تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

شوشحلة.. قرية أثريّة فريدة يسكنها ثلاثة أفراد فقط في بيت لحم

إلى الجنوب الغربيّ من بلدة الخضر والتي تبعد 5 كيلومترات عن مدينة بيت لحم، تقع قرية شوشحلة الأثريّة على سفح أحد الجبال، وتحيط بها وتطوّقها خمس مستوطنات إسرائيليّة هي سيدي بوعزّ، واليعازر، وأفرات، ونيفي دانيال، وكفار عتصيون، ويعيش في هذه القرية ثلاثة أفراد فقط هم رجل وزوجته وابنته.
image001.jpg

بيت لحم، الضفّة الغربيّة- إلى الجنوب الغربيّ من بلدة الخضر والتي تبعد 5 كيلومترات عن مدينة بيت لحم، تقع قرية شوشحلة الأثريّة على سفح أحد الجبال، وتحيط بها وتطوّقها خمس مستوطنات إسرائيليّة هي سيدي بوعزّ، واليعازر، وأفرات، ونيفي دانيال، وكفار عتصيون، ويعيش في هذه القرية ثلاثة أفراد فقط هم رجل وزوجته وابنته، لا يزالون يتمسّكون بأرضهم التي ورثوها عن أجدادهم والتي هاجروا منها منذ عشرات السنوات، بفعل المضايقات الإسرائيليّة، وتهديدهم بالقتل في حال استمرّوا بالبقاء فيها. ومع كلّ هذه التهديدات، ترفض هذه الأسرة الصغيرة ترك منزلها بعد أن عادوا اليه مطلع تسعينات القرن الماضي، على الرغم من الحياة البدائيّة التي تعيشها.

وتعاني قرية شوشحلة من الاعتداءات المستمرّة من قبل المستوطنين على سكّانها من خلال تدمير منازلهم، وكتابة الشعارات العنصريّة على جدرانها، وحرمان أهلها من أبسط مقوّمات الحياة، ودفع سكّانها إلى استخدام الوسائل البدائيّة في عمليّات التنقّل إلى المدن والقرى المجاورة، لتضييق الخناق على العائلة الوحيدة المتبقية فيها، وحثّها على ترك منزلها وأرضها.

وتتعرض القرية لعدة اعتداءات كان آخرها قيام قوة عسكرية إسرائيلية باقتحام قرية شوشحلة بتاريخ 29 تموز/يوليو 2017, وإجبار سكانها علي مغادرتها واخلاء منازلهم تحت تهديد السلاح وتحذيرهم من العودة والتواجد في منازلهم ليلاً, بحسب بيان صحفي لممثل هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم حسن بريجية.

مهنّد صلاح (37 عاماً) هو الفلسطينيّ الوحيد المتبقّي هو وعائلته في القرية، ويقول لـ"المونيتور" إنّ "قرية شوشحلة تمّ بناؤها في عام 1878 إبّان الحكم العثمانيّ على فلسطين، وتبلغ مساحتها 1200 دونم (الدونم الواحد يساوي ألف متر مربّع)، وتتواجد فيها 30 عائلة فلسطينيّة، قبل أن يقوم سكّانها بالهجرة منها في عام 1976 إلى بلدة الخضر المجاورة للقرية نتيجة الحروب الإسرائيليّة آنذاك، وخوفاً من قيام سكّان المستوطنات المجاورة بالاعتداء على الأهالي وقتلهم، فأقرب مستوطنة لا تبعد عنهم سوى 50 متراً عن القرية".

ويقول صلاح: "في عام 1992، عدت الي القرية بعد أن غادرها سكانها قبل عدة سنوات، حيث قمت بترميم منزل عائلتي وأجدادي، على الرغم من عدم توافر المياه والكهرباء فيها، فأعيش أنا وأسرتي حياة بدائيّة جدّاً في منزل مشيّد من الحجارة الصخريّة والطين، ونقوم بإضاءته باستخدام لمبة قديمة تعمل بواسطة الكاز، ونحصل على الماء من بئر قديم قمت بترميمه. ولطهي الطعام والتدفئة خلال فصل الشتاء، نستخدم الحطب والأخشاب المتوافرة، وأعتمد على تربية الطيور والأغنام وبيع ما تتمّ زراعته من محاصيل متنوّعة في أسواق بيت لحم، لكي أستطيع توفير ولو جزءاً بسيطاً من متطلّبات أسرتي المعيشيّة".

وتابع: "تحتوي القرية على مقبرة إسلاميّة ومسجد تاريخيّ قديم ومهدّم, حيث تم تسميتهما باسم "شوشحلة" تيمناً بالقرية التي تقع فيهما المقبرة والمسجد، وأقوم حاليّاً بإعادة إحياء القرية من جديد ودعوة سكّانها الأصليّين والذين يمكث غالبيتهم ببلدة الخضر المجاورة للعودة إليها والعيش فيها، لاستصلاح أراضيهم التي تركت منذ سنوات وفلاحتها، للحفاظ عليها، وإغلاق الطريق على أيّ محاولات إسرائيليّة لسرقة أراضي القرية".

وأضاف صلاح لـ"المونيتور": "أنا الفلسطينيّ الوحيد الذي ما زلت أحمل اسم قريتي شوشحلة في بطاقتي الشخصيّة، وأتعرّض أنا وعائلتي إلى مضايقات واعتداءات مستمرّة من قبل المستوطنين. وقد اعتقلت مرّات عدّة من قبل الجيش الإسرائيليّ، أذكر من بينها عندما قامت مجموعة من مستوطني مستعمرة كفار عتصيون بحرق منزلي عام 2016، وعندما قمت بالتوجه لتقديم شكوي للجهات الاسرائيلية جرى اعتقالي ولم يتم اطلاق سراحي الا بعد دفع غرامة مالية، وذلك لإجباري وإرغامي على ترك القرية ومغادرتها، لكنّني سأبقى محافظاً على هذه الأرض التي ورثتها عن أجدادي، ضدّ المطامع الإسرائيليّة التي تهدف إلى الاستيلاء على القرية".

وأردف: "على الرغم من عدد المستوطنات المحيطة بالقرية من الاتّجاهات كافّة، والتي يسكنها أكثر من 120 ألف مستوطن، إلّا أنّني لا أزال أمارس حياتي الطبيعيّة أنا وأسرتي، ولا أكترث للمضايقات الإسرائيليّة، فزوجتي وابنتي الوحيدة تساعداني على البقاء والتمسّك بهذه الأرض، على الرغم من افتقارنا إلى أبسط مقوّمات الحياة المعيشيّة".

وتقع قرية شوشحلة في المنطقة "ج" والتي تخضع إلى السيطرة الإسرائيليّة، وتشكّل هذه المنطقة 60% من أراضي الضفّة الغربيّة، حيث حافظت فيها إسرائيل على سيطرة شبه تامّة، وذلك عقب توقيع الاتّفاق الانتقاليّ في شأن الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة المعروف بـ"أوسلو 2" في عام 1995 بين إسرائيل ومنظّمة التحرير الفلسطينيّة، حيث قسّمت إسرائيل الضفّة الغربيّة إلى ثلاث مناطق: المنطقة "أ" والمنطقة "ب" والمنطقة "ج".

يقول ممثّل هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم حسن بريجية لـ"المونيتور" إنّ "شوشحلة هي قرية أثريّة وتاريخيّة، وقد وجدت أثار وشواهد لأختام عثمانيّة على جدران منازلها، وأراضي القرية هي أملاك خاصّة تعود إلى مواطنين فلسطينيّين"، وإنّ "الهيئة تساند عائلة صلاح لثباتهم وتمسكهم بالقرية ورفضهم مغادرة منزلهم، وتقف إلى جوارهم في وجه المخطّط الإسرائيليّ الذي يلاحق القرية ويسعى إلى تهويدها بشتّى الوسائل والطرق".

وأضاف: "قامت الهيئة باستصلاح أراضٍ زراعيّة عدّة في القرية، وترميم أكثر من أربعة منازل فيها لعودة عائلاتها إليها حيث تمّ إعداد مخطّط هيكليّ بمساعدة الجهات الحكوميّة لإيصال الكهرباء إلى القرية باستخدام الخلايا الشمسيّة خلال الفترة المقبلة، بهدف خلق حياة جديدة فيها، ولإيجاد حلول جزئيّة للمشاكل الكبيرة التي تواجهها القرية، للحفاظ على فلسطينيّة الأرض وموروثها الثقافيّ والتاريخيّ".

وأوضح: "نقوم بحشد الوفود والمتضامنين الفلسطينيين ومن مختلف أنحاء العالم ودعوتهم إلى زيارة الأراضي الفلسطينيّة التي تمّت مصادرتها أو المهدّدة بالاستيلاء عليها، من خلال القيام بغرس العشرات من أشجار الزيتون في هذه المناطق، للدفاع عن حقّ الفلسطينيّين في أرضهم، ومشاهدة الانتهاكات الإسرائيليّة على أرض الواقع، لإظهار تضامنهم مع الشعب الفلسطينيّ، ومناصرتهم له، وتعريف شعوبهم بحقيقة ما يحصل من انتهاكات إسرائيليّة مستمرّة".

تقول مديرة الآثار بوزارة السياحة والاثار الفلسطينية ببيت لحم إيمان الطيطي لـ"المونيتور" إنّ "شوشحلة هي معلم أثريّ وتاريخيّ هامّ، فالقرية توجد فيها معاصر عنب أثريّة، وآبار مياه، وقصور تراثيّة كقصر حنبل التراثيّ. ونحن نعمل حاليّاً على وضع خطّة متكاملة لترميم القرية، وتعزيز صمود أهلها، وحماية المعالم التراثيّة والثقافيّة فيها، كون القرية جزءاً من هويّتنا الفلسطينيّة".

وبيّنت الطيطي أنّ "المرحلة المقبلة ستشهد إطلاق مسار سياحيّ لزيارة قرية شوشحلة والتعرّف عن قرب على معالمها الأثريّة والتراثيّة، ومن بينها مسار ابراهيم الخليل والذي يمتدّ لمسافات طويلة من شمال مدينة جنين إلى جنوب مدينة الخليل، على الرغم من العراقيل التي قد تواجه هذا المسار، كون القرية تقع في المنطقة "ج" الخاضعة إلى السيطرة الإسرائيليّة".

وبحسب مركز المعلومات الإسرائيليّ لحقوق الانسان في الأراضي المحتلّة "بتسيلم"، فإنّ عدد المستوطنات الإسرائيليّة منذ عام 1967 وحتّى نهاية عام 2016 بلغ أكثر من 200 مستوطنة يسكنها نحو 600 ألف مواطن إسرائيليّ.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in