ريف حلب الشمالي، سوريا — أعلنت مديريّة السلم الأهليّ والمهجّرين التابعة للمجلس المحليّ في مدينة رأس العين شماليّ محافظة الحسكة - شمال شرق سوريا، بـ7 كانون الثاني/يناير من عام 2020، أنّها مستعدّة لنقل اللاّجئين من أبناء المنطقة، الذين يقيمون في تركيا، ومساعدتهم من أجل العودة إلى مناطقهم التي سيطر عليها الجيشان التركيّ والوطنيّ السوريّ التابع للجيش الحرّ، في إطار عمليّة "نبع السلام"، التي انطلقت في 9 تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2019.
وقال مسؤول مديريّة السلم الأهليّ والمهجّرين في المجلس المحليّ بمدينة رأس العين عبد الكريم محمّد لـ"المونيتور": "نسعى من خلال مديريّة السلم الأهليّ والمهجّرين في المجلس المحليّ إلى تقديم الخدمات كافّة إلى اللاّجئين العائدين إلى منطقة رأس العين، وذلك من خلال تأمين نقل مجانيّ للمقيمين في ولاية أورفا وبقيّة الولايات التركيّة، شرط أن يتجمّعوا في المكان والموعد اللذين تمّ تحديدهما في الإعلان، وستكون هناك مواعيد متتالية خلال الفترة المقبلة لنقل اللاّجئين الراغبين في العودة. لقد تمّ بالفعل نقل الدفعات الأولى من اللاّجئين، وهم بالمئات، إلى منطقة رأس العين في 10 كانون الثاني/يناير. ليست هناك إحصائيّة دقيقة حول أعداد اللاّجئين الذين عادوا حتّى الآن، فهناك دفعات أخرى من اللاّجئين سينقلون تباعاً. الباب مفتوح لكلّ من يرغب من اللاّجئين في العودة، الدخول سيكون بشكل دائم من معبر تلّ أبيض، ثمّ يتمّ نقلهم إلى منطقة رأس العين لكي يعودوا إلى ديارهم وقراهم".
أضاف: "لا يوجد أيّ شروط لعودة اللاّجئين من تركيا، فبمجرّد حصول العائلة على تصريح من إدارة الهجرة التركيّة في ولاية شانلي أورفا يستطيع اللاّجئ وعائلته العبور من بوّابة تلّ أبيض الحدوديّة".
وتابع: "طبعاً، إنّ عودة اللاّجئين لا تقتصر على منطقة رأس العين شماليّ محافظة الحسكة فقط، بل تشمل أيضاَ الراغبين في العودة إلى ديارهم بمنطقة تلّ أبيض شماليّ محافظة الرقّة - شمال شرق سوريا، فهما منطقتان تمّ تحريرهما من قبل الجيش الوطنيّ التابع للجيش الحرّ والجيش التركيّ، في إطار عمليّة نبع السلام، ونعتقد أن عودة الناس ستكون كثيفة خلال عام 2020. إنّ المنطقة مقبلة على مرحلة من الاستقرار ونكثّف جهودنا في مختلف القطاعات الخدميّة في منطقة رأس العين للنهوض بها والاستعداد لتقديم الخدمات إلى أكبر عدد ممكن من الناس".
من جهته، قال محمّد السالم، وهو لاجئ سوريّ مقيم في ولاية شانلي أورفا التركيّة، لـ"المونيتور": "لديّ رغبة في العودة إلى مدينة رأس العين، لكنّ الحياة المعيشيّة فيها صعبة جدّاً فلا تتوافر فيها الخدمات الأساسيّة بشكل جيّد من ماء وكهرباء منذ تحريرها إلى الآن. أضف إلى ذلك، صعوبة تأمين المحروقات والموادّ الغذائيّة، مع انعدام فرص العمل، فربّما أعود إلى المنطقة بعد توافر الخدمات وتحسّن الواقع المعيشيّ، لكنّ الآن لا أفكّر بالعودة".
وتحدّث "المونيتور" مع الناشط الإعلاميّ علي أحمد النجّار المتواجد في مدينة رأس العين، فقال: "إنّ منطقتيّ تلّ أبيض ورأس العين شمال شرق سوريا لا تزالان في حاجة ماسّة إلى الكثير من الجهود الخدميّة والأمنيّة لكي تعود الحياة إلى طبيعتها، جزء كبير من الخدمات والمرافق العامّة تحتاج إلى إعادة تأهيل، وهذا الأمر يتطلّب فترة زمنيّة أطول ومساعي مستمرّة".
وأشار الناشط الإعلاميّ أبو الكرم الحلبي، الذي يتنقّل بين منطقتيّ تلّ أبيض ورأس العين شمال شرق سوريا، في حديث لـ"المونيتور"، إلى أنّ "المجالس المحليّة في منطقة نبع السلام تسعى، بشكل مستمرّ، إلى توفير الخدمات لتحسين الواقع الخدميّ، فالمدارس بغالبيّتها افتتحت أخيراً، والأفران كذلك. وأصبحت هناك مشافٍ تعمل، والبلديّات تقوم بتنظيف الطرقات، والمياه باتت مؤمّنة في قرى المنطقة وبلداتها بغالبيّتها، وهذا سيساهم في تشجيع اللاّجئين على العودة، لكنّ اللاّجئين يطمحون إلى أن تصبح المنطقة مستقرّة بشكل كامل ويتحسّن الوضع الأمنيّ فيها، إلى جانب الخدمات الأساسيّة وتوافر فرص أوسع للعمل".
من جهته، قال رئيس المجلس المحليّ في منطقة تلّ أبيض بريف الرقّة الشماليّ وائل الحمدو لـ"المونيتور": "إنّ المجلس المحليّ في مدينة تلّ أبيض، مع مديريّة السلم الأهلي والمهجّرين، يقدّم كلّ خدماته إلى الأهالي الراغبين في العودة إلى منازلهم داخل المدينة والقرى المحيطة. وإنّ العائدين في غالبيّتهم من أبناء مدينة تلّ أبيض، فبعضهم لجأ إلى تركيا بحثاً عن العمل، وبعضهم الآخر خرج بسبب وضعه الأمنيّ أثناء سيطرة قوّات سوريا الديمقراطيّة على المنطقة".
أضاف: "إنّ المجلس المحليّ دعا جميع اللاّجئين من أبناء المنطقة للعودة إلى منازلهم، فالباب مفتوح أمامهم متى رغبوا في ذلك، لكنّ نسبة العائدين متوسّطة، وليست على النحو المطلوب، بسبب التزام الأبناء في المدارس وأعمال ذويهم في بلد اللجوء في تركيا، لكن خلال الأشهر المقبلة سيرتفع عدد الوافدين إلى منطقة نبع السلام بشكل أكبر. نتوقّع الزيادة الكبيرة في العائدين خلال الصيف المقبل، فالكثير منهم سوف ينهي أعماله في تركيا ويكون الدوام في المدارس قد انتهى".
وأكّد مدير المكتب الإعلاميّ في المجلس المحليّ لمنطقة تلّ أبيض أمين العبد خلال حديث لـ"المونيتور" "عودة مئات العائلات اللاّجئة في تركيا إلى مدينة تلّ أبيض بعد سيطرة قوّات الجيش الوطنيّ عليها، والمكتب الخدميّ في المدينة يقوم بإصلاح شبكات المياه والكهرباء لتأهيلها مجدّداً وإيصالها إلى منازل المدنيّين"، وقال: "لدى المجلس المحليّ خطّة سنويّة لإعادة تفعيل الخدمات. وخلال فترة وجيزة، يستطيع النهوض بالمنطقة خدميّاً، لكن هناك معوقات عدّة تساهم في تأخّر الخدمات عن المنطقة، أبرزها: وقوع المنطقة في نقطة محاصرة غير مفتوحة مع بقيّة مناطق الجيش الوطنيّ التابع للجيش الحرّ، إلى جانب تدهور الوضع الأمنيّ بسبب عبث ونشاط عملاء قوّات سوريا الديمقراطيّة في المنطقة، وذلك من خلال تنفيذ تفجيرات وعمليّات إرهابيّة تسهم إلى حدّ كبير في إثارة الفوضى والقلق بين الناس".
بدوره، قال المنسّق الإعلاميّ في الجيش الوطنيّ التابع للجيش الحرّ يحيى مايو لـ"المونيتور": "إنّ الحكومة التركيّة تشجّع على عودة اللاّجئين السوريّين المقيمين في أراضيها إلى منطقة نبع السلام - شمال شرق سوريا، وهي تدعم في سبيل ذلك كلّ الخدمات في المنطقة، وتحاول بالتعاون مع المجالس المحليّة توفير البيئة الآمنة لإنجاح المساعي".