تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

العقوبات الأميركية تحول دون تمكّن المحتجّين الإيرانيين من التنظّم عبر الإنترنت

مع انحسار الاحتجاجات الإيرانية، يتّحد المشترعون الصقوريون والناشطون الحمائم في التعبير عن قلقهم من أن العقوبات الأميركية تعطّل قدرة المحتجّين على التنظّم.
GettyImages-1.jpg

ردّت إيران على موجة الاحتجاجات التي خرجت إلى العلن على مشارف العام الجديد، باللجوء إلى التضييق على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الرسائل الرائجة التي يستخدمها المتظاهرون الإيرانيون بهدف التنظّم. بيد أن الولايات المتحدة تسبّبت أيضاً بوضع تعقيدات أمام المحتجّين وجهودهم من خلال العقوبات التي عطّلت قدرتهم على التواصل والتعبئة عبر الإنترنت.

وقد أنشأ ائتلافٌ من المجموعات الناشطة التي تدعم تحسين العلاقات مع طهران، تحالفاً غير متوقَّع مع أعضاء الكونغرس الذين يتبنّون موقفاً صقورياً في الملف الإيراني، وذلك في محاولة لتصحيح التأثير المحبِط الذي مارسته العقوبات الأميركية على الشركات التكنولوجية الأميركية. وهم يحضّون معاً إدارة دونالد ترامب على منح مرونة أكبر للشركات الأميركية من أجل جعل مواقع التواصل الاجتماعي والمنصّات الرقمية متاحة أمام المواطنين الإيرانيين.

وقد حقّق النشطاء نجاحاً لافتاً في إقناع النائب إد رويس، جمهوري-كاليفورنيا، وهو رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، والنائب إليوت إنجل، ديمقراطي-نيويورك، وهو كبير الديمقراطيين في اللجنة، وكلاهما من أشدّ الداعمين لمنظومة العقوبات على إيران – نجحوا إذاً في إقناعهما بإدراج بند بهذا الخصوص في التشريع المندِّد بالقمع الإيراني للمتظاهرين. فالقرار غير الملزم الذي أُقِرّ في مجلس النواب الثلاثاء بـ415 صوتاً مقابل 2، "يشجّع الإدارة على التعجيل في منح التراخيص اللازمة لتزويد الإيرانيين بتكنولوجيا الاتصالات من أجل تحسين قدرتهم على التعبير عن آرائهم بحرّية"، كما "يدعو الشركات إلى رفض طلبات النظام بحجب مواقع التواصل الاجتماعي وسواها من منصّات التواصل عن الشعب الإيراني".

تبنّى تحالف الأميركيين الإيرانيين للشؤون العامة، في بيان صحافي، الفضل لنفسه في ممارسة ضغوط ناجحة على المشترعين من أجل إدراج البند المتعلّق بالإعفاء من العقوبات على التكنولوجيا. وقد أكّد معاون في البيت الأبيض تلك الرواية.

قال مراد غربان، مدير الشؤون والسياسات الحكومية في التحالف المذكور، لموقع "المونيتور": "تتمتّع وزارة الخزانة بالسلطة اللازمة للقيام بذلك. ما يستطيع الكونغرس فعله عن طريق التشريعات والرسائل وأمور من هذا القبيل هو تشجيع وزارة الخزانة على مراجعة هذه المسائل وإصدار تراخيص جديدة".

أضاف: "يتظاهر الإيرانيون ضد حكومتهم... ويستخدمون التكنولوجيا للتنظّم والتواصل مع العالم الخارجي. تحاول الحكومة الإيرانية إغلاق المنصّات التي يستخدمها الشعب لأجل هذه الغاية، ولذلك من المنطقي الآن أكثر من أي وقت مضى أن تبادر الحكومة الأميركية إلى مساعدة الإيرانيين على التنظّم من أجل التصدّي للمراقبة التي يتعرّضون لها، والتواصل مع العالم الخارجي".

أصدرت إدارة باراك أوباما ترخيصاً عاماً في العام 2014 يُجيز للشركات الأميركية تزويد المستخدمين الإيرانيين بخدمات مواقع التواصل الاجتماعي، والشبكات والبرمجيات الإلكترونية. غير أن ائتلاف المجموعات الناشطة يعتبر أنه منذ انتخاب ترامب، تنبّهت شركتا "آبل" و"غوغل" إلى أن الترخيص الصادر في عهد أوباما لا يمنحهما هامش تحرّك قانونياً مناسباً بما يُتيح للإيرانيين الوصول إلى منتجاتهما.

قال كولين أندرسون، مستشار السياسات العامة في تحالف الأميركيين الإيرانيين، لموقع "المونيتور"، إن الموقف الأشد صقورية الذي تبنّته إدارة ترامب في الشأن الإيراني جعل الشركات التكنولوجية الأميركية تُبدي تردّداً أكبر في الإفادة من الإعفاءات القائمة التي تتيح للأعمال والشركات تأمين خدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية وسواها من خدمات البرمجيات الإلكترونية في إيران.

يعلّق أندرسون: "يمكن إبطال التراخيص العامة، وبسرعة كبيرة، إذاً ليست هناك من ضمانات بأن الترخيص العام سيظلّ قائماً في عهد هذه الإدارة الصقورية"، مضيفاً: "إذاً السيناريو الأسوأ هو أن نتكبّد كل هذه المشقّة، ونجهّز كل هذه الخدمات، ونقوم بعين الصواب، ثم يتم إبطال الترخيص العام".

لقد عمل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي باطّراد على ترسيخ السيطرة على التواصل عبر الإنترنت في إيران إلى درجة أن طهران تمكّنت من أن تقطع لفترة وجيزة اتّصال الإيرانيين بشبكة الإنترنت عندما اندلعت الاحتجاجات في أواخر الشهر الماضي. كذلك حظرت إيران الوصول إلى تطبيق "تلغرام"، وهو عبارة عن تطبيق مشفّر لتبادل الرسائل، وموقع "إنستاغرام" وسواها من مواقع التواصل الاجتماعي في مسعى لتعطيل قدرة المحتجّين على التواصل والتنظّم. كذلك حُظِر تطبيق "سيغنال"، الذي يُعتبَر على نطاق واسع بأنه التطبيق المشفّر الأكثر أماناً لتبادل الرسائل.

المفارقة هي أن العقوبات الأميركية على النظام الإيراني ألقت بمزيد من القيود على قدرة المحتجّين على التعبئة، نظراً إلى أن أكثر من مئة تطبيق شائع الاستخدام وسواها من البرمجيات الإلكترونية التي تصنّعها الشركات الأميركية، غير متوافرة راهناً لاستعمالها من جانب الإيرانيين. على سبيل المثال، رفضت الشركات الأميركية تزويد الإيرانيين بتطبيقات الرسائل والتواصل مثل "جي مايل" و"غوغل هانغ آوتس" و"فايسبوك مسنجر" و"بريسكوب" خوفاً من العواقب القانونية الأميركية.

كذلك تحدّ العقوبات من قدرة الإيرانيين على الوصول إلى النسخات الأحدث من برمجيات مكافحة الفيروسات، ما يجعل الصحافيين والنشطاء تحت رحمة المقرصِنين المدعومين من الدولة.

هذا وقد عبّرت مجموعات ناشطة على غرار تحالف الأميركيين الإيرانيين، ومركز حقوق الإنسان في إيران، والمجلس الوطني الإيراني الأميركي وسواها، عن مخاوفها إلى إدارة ترامب من أن العقوبات دفعت بشركات على غرار "آبل" و"غوغل" إلى التوقّف عن تقديم الدعم للتطبيقات التي ابتكرها مواطنون إيرانيون خلال العام المنصرم. وقد زادت موجة الاحتجاجات الأخيرة من حدّة المشكلة.

كذلك انخرطت مجموعات ناشطة حمائمية في تحالفات غير متوقَّعة داخل مجلس الشيوخ.

وجّه السناتور ماركو روبيو، جمهوري-فلوريدا، والسناتور بوب منينديز، ديمقراطي-نيو جرسي، رسالة إلى وزير الخزانة ستيفن منوتشين، ووزير الخارجية ريكس تيلرسون الأسبوع الماضي، يطلبان فيها منهما "العمل مع الشركات التكنولوجية الأميركية لضمان وصول المحتجّين إلى الأدوات التي يحتاجون إليها لإسماع أصواتهم".

وجاء في الرسالة: "من شأن طمأنة الشركات التكنولوجية الأميركية إلى أنها لا تنتهك العقوبات الأميركية أن يقطع شوطاً طويلاً نحو ضمان قدرة الإيرانيين على الاحتجاج بحرّية ضد حكومتهم".

كانت المجموعات الناشطة قد وجّهت رسالة مماثلة إلى منوتشين وتيلرسون في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. لكنها ذهبت أبعد من روبيو ومنينديز، والتمست من إدارة ترامب منح الخدمات الرقمية في إيران مزيداً من الإعفاءات من العقوبات.

كتب ائتلاف المجموعات الناشطة في رسالته: "يبدو أن شركتَي آبل وغوغل أقدمتا على حذف تطبيقات الهواتف المحمولة التي طوّرها مستخدِمون إيرانيون، من متجرَيهما لتطبيقات الهواتف المحمولة (app stores)"، مضيفاً: "يشكّل ذلك عائقاً أمام التدفّق الحر للمعلومات والريادة الخاصّة بصورة مستقلّة عن الحكومة الإيرانية. ونعرب عن قلقنا من أن الخطوات التي أقدمت عليها آبل وغوغل فرضتها قوانين وتنظيمات العقوبات الأميركية المعمول بها راهناً".

ولفتت الرسالة إلى أن "اختفاء تطبيقات رائجة ابتكرها مطوِّرون إيرانيون شباب، وكانت متوافرة سابقاً للمستخدمين الإيرانيين، أثار هزّات ارتدادية لدى الإيرانيين الذين يستخدمون شبكة الإنترنت – وولّد لديهم شعوراً قوياً بأنهم يتعرّضون لعقاب غير عادل على خلفية النزاع الجيوسياسي الذي لا ينتهي فصولاً على ما يبدو بين حكومتهم والحكومة الأميركية".

وأشار أندرسون إلى أنه في حين أن وزارة الخزانة الأميركية تُسمّي بوضوح بعض البرمجيات الإلكترونية، مثل "آدوب" و"فلاش"، التي تستطيع الشركات تأمينها في إيران، قد لا يُجيز الترخيص العام الصادر في عهد أوباما لتلك الشركات نشر تطبيقات إيرانية الصنع على منصّاتها.

أضاف أندرسون لموقع "المونيتور": "في حالة التطبيقات التي طوّرها إيرانيون، وعلى الرغم من رد الفعل من المجتمع المدني، أعتقد أن شركتَي غوغل وفايسبوك محقّتان في الغالب في اعتبارهما أن التراخيص العامة لا تغطّي هذه التطبيقات". ولفت في هذا الإطار إلى أن "[الترخيص العام] يُتيح تصدير أدوات الخدمات إلى الإيرانيين. لكنه لا يتيح تصدير الخدمات التجارية، وربما يندرج تأثير استضافة الإيرانيين للتطبيقات في إطار استيراد الخدمات، وليس تصديرها".

امتنعت شركتا "آبل" و"غوغل" عن الإجابة على أسئلة "المونيتور" حول الأسباب التي دفعتهما إلى حظر التطبيقات المصنوعة في إيران وفرض قيود على بعض المنتجات. كذلك رفضت وزارة الخزانة الأميركية التعليق بشأن ما إذا كانت تتّخذ أية خطوات للتأكّد من أن الشركات التكنولوجية الأميركية تُتيح للإيرانيين الوصول إلى تطبيقاتها وبرمجيّاتها الإلكترونية.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in