تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

مصير تفاهمات التهدئة بين "حماس" وإسرائيل عقب خسارة الليكود

تابعت "حماس" الانتخابات الإسرائيليّة أملاً في إحداث انعكاس إيجابيّ لنتائجها على الواقع الفلسطينيّ أو خشية التأثّر سلباً بها، لا سيّما في شأن مستقبل التفاهمات التي توصّلت إليها مع إسرائيل، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول مدى الالتزام الإسرائيليّ بها عقب خسارة حزب الليكود للانتخابات. السطور الآتية تنشغل بتوضيح تأثّر "حماس" سلباً أم إيجاباً بالانتخابات الإسرائيليّة، وهل ترى في نتائجها انتكاسة لتفاهماتها مع إسرائيل أم تعيد تجديدها مع حكومة أزرق-أبيض، وسبب عدم تحمّسها لفوز الجنرالات في الانتخابات، وارتباطه بدعواتهم إلى وضع حدّ لتنامي قدراتها العسكريّة ومطالبتهم بتنفيذ عمليّة عسكريّة واسعة في القطاع لإعادة السلطة الفلسطينيّة إليه؟
GAZA CIY, GAZA - SEPTEMBER 02: Head of the Political Bureau of Hamas Ismail Haniyeh attends the commemoration ceremony for the three policemen in two suicide bomb attacks and in Gaza City, Gaza on September 02, 2019.  (Photo by Mustafa Hassona/Anadolu Agency via Getty Images)

 حظيت الانتخابات الإسرائيليّة، التي جرت في 17 أيلول/سبتمبر، بمتابعة فلسطينيّة حثيثة، سواء أكان من قبل السلطة الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة أم "حماس" في غزّة، على اعتبار أنّها ليست شأناً إسرائيليّاً داخليّاً، في ظلّ أنّ نتائجها ستلقي بتأثيراتها على الواقع الفلسطينيّ.

ويمكن تتّبع سلسلة من ردود الأفعال الصادرة عن "حماس" حول مجريات العمليّة الانتخابيّة الإسرائيليّة، قبل إعلان النتائج وبعده، الأمر الذي يشير إلى الاهتمام الذي أولته الحركة لهذه الانتخابات، وتأثيراتها المتوقّعة على الواقع الأمنيّ والسياسيّ والاقتصاديّ في غزّة، لا سيّما مستقبل التفاهمات التي أبرمتها "حماس" مع إسرائيل بطريقة غير مباشرة بوساطة قطريّة - مصريّة أمميّة منذ تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2018.

وقال المتحدّث باسم "حماس" حازم قاسم لـ"المونيتور": "إنّ الانتخابات الإسرائيليّة أظهرت أنّ الأحزاب الإسرائيليّة المتنافسة تحرّض على العدوان على قطاع غزّة، وضمّ الضفّة الغربيّة، وتدنيس المسجد الأقصى، فحماس لا تراهن على فوز فريق في إسرائيل على آخر".

أضاف: "إنّ التفاهمات تمّت بين الفصائل ودولة الاحتلال بوساطة مصريّة، وليس مع حزب الليكود. وبغض النظر عمّن سيقود إسرائيل بعد الانتخابات، فإنّ حماس ستواصل العمل بكلّ الطرق لكسر حصار غزّة. لقد سمعنا من كلّ الأحزاب الإسرائيليّة تهديدات بمهاجمة غزّة. وكما أنّ نتنياهو نفسه شنّ حروباً ضدّنا، فإنّ منافسه الجنرال بيني غانتس زعيم حزب أزرق-أبيض قاد حرب غزّة في عام ٢٠١٤، ونعتبرهما متساويين في العدوان على القطاع".

إبداء "حماس" عدم اهتمامها بالنتائج التفصيليّة للانتخابات الإسرائيليّة قد يكون الهدف منه إظهار عدم تفريقها بين مكوّنات الحلبة السياسيّة والحزبيّة الإسرائيليّة، وهو أمر يبتعد عن الواقع السياسيّ الحقيقيّ، لأنّ "حماس" أبرمت تفاهمات التهدئة مع اليمين الإسرائيليّ في عام 2018، وأنجزت معه صفقة تبادل أسرى في عام 2011.

تعلم "حماس" جيّداً أنّ في عالم السياسة قد ينشأ تلاقي مصالح بين الأعداء، فالحركة لا تبدي تساهلاً بالتنازل عن سيطرتها على غزّة، في حين أنّ الليكود الإسرائيليّ ليس مستعجلاً لإعادة السلطة الفلسطينيّة إلى القطاع.

السلطة الفلسطينيّة اتّهمت "حماس" بمساندة حزب الليكود في الانتخابات، وقالت صحيفة "الحياة الجديدة" الناطقة باسم السلطة، في 12 أيلول/سبتمبر: إنّ سياسة "حماس" في غزّة تخدم نتنياهو لضمّ غور الأردن.

واعتبر وزير الأسرى السابق في السلطة الفلسطينيّة أشرف العجرمي، في مقاله بصحيفة "الأيّام"، بـ18 أيلول/سبتمبر، أنّ نجاح نتنياهو مع اليمين المتطرّف في تركيب الحكومة المقبلة سيجعل التعامل مع غزّة أقلّ قسوة بسبب رغبته في الحفاظ على حكم "حماس" فيها، رغم أنّ "حماس" لم تحصل على ما تريد من تفاهمات التهدئة. وفي حال تشكيل حكومة برئاسة غانتس، فالأرجح أن تذهب إلى حرب على غزّة لإسقاط حكم "حماس".

من جهته، أشار رئيس تحرير شبكة "الهدهد" للشؤون الإسرائيليّة سعيد بشارات خلال حديث لـ"المونيتور" إلى "أنّ حماس كانت الحاضر الغائب في الانتخابات الإسرائيليّة، وكان لتعاظم قوّة حماس ومساسها بقوّة الردع الإسرائيليّة أثر على تراجع شعبيّة نتنياهو والليكود"، وقال: "إنّ مستقبل التفاهمات في غزّة بين حماس وإسرائيل مرتبط بجديّة الجهات الراعية لها، وحرصها على التوصّل إلى حلّ مشكلة حصار قطاع غزّة. وفي حال أقيمت حكومة وحدة وطنيّة إسرائيليّة، فإنّ التفاهمات ستبقى تراوح مكانها بين تنفيذ كامل وتلكّؤ أحياناً. أمّا إن شكّل طرف إسرائيليّ انفراديّ الحكومة المقبلة، فسيكون صعباً عليه التنكّر للتفاهمات بسبب الرعاية الإقليميّة والدوليّة لها، لكنّ تطبيقها سيكون بطيئاً".

ليس سرّاً أنّ "حماس" معنيّة بأن تلتزم أيّ حكومة إسرائيليّة مقبلة بالتفاهمات المتّفق عليها سابقاً، فضلاً عن تطويرها وتحسينها. وربّما تعلم الحركة أنّ الأمر قد يكون متاحاً في حال عاد التحالف اليمينيّ الإسرائيليّ الحاكم ذاته، رغم صعوبة تحقّق ذلك، في ضوء النتائج الصعبة التي أتت بها الانتخابات الإسرائيليّة.

أمّا في حال تشكيل حزب أزرق-أبيض الحكومة الإسرائيليّة المقبلة بصورة انفرادية فهو تطور يحتمل خياران: إما أن يطوي صفحة هذه التفاهمات، بحيث تضطرّ "حماس" إلى البدء من جديد مع حكومة جديدة وسياسة مختلفة عن سابقتها، في ظلّ ظروف اقتصاديّة بالغة السوء تشهدها غزّة ، أو يواصل العمل بهذه التفاهمات بسبب الرعاية الإقليمية والأممية لها.

وقال رئيس تحرير صحيفة "الاقتصاديّة" في قطاع غزّة محمّد أبو جياب لـ"المونيتور": "إنّ حماس فضّلت نجاح نتنياهو في الانتخابات، لأنّه سيشكّل أملاً كبيراً في تنفيذ تفاهمات غزّة، لكنّ النتائج جاءت معاكسة، فجنرالات حزب أزرق-أبيض سيتعاملون مع غزّة وفق توجّهات أمنيّة وعسكريّة، الأمر الذي يزيد خشية حماس من التأثير السلبيّ على مستقبل التفاهمات مع إسرائيل".

أضاف: "إنّ التوقّعات داخل حماس ترجّح انسداد الأفق في خصوص فكّ الحصار وتخفيف الإجراءات الاقتصاديّة تجاه غزّة. كما أنّ رجال الأعمال في غزّة لا يتوقّعون فرصاً أفضل حول الانفتاح الاقتصاديّ مع إسرائيل بسبب نتائج الانتخابات. وقد يغيب التفاؤل بحلحلة الواقع الاقتصاديّ في غزّة ،بما فيها حقائب الأموال القطرية التي تصل غزة شهرياً ضمن رزمة التفاهمات التي توزع على العائلات الفقيرة".

صحيح أنّ الانطباع الأوليّ داخل "حماس" يشير إلى تشاؤم من فرص الاستمرار في تطبيق التفاهمات مع إسرائيل إن جاءت حكومة يقودها حزب أزرق-أبيض، لكن قد يبقى بصيص أمل بأن تؤدّي هذه الحكومة دوراً إيجابيّاً في دفع التفاهمات إلى الأمام.

ما قد يرجّح هذه الفرضيّة لدى "حماس" أنّ قناعة قادة الجيش الإسرائيليّ وأجهزته الأمنيّة، الذين يرتبطون بعلاقات وثيقة مع جنرالات حزب أزرق-أبيض، تكمن في أنّ حلّ مشكلة غزّة يتعلّق بالبحث عن مسارات اقتصاديّة ومعيشيّة، بجانب المسارات الأمنيّة والعسكريّة التي يمكن تأجيلها بانتظار اكتمال عناصر تنفيذ عمليّة عسكريّة واسعة على قطاع غزّة، سواء أكان للإطاحة بـ"حماس" كليّاً أم للقضاء على مقدّراتها العسكريّة.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in