرة مع الدول القريبة منها جغرافياً ورفض التورّط في الأحلاف الدوليّة المشبوهة، معتبراً دول الجوار أولى بالوساطة لوقف هذه الحرب القذرة، داعياً إلى التنسيق معها للمساعدة على إيجاد حلّ ليبيّ لإنهاء الاقتتال.
وأكّدت الرئاسة التونسيّة في بيان نشرته على موقعها الرسميّ "فيسبوك"، الإثنين في 6 كانون الثاني/يناير من عام 2020، أنّ المستشارة الألمانيّة أنجيلا ميركل اتصلت بقيس سعيّد، وتحدّثا عن مستجدّات الأوضاع على الساحتين الإقليميّة والدوليّة، وخصوصاً الوضع في ليبيا ومسار مؤتمر برلين، الذي سينعقد حول الأوضاع في ليبيا، ولم يتمّ تحديد موعده بعد وأنّها استدعته لأداء زيارة رسميّة لألمانيا.
ولم يرد في بيان رئاسة تونس، وجود دعوة رسميّة إلى سعيّد لحضور المؤتمر، وهو ما فسّره الديبلوماسيّ التونسيّ ووزير الخارجيّة السابق أحمد ونّيس في تصريح لـ"المونيتور"، بالحياد الذي اتّبعته البلاد منذ بداية الأزمة الليبيّة عقب الثورة.
واعتبر أحمد ونّيس، في التصريح نفسه، أنّ عدم استدعاء تونس لمؤتمر برلين يسيء لها ولسياستها الخارجيّة، باعتبار تونس الجارة الأولى لليبيا، فضلاً عن علاقات التعاون والأخوّة التي تجمع شعب البلدين.
وعزا النائب السابق في البرلمان التونسيّ بشير النفزي في تدوينة نشرها على "فيسبوك" بـ6 كانون الثاني/يناير من عام 2020، عدم دعوة تونس إلى مؤتمر برلين لضبابيّة الموقف التونسيّ والتعاطي السلبيّ لسعيّد مع القرار التركيّ بالتدخّل العسكريّ في ليبيا من خلال التزامه الحياد وعدم اتخاذ موقف في هذا الشأن.
هذا وشارك كلّ من الصحفي يسري اللواتي والناشط قيس بوزوزية وسم "قيس سعيّد سافر أنت لست شجرة" على حساباتهم بموقع "فيسبوك" لدعوته إلى المشاركة في المشاورات الدوليّة حول ليبيا.